الثلاثاء 2016/12/20

آخر تحديث: 19:19 (بيروت)

عرّفوا بالوزيرة الوحيدة فقالوا: طليقة فلان وأخت فلان

الثلاثاء 2016/12/20
عرّفوا بالوزيرة الوحيدة فقالوا: طليقة فلان وأخت فلان
increase حجم الخط decrease
بدا أن الوزيرة عناية عز الدين، أتت الى الحكومة من حيث لم يدر ولم يتوقع أحد. فهي غير معروفة بتاتاً في الحقل السياسي، رغم أنها عضو في المكتب السياسي لحركة أمل. ربما هذا ما دفع شاشات عديدة، في سعيها للبحث عن أصولها وجذورها، إلى لتعريف عنها بذكر اسم طليقها وأخيها الشهيد. 

ومع أن الوضع العائلي يذكر في السيرة الذاتية لكل الوزراء، إلا أن الشاشات لم تضىء عليه إلا في حالتها، وكأنما تعداد مؤهلاتها لا يكفي للتعريف عنها، ولا يغني عن نسبها إلى ذكر "ما"، حتى لو كان مروره سابقاً في حياتها كطليق، حيث نبش موقع الكتروني في السجل العائلي، ليكشف أن طليقها هو السيد حسن فران.

العقلية اللبنانية في التعاطي مع حدث مشابه، تشير الى ذكورية مستفحلة في التعاطي مع ملف يجب أن يكون عادياً، أو على الاقل، متساوياً مع مقاربة ملفات 29 وزيراً آخر. فوجوب أن يقرن بعض وسائل الاعلام إسمها بذَكَر، يكشف أن حجم النبض الذكوري، يرفض ضمناً امرأة لكفاءاتها، أو لموقعها في الحيّز العام. وهو سلوك يتخطى فكرة التمييز، ليصل الى العنصرية الجندرية. 

عدا ذلك، احتار المعلقون في مواقع التواصل الاجتماعي في أمرها، فأثنى بعضهم عليها وعلى شهاداتها وكفاءتها وعصاميتها، فيما لفت غيرهم إلى أن كل هذه اللائحة من المؤهلات لن تستثمر ولن يُستفاد منها، لأن صاحبتها عُيّنت وزيرة دولة، أي بلا حقيبة وبلا وزارة وبلا مبنى وزارة، وبلا مكتب أو فريق أو آليّات عمل تمكنها من محاولة البدء بالتنمية الإدارية، التي ليست من اختصاصها. وهو الأمر الذي يدل على العقلية التي تحكم تعاطي الطبقة الحاكمة مع المناصب العامة، فإن لم توزعها كحصص ومغانم، وزّعتها كما لو كانت جوائز. 

الغريب في الأمر هو أن العديد من المعلقين باركوا للوزيرة عز الدين توليها هذا المنصب، معتبرين أنها تستحقه وتستأهله بجدارة، على الرغم من اعترافهم بأنه بعيد عن حقل تخصصها وخبرتها، وهو حقل الصحة الذي تحمل فيه بدلاً من الشهادة الواحدة، باقة من الشهادات العليا. وكأنما استسلموا إلى استحالة تحقيق الحلم بأن يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، على الأقل في المدى المنظور، وإلا لكانوا اعتبروا أن توزيرها في وزراة لا تدخل ضمن اختصاصها هو هدر لطاقاتها، لا تستأهله ولا داعي لتهنئتها به. لكن الجميع يعلم كيف تشكلت كل الحكومة، وكيف استحدثت ست وزارات لا عمل لها سوى تحقيق التوازن بين الحصص، وملء الفراغ حيث تدعو الحاجة. 

لعل تعيين عز الدين في هذا المنصب كان له دوران، أحدهما استكمال حصة الرئيس بري في حكومة الستة وستة مكرر، أما الثاني والأهم فهو توجيه ضربة معلّم مخضرم ومحنك. ففي حين كان يتم تداول أسماء معظم الوزراء الرجال منذ أسابيع، بقي إسم الوزيرة عز الدين مكتوماً وسرياً حتى لحظة إعلان التشكيلة الحكومية، وقد أوضحت في اتصال أجرته معها قناة OTV في صباح اليوم التالي لتسميتها، أنها علمت بتوزيرها في اليوم السابق، لكنها التزمت بكتمان الأمر فلم تخبر حتى ابنتيها به، وذلك نزولاً عند رغبة الرئيس بري، الذي أراد على ما يبدو أن يقدّم مفاجأة، لا ينفك يخلقها بين حين وآخر، فيفاجىء اللبنانيين عموماً، والناشطين في المجتمع المدني خصوصاً، بمواقف تحرجهم وتتركهم حائرين مشككين، كمواقفه من إلغاء الطائفية السياسية وقانون الأحوال الشخصية المدنية.  

غير أن مفاجأة بري، هذه المرة، أحرجت الرئيس الحريري الذي سمّى رجلاً ليتولى وزارة تعنى بشؤون المرأة. فيما استنكر معلّقون استحداث وزارة لشؤون المرأة، بمعزلٍ عن توليها من قبل رجل أو إمرأة، معتبراً أن حقوق المرأة ليست شأناً فئوياً وإنما هي شأن اجتماعي عام يدخل ضمن منظومة حقوق الإنسان، ويفترض أن تتم ترجمته في كل الوزارات والمَرافق العامة والخاصة، وبالتالي لا داعي لفرز وزارة خاصة بشؤون المرأة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها