الأحد 2017/01/29

آخر تحديث: 17:47 (بيروت)

الفيتامين يشحن بطارية الكومبيوتر والخليوي!

الأحد 2017/01/29
الفيتامين يشحن بطارية الكومبيوتر والخليوي!
increase حجم الخط decrease
كادت السنة الجارية تسجّل نفسها كسنة للاخفاق في بطاريات الكومبيوتر والخليوي، خصوصاً مع الفشل التراجيدي لبطارية هاتف "سامسونغ نوت 7" التي اقتربت من صورة القنبلة في الاشتعال والانفجار!
لكن... مهلاً! هناك انجاز ضخم شهدته السنة الجارية أيضاً في مجال تطوّر البطاريّة. وتمثّل الأمر في صنع بطارية تعمل بواسطة الفيتامين، فكأنها كائن حيّ! 

وأبعد من مجرد الممازحة، هناك مجموعة كبيرة من التقنيات التي يرتبط مصيرها بصورة وثيقة بالبطارية، فلا يكون أمر "بطارية الفيتامين" مجرد خبر يثير الابتسام. في صناعة السيّارات، ينتظر صنّاع تلك المركبات بتلهف لا حدود له، نتائج البحوث الواسعة التي تتناول البطارية. إذ أن كل شيء جاهز للانتقال إلى السيّارة الكهربائيّة، سوى حل الإشكاليات المضنية المتّصلة بالبطارية. يحلم الكل ببطارية تدوم طويلاً، وتشحن بسرعة، وتستطيع الاحتفاظ بكميات كبيرة من الكهرباء. 

في عوالم الكومبيوتر والـ"لاب توب" والـ"تابلت" والـ"آي بود" والكاميرا وغيرها، لا شيء أكثر سحراً أيضاً من الحديث عن بطارية قوية تدوم طويلاً. والأرجح أنه يسهل على معظم الجمهور تصوّر آفاق ظهور بطارية تلاقي تلك الأحلام. 

وقبل أسابيع قليلة، عرض فريق بحوث يعمل في "جامعة تورنتو" بكندا، بطاريّة أثارت خيالات واسعة. إذ تمكّن ذلك الفريق الذي قاده البروفسور دوايت سفيروس، من صنع بطارية ليثيوم (تشبه تلك التي يستخدمها معظم الناس في الراديو والـ"ريموت كونترول" ومعظم الأجهزة الإلكترونيّة) تعمل بواسطة الفيتامين، تحديداً "فيتامين ب 2" الذي يعرف علميّاً بإسم "رايبوفلافين" Riboflavin. وتمحوّر الاكتشاف على توظيف تركيبة الـ"رايبوفلافين" كي تصبح قادرة على العمل كقطب سالب في البطارية ("كاثود" Cathode). وفي البطارية، تخزّن معظم الشحنة الكهربائيّة في القطب السلبي الذي يتولّى أيضاً إطلاق تلك الكهرباء عند تشغيل تلك البطارية في الأجهزة الإلكترونيّة. 

وأوضح البروفسور سفيروس أن الفيتامين "ب 2" يتميّز بهيكل كيماوي فائق التعقيد، ما يجعله أشبه بدهاليز متشابكة تختزن في متاهاتها الشحنات الكهربائيّة. ولفت سفيروس إلى أن ذلك الفيتامين متوافر بكميات وافرة في الطبيعة، كما يمكن تقليده صناعيّاً بسهولة، وهو أمر تفعله شركات الأدوية منذ بداية تصنيع الفيتامينات. وبذا، تمكّن فريق سفيروس من صنع ما يشبه اللدائن المصنوعة من الـ"رايبوفلافين". ونظراً لقدرتها الكبيرة في تخزين الشحنات الكهربائيّة، استخدمت تلك اللدائن بديلاً للكوبالت لتكون قطب الـ"كاثود" في بطارية الليثيوم.

وتحصل الفريق على الكميات المطلوبة من فيتامين "ب 2" عبر تغذية مجموعة من الفطريات التي تفرز ذلك الفيتامين. ثم عمد الفريق إلى استخدام مواد اصطناعيّة معيّنة لـ"ربط" جزيئات ذلك الفيتامين بعضها بعضاً. وبذا، تحصّلوا على سلاسل طويلة تماماً من الـ"رايبوفلافين"، كان صالحة لتخزين شحنات كهربائيّة كبيرة في ثناياها. وبنبرة لم تخل من المزاح، أوضح سفيروس أنّ تلك المادة مأمونة تماماً، بل أنها "قابلة للأكل، عند الضرروة"، ما يعني أنها لا تمثّل ثقلاً على الطبيعة عندما تنتهي مدّة البطارية بل تذوب في الطبيعة وموادها بسهولة، على عكس مادة الكوبالت التي هي نادرة وثمينة وغير قابلة للتحلّل و... سامة.

وأشار سفيروس إلى أن بطارية الفيتامين "ب 2" تعتبر قفزة ضخمة في مسار صنع بطاريات قويّة تكون مصنوعة كليّاً من مواد طبيعيّة تماماً، مع توقّع أن تكون فائقة الخفة وحتى شفافة، ما يتناسب مع تطوّر الأدوات التقنيّة خصوصاً تلك التي يشار إليها بإسم "التقنيات القابلة للارتداء" ("ويرابل تكنولوجيز" Wearable Technologies)، على غرار سوار "فِت بِت" Fit Bit الصحي، وساعة "آبل" Apple Watch للاتصال بالانترنت، و"نظارة غوغل" Google Glass للواقع الافتراضي وغيرها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها