السبت 2016/11/19

آخر تحديث: 14:45 (بيروت)

"في-مايل" تطلق وثيقة لصورة إعلامية متوازنة للمرأة.. وغاب النقاش

السبت 2016/11/19
"في-مايل" تطلق وثيقة لصورة إعلامية متوازنة للمرأة.. وغاب النقاش
جوّ الاندفاع والحماس غاب عنه شرح كيفية الجانب التخطيطي والتنفيذي الذي تستوجبه ترجمة الوثيقة (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
لم تُفضِ بنود وثيقة العمل التي أعدتها منظمة "في- مايل" والتي تهدف إلى إحقاق صورة متوازنة للمرأة لناحية كيفية إظهارها في وسائل الإعلام والإعلانات في لبنان، إلى رؤية واضحة تتيح تلمّس السبل وآليات تنفيذ ما وضعته  المنظمة النسوية في إطار ما طرحته كبديلٍ منشود لواقع تسليع واستغلال وتهميش وتنميط المرأة في البرامج الإعلامية والمواد الفنية والإعلانية، والذي لم يعد من وجهة نظر المنظمة منفصلاً عن دائرة العنف اليومية المحيطة بالنساء في لبنان.


الوثيقة التي تمّ إطلاقها رسمياً، الجمعة، في جوٍ غلب عليه الاندفاع والحماس والحيوية، بدت واعدة لناحية الفكرة والمحتوى. إلا أن الانطباع الذي ساد بأن هناك غياب لشرح كيفية الجانب التخطيطي والتنفيذي الذي تستوجبه ترجمة الوثيقة لناحية فرضها تشريعات قانونية وكيفية إنفاذها ومواءمتها لتصبح تشريعات وبروتركولات ومواثيق أخلاقية، باعتبار التنفيذ هو الجسر الذي يصل المقترحات والتصورات بالناحية الاجرائية والعملية، كي تأخذ طريقها إلى مجلس النواب بالتنسيق مع شركات الإعلان ووسائل الإعلام.

وإذ تدرك المنظمة أنّ مسؤولية إنتاج صور متوازنة ومتنوعة حول الجنسين في الاعلام والاعلان اللبناني خالية من التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي والصور النمطية المسيئة بحق الفئات الضعيفة والمهمشة والنساء، هي مسؤولية تقع على العديد من الأطراف الفاعلة في المجتمع اللبناني، إلا أن ما جاء في الوثيقة من بنود عمل اقترحتها  المنظمة على وسائل الاعلام وشركات الاعلان ومنظمات المجتمع المدني والأطر الرسمية مثل وزارة الاعلام والنقابات والمجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع، افتقرت للخطة التنفيذية الواضحة خصوصاً لناحية تفعيل الجانب التوعوي والتثقيفي وتحشيد الرأي والإقناع، عن طريق الإمكانية الواقعية لتحقيق مجموع ما اندرج في الوثيقة من بنود.

وعلى الرغم من أن المنظمة خصصت حفلها للإعلان عن إطلاق الشبكة الوطنية لتغيير صورة النساء في الإعلام والإعلان والمستندة أساساً على الوثيقة المذكورة، فقد كان مستغرباً غياب نقاش ما جاء فيها، وهو ما كان يتوقعه الحضور وذلك من مبدأ الإطلاع وإبداء الرأي خصوصاً من قبل ممثلين عن الجهات التي تستهدفها وثيقة العمل، من وسائل إعلام وشركات إعلانية ومنظمات وجمعيات مدنية وشخصيات عامة مؤثرة في الأطر الرسمية، والذين خلى الحفل والمنصة من حضورهم.

هل قُدّر للنساء البقاء رهينات للتسليع والاستغلال والإثارة والتهميش والتنميط؟ هل هذا الواقع منفصل عن دائرة العنف اليومية التي تحيط بالنساء؟ هل يعي المشاهدون حجم الاستغلال والتشويه الذي تتعرض له المرأة في لبنان؟ أم باتت هذه الصورة بحكم أسر المشاهدين والمشاهدات بالصورة النمطية والتسليعية التي أنتجها الفكر الذكوري السائد والذهاب خلف الربح السريع؟ أسئلة اختزلت أوجه عديدة من ما تتعرض له المرأة في لبنان طُرحت في مقدمة الحفل وبقيت معلقة دون أجوبة، ودون أن يُفتح المجال لنقاشها وطرح أسئلة استطرادية مقابلة، كانت على الأغلب ستحمل وجهات نظرٍ متعددة تغني النقاش وتضفي عليه صبغة أكثر جدية وعملانية، ما فوّت على المنظمة فرصةً لتطعيم ما قدمته من أفكار وتنقيتها،و أظهرها وكأنها عالقة في دوامة الأفكار النظرية، في ما بدا وكأنه أقرب إلى الشعارات والعناوين البراقة والفضفاضة. علماً أن معظم ما تم طرحه في الوثيقة مستقى من دراسة أكاديمية واحدة أجرتها الباحثة وأستاذة الإعلام في الجامعة اللبنانية نهوند القادري.

المنظمة التي انطلقت منذ 3 سنوات خلت وبمبادرة من مجموعة ناشطات نسويات، وضعت نصب عينيها العمل على تحسين صورة المرأة في الإعلام والإعلان، وطرحت من خلال هذا الحفل قضايا وأمثلة في غاية الأهمية، لكن الطريق يبدو وعراً وشائكاً أمام تحقيق ما تصبو إليه، في حال عدم تطوير النظرية بمجملها والسير بواقعية نحو الأهداف القابلة للتحقيق. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها