الأحد 2016/10/09

آخر تحديث: 17:02 (بيروت)

عاشوراء 2016: النصر معطوفاً على الصبر

الأحد 2016/10/09
عاشوراء 2016: النصر معطوفاً على الصبر
من "لبيك" الى "الحسين سر انتصارنا".. الى "صبر ونصر"
increase حجم الخط decrease
لم تعد المناسبة الدينية المرتبطة بالتراث الشيعي، والتي تمُثل الفاجعة الحسينية، مناسبة منفصلة عن السياسة وزواريبها. باتت ذكرى عاشوراء متورّطة في السياسة، بل أصبحت مراسم إحيائها فرصة لإحياء السياسة، بدءاً من الشعار، وصولاً إلى الخطابات.

ينخرط "حزب الله" في المناسبة الدينية، يعيد تشكيلها، في السياسة، وفي الإعلام ووسائط الميديا، ضمن بروباغندا سياسية. بل ويذهب هذا التوظيف إلى التعبئة العسكرية لتأمين المزيد من الإنخراط في حروب المنطقة، لا سيّما الحرب الدائرة في سوريا منذ إنطلاق الثورة على النظام السوري.

لا ينثني "حزب الله" عن أدلجة المأثور الديني وتوظيفه في السياسة. هذا الحزب الذي حاك شعاره التأسيسي على منوال قصّة الرجل الخارق. خرّج شعاره بقبضة يد تنطلق به نحو السماء، ممسكةً بسلاح مزيّن بجملة دينية/سياسية "فإن حزب الله هم الغالبون". يواظب الحزب على استدامة هذه الغلبة وإنعاشها بشعارات تهدف إلى إعادة إحياء الرواية الدينية، وتثويرها، وشحنها بمدلولات سياسية لتصبح مادة تصل الماضي بكل مستجد. بين السائد والمستجد عليه، يتم تفعيل مفهوم الغلبة واستدامة النصر وأسطرته.

يخرج "حزب الله" على جمهوره وعلينا، كل سنة، بعنوان يختاره لذكرى عاشوراء، يحيي به مراسمه. هذا العنوان، أو إذا أردنا كلمة أكثر دقّة من إصطلاح عنوان، هذا الموضوع التعبوي، يتبدّل كل عام ويتلخّص في شعار محدد. يصمّمم القطاع الإعلامي في "حزب الله" شكل الشعار وألوانه ونوع الخط ليصبح أيضاً "هاشتاغ" مستخدماً في وسائل التواصل الإجتماعي. أما القيّمون على تصميم مضمون الموضوع التعبوي، فيبدو أنهم يأخذون في الحسبان، السياق المرافق للذكرى السنوية، والذي يتخذ أبعاداً سياسية واضحة. تتجلّى السياسة في استدخال كلمة النصر وتصريفاتها، في مضمون الشعارات لذكرى عاشوراء، على امتداد سنوات مختلفة.

في العام 2014، وضع "حزب الله" نفسه، عبر شعار عاشوراء، في حالة تأهب كاملة لتلبية احتياجات الحرب واستنهاض الشباب للقتال في سوريا تحت راية "لبّيك". أما في العام الفائت، فكان "حزب الله" يبحث عن القطاف بعد التلبية، يبحث عن النصر المستورد من تاريخ الحسين، فكان الشعار "الحسين سرّ إنتصاراتنا". لا ينقطع الشعار اللاحق عن السابق، بل يبدو أن اللاحق توكيد للسابق عليه. يندرج السابق واللاحق في إطار النصر المعهود، عند مَن قدّم نفسه، منذ إنطلاقته، "المنتصر الدائم".

لكن النصر الفعلي لا يشتغل تحت إمرة المدّعي له، لا سيّما أن النصر في الحروب والسياسة لا تحدده الخطابات الإيديولوجية، حتى لو إبتغت أدلجة وأسطرة أي فعل يحلو لها. النصر يتأخر في بعض الأحيان، أو قد لا يأتي إطلاقاً، وقد يصبح هزيمة. بيد أن "المنتصر الدائم" يخفي ظروف الميدان المعقّدة، والتي يفرضها تضارب مصالح النظام الدولي، "المتآمر على شعب سوريا"، فيتعثّر هذا النصر. يستمهل "حزب الله" النصر، بالصبر، لهذا العام. لن يكون النصر حالياً مبتدأ الموضوع التعبوي، ولا خبره. سيكون النصر المعطوف على الصبر. 

"صبر ونصر"... يكاد الشعار هذه السنة يكون وقتاً مستقطعاً يطلبه "المنتصر الدائم". بين النصر المعهود والنصر المعطوف، تظهر أدوات التبرير في الشعار الترويجي لمناسبة عاشوراء. الذكرى لا تحتاج ترويجاً.. بل صاحب الشعار، على الأرجح.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها