الإثنين 2014/03/31

آخر تحديث: 08:19 (بيروت)

الحملات الإعلانية لحقوق المرأة: هل تثمر في البرلمان؟

الإثنين 2014/03/31
الحملات الإعلانية لحقوق المرأة: هل تثمر في البرلمان؟
increase حجم الخط decrease
 بصمات حمراء، تقول "لا" لكل مرشح يقف مع القاتل لا مع القتيلة.
بصمات حمراء من القوة الناخبة اللبنانية تهدد كل مرشح برلماني إن قال "نعم" للعنف الأسري.
بصمات حمراء من أطفال، من أمهات، من رجال، ومن شباب لكل مرشح يسمح للجلادين بحصاد ضحاياهن واحدة تلو الأخرى.
 
الرسائل المباشرة هذه والفعالة، توصلها الحملة الإعلامية لمنظمة "كفى عنفاً واستغلالاً": "صوّتلي تصوّتلك". حملة تحث الكتل النيابية على التصويت على مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، مع التعديلات المطلوبة ومن دون تفريغه من مضمونه. وأطلقتها الجمعية بالتزامن مع إنعقاد الجلسة التشريعية، غداً الثلاثاء في الأول من نيسان، والتي وُضع مشروع القانون بنداً تاسعاً على جدول أعمالها.
 
ليست حملة "كفى" الأولى المرافقة لرحلة مشروع القانون الأليمة.. سبقتها حملات أخرى لقيت صدىً واسعاً في الإعلام التقليدي والإجتماعي مثل: "أنا ما متت بس غيري كتار ماتوا"، و"حياة النساء أهم من كراسيكم". وليست "كفى" الوحيدة التي تلجأ إلى الإعلام لتوصل رسالتها ولتكسب المناصرة المطلوبة لإحراز تقدم في قضايا حقوق المرأة. فمؤسسة "أبعاد" بدورها أطلقت حملة  "كلمة الله يساعدها ما بتساعدها" التي تحث على الإخبار عن أي عنف ممارس ضد النساء، قبلها كانت حملة  "نؤمن - شركاء لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات" المثيرة للجدل، التي أفردت فيها المؤسسة المجال لرجال الدين للتعبير عن رأيهم المناهض للعنف ضد المرأة، بناء إلى نصوص دينية..
 
لا تحصر هذه الأمثلة نشاط المجتمع المدني في الإعلام، لكنها نماذج دالة على حملات ناجحة استطاعت أن توصل رسائلها إلى الفئات المستهدفة وتنتقل بها في أحيان كثيرة من الإعلام وصفحات "فايسبوك" و"تويتر" إلى الشارع، وإلى داخل البيوت. ونجحت في معظم الأحيان في تسجيل تغيير ملموس في مقاربة الناس لموضوع العنف الأسري، والتضامن معه، والدعوة إلى الحد منه.. وإن كانت كل حملة تتوجه إلى فئة مختلفة عن الأخرى، فاتبعت إستراتيجية مغايرة ورسائل صادمة، بمشاركة عناصر قد يشكّك في ولائها للقضية كل من المجتمع المدني والمناصرين والمناصرات لحقوق المرأة، مثل حملة "نؤمن" لمؤسسة "أبعاد" التي اتّهمت بأنها أعطت الساكتين عن العنف صوتاً لا يستحقونه.
 
غالباً ما تنطلق هذه الحملات بالتزامن مع يوم المرأة العالمي، أو تترافق مع أجندة الجلسات التشريعية التي تناقش قانون العنف الأسري، مثل حملة "صوتلي لصوتلك" التي تمثلت إلكترونياً بصور لمشاركين من كل الأعمار، يهددون النواب بالإمتناع عن التصويت لهم (أو لمرشحين جدد غيرهم) في في الانتخابات المقبلة في حال تحفظوا على قانون العنف الأسري (مع التعديلات المطلوبة من قبل الجمعيات). الصور انتشرت في صفحات "فايسبوك" و"تويتر" تحت هاشتاغ (مفتاح) #nolawnovote أو "لا قانون، لا تصويت"  #sawwetlnatasawwetlak أو "صوتلي لصوتلك".
 
المطالبات وحملات الضغط التي يطلقها المجتمع المدني لمناسبة يوم المرأة وحملة "الـ16 يوماً" الدولية، تخفت وتبرد في عيد الأم. قليلة هي الإعلانات والرسائل التي توجهها الجمعيات للمجتمع وللمشرعين في هذا اليوم. وكأن كل قضايا المرأة العالقة، من منحها الجنسية لأولادها وزوجها، والإغتصاب الزوجي، والعنف الأسري وغيرها، تُحل في عيد الأم. يتحول هذا اليوم إلى مناسبة للورود وولائم الفرع النسائية في الجمعيات والأحزاب والهدايا.. وربما بينها طنجرة أو اثنتان، قد يستعان فيها لقتل المزيد من النساء.
 
تستحق الأم كل تكريم، وكل هدية، لكنها تستحق بالدرجة الأولى أن يتم استذكارها في هذا اليوم بالتحديد، لتذكير أولادها وعائلتها ومجتمعها، بأن هذا الكائن الذي نكتب لأجله القصائد، ونمجده، ونرثي أنفسنا من دونه.. قد يتحول في لحظات إلى ضحية.. وهذا كان مصير رقية منذر التي عايدها زوجها عشية عيد الأم برصاصة قاتلة.. قضت عليها وعلى جنينها.
 
قد تكون هدية جمعية "March Lebanon" لمناسبة عيد الأمّ الصدى الأكبر هذا العام. وردة نعم، لكنها دامية ومصنوعة من الضمادات.. وهي هدية- رسالة رافقها سؤال لكل اللبنانيين وللمشرعيين الذين طلب منهم التوقف عند هذا السؤال في عيد الأم، أكثر من أي يوم آخر: "ماذا لو كانت أمك؟" 
 
لكن تبقى إيجابيات حملات الجمعيات النسائية أكثر بكثير من الثغرات. تقول منسقة حملة حماية النساء من العنف الأسري في الجمعية فاتن أبو شقرا لـ"المدن" أن جمعية "كفى" نظمت "حملات رسخت في ذهن اللبناني، منها حملة "حياة النساء أهم من كراسيكم" وحملة "أنا ما متت بس غيري كتار ماتوا"، التي إنطلقت في تموز 2013 وقدمت فيها الناجيتين من العنف الأسري، ريم خالد زكريا وزينب عواضة، شهادتيهما الحيتين، وطالبتا بإدراج مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري في جدول أعمال جلسة المجلس النيابي التشريعية".
 
الحملتان وغيرهما، لم تكونا إنتاجاً خاصاً لـ"كفى"، إذ تؤكد أبو شقرا أنه "في ظل الحاجة الملحة لخلق حركة مناصرة حول حقوق المرأة، وقضاياها الملحة، لا بد من اللجوء إلى شركات محترفة تدرك كيف توصل الرسالة بشكل مباشر وواضح ومؤثر وتساعدنا على تطبيق التوجهات والأفكار وتحويلها إلى أفعال، وهو ما لمسناه بالممارسة من حملة لأخرى، حيث راقبنا كيف استطعنا جعل كثير من الناس معنيين بهذه القضايا، لا متلقين لحملاتنا ومراقبين لحالات العنف المتزايدة فقط.. لهذا كله، حملاتنا كلها، بينها الأخيرة "صوتلي لصوتلك" (وهي مقدمة من شركة ليو برنت الإعلانية)، هي حملات مركز ومحترفة، وليست حملات عشوائية".
 
مؤسسة "أبعاد" أيضاً تعطي الخبز لخبازه، وقد تكون حملتها "نؤمن - شركاء لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات" الأكثر إنتشاراً، إلا إنها الأكثر إثارة للجدل، بل أحياناً للفرض، من قبل الإعلام والناشطين أنفسهم.. قبل أن تكون من الفئات المستهدفة من المواطنين.. فالحملة برأي المنتقدين لها استمثرت مادياً ومعنوياً في المكان الخاطئ وأعطت رجال دين الحق والمساحة الواسعة للتعبير عن رأيهم في موضوع العنف ضد المرأة، في حين يسكت أغلبهم عن عنف مستشرٍ في المجتمع.. بغطاء الدين.
 
تقول مسؤولة برنامج المساواة بين الجنسين في "أبعاد"، رولا المصري لـ"المدن" إن "قرار إعطاء رجال الدين فرصة ليذكّروا بالنصوص الدينية المناهضة العنف، ليس قراراً عشوائياً، بل من اقتناعنا بأهمية التعاون ما بين المجتمع المدني والمؤسسات الدينية المؤثرة في مجتمعها ومحيطها، وفي المنتمين للديانات المختلفة، ومن قناعتنا التامة بضرور التوجه إلى فئات مستهدفة تتأثر برجال الدين وبكلامهم".
 
تؤكد المصري أنه "لا يمكن نزع حملة "نؤمن" من سياقها، فالحملة مستمرة حتى اليوم، والدراسة التي نطلقها، الأربعاء في الثالث من نيسان، حول مواقف واتجاهات النساء والرجال اتجاه حقوق النساء في لبنان، تؤكد لنا أيضاً، ما سبق أن أكدته دراسات سابقة عن مساهمة المؤسسات الدينية في عملية التطبيع الإجتماعي وتحديدها للمعايير الإجتماعية والقيم الأخلاقية في المجتمعات".
 
لا تتجاهل "أبعاد" أن حالة العدواة ما بين الجمعيات النسائية ورجال الدين قديمة ومتجذرة، لكن المؤسسة "لا تهدف للمصالحة بينهما، بقدر ما تهدف لتغيير نمط تفكير فئات تتأثر برجال الدين، لتحقيق مكاسب عملانية في قضايا المرأة. ولأننا نؤمن بأنه يصعب على هذه الفئات خلع العباءة البطريركية مرة واحدة، ولا بد من خطوات تدريجية، إخترنا أن نبحث عن القواسم المشتركة ما بين الخطاب الديني وخطاب حقوق النساء في ما خص رفض العنف ضد المرأة"، كما تقول المصري.
 
الإعلام، الإجتماعي قبل الكلاسيكي، شريك أول وأساسي في كل حملات المجتمع المدني. شريك مخلص، وجزء أساسي من إستراتيجية كل جمعية تعمل على استقطاب فئات جديدة تناصر قضاياها المحقة. لكن يبقى مضمون الحملات المبتكر والقادر على جذب الناس لمناصرة قضايا المرأة في الشارع وفي الممارسات العملانية.. هو المعيار الأساسي لمدى نجاح كل حملة، ولإظهار مساهمتها في التغيير.
 
 526333_297366830382965_1780260943_n-1.jpg

شﻻ3شي-.png
increase حجم الخط decrease