الإثنين 2015/07/27

آخر تحديث: 18:18 (بيروت)

حزب الله لجمهوره: لا داعي لرأيكم

الإثنين 2015/07/27
حزب الله لجمهوره: لا داعي لرأيكم
increase حجم الخط decrease
على وسائل الإعلام في لبنان أن تبتعد عن الشأن الإيراني، ولكن، إذا أرادت أن تتناوله، فمن الضروري أن تعتمد حزب الله كمرجعية أساس في معالجتها. بهذه الطريقة، دعا أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله، في خطبته الأخيرة، الإعلام اللبناني إلى الإكتراث لـ"هذا الأمر"، لأن التعاطي مع أي واقعة في "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" يجب أن يكون دقيقاً للغاية.

وقد ضرب نصرالله مثالاً بعينه، وهو فيلم "خفايا حياة خامنئي" للمخرج محسن مخملباف، الذي كان قد نفي في العام 2014 خارج بلاده، نتيجة معارضته نُظم الرقابة والسياسة في طهران. انتشر فيلم مخملباف، فأخذه حزب الله توطئةً أخرى لتحذير المواقع والصحف والتلفزيونات من الوقوف على مضمونه، والإعتقاد أنه صحيح. فبالنسبة لنصرالله، الفيلم مجرد أكاذيب، تفيد "العدو" أكثر من "الصديق"، ولذلك، يجب غضّ الطرف عنه، وعن أي كلام عن إيران لا يصدر عن قيادته أو قيادتها.

يتدخل حزب الله في مسارات الإعلام اللبناني. يقول له: "إفعل هذا ولا تفعل ذاك"، على الرغم من كونه يأخذ بالإعتبار "حسن نية" البعض من وسائله. لكن "النية" في جهة، و"الأمر" في جهة أخرى.

رئيس كتلة تيار المستقبل النيابية، فؤاد السنيورة، رد على كلام نصرالله، وأشار إلى أن "لا مكان للرأي الآخر" في ثقافة حزبه وسياسته. هذا الرد-الموقف، لا يؤخذ على محمل نقدي، خصوصاً لما يُطلق في سياق من تبادل الإتهامات بين معسكرين، تركا البلاد على أزمة متواصلة. الإعلام وإشكالياته، ومعه ما يسمى "حرية الرأي والتعبير"، صار، في المطاف اللبناني، مقولة تفيد المغالاة والإفراط في المزاحمة اللاسياسية على الفراغ.

إلا أن الشأن الإعلامي، الذي، من البديهي أن يكون مُشاهداً لباقي الشؤون وناقلاً للامرئيتها، أضحى طرفاً في المأزق، وفي بعض الأحيان، مثيرها على منوال رسمي، بحسب خطاب كل سلطة من السلطات الحزبية التي صنعته أو انحاز لها.

لكن، في كل حال، أن يعلن حزب الله نفسه مرجعيةً وحيدة في مقاربة أي موضوع إيراني، فهذا لا يتعلق بـ"الرأي الآخر"، وبمدى إشهاره فحسب، بل يتصل بتشويه الواقعات في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة إلى كتمها، والحد من معانيها المختلفة والمقصية من القاموس النظامي. إستبدال الواقعة بالسكوت عنها، وتكثيف السرد الديكتاتوري حولها وعليها، وتظهيرها على الشكل الذي يريده، والإسراع في نفي أي مغاير لها، بعد وصفها بـ"الكاذبة"، وبعد التحذير من التعامل معها. وكل ذلك، بالإرتكاز إلى موقف-أمر واحد، "موضوعي وصادق"، يصدر عن ماكينة حزب الله الدعائية.

لا "رأي آخر" في ثقافة الحزب. هذا واضح، لكن السؤال هو: أي آخر؟ وهل هو فقط المحصور بضد "الرأي الرسمي"، والمعاكس له، أم أنه كل مختلف عنه؟

دعوة نصرالله هي تحذير من أي رأي لا يأتي حزبه على قوله، حتى لو كان رأياً مماثلاً لموقفه، مماثلاً له، وليس منسوخاً عنه. وهكذا، يتحول الحزب إلى وكالة صحافية، تنشر الأخبار المتعلقة بالشأن الإيراني. "الحق الحصري" في الخبر الإيراني، الذي ما على متلقيه، بحسب حزب الله، أن يسأل عن صحته أو زيفه، ولا أن يبدي رأيه فيه، بل عليه أن يتلقاه وينقله فقط، وفقط لا غير.

في مقطع من خطبته، ذكر نصرالله أن "ثقة الرأي العام تستند إلى الوقائع التي يشاهدونها وتزداد قناعتهم يوماً بعد يوم بصوابية خيارات هذه المقاومة وسلامة طريق هذه المقاومة". مشاهدة واختيار، وهما، بحسب بروباغندا الحزب، تفرّج ورضوخ، وبالتالي "ثقة" لا غُبش فيها لأنها عمياء. ذاك أنه لم يقدم لعيون أصحابها أي مشهد مُبصَر، وأي واقعة تستدعي إدراكها بطريقة مغايرة.

ترداد للأزمة مشهدية خارقة، تحط في المتلقي بدون سؤال منه، وبلا مبالاة بوضعه. لا يقول حزب الله "رأيكم في الحدث الإيراني هو رأيي"، بل يقول، ولجمهوره بدايةً، "لا داعي أن تؤلفوا رأياً". فلا حاجة إلى رأي هذا الجمهور، ولا إلى رأي "آخره"، بل إلى الرأي المسبق والمطلق، يعني إلى "الأمر".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها