الأربعاء 2015/01/28

آخر تحديث: 20:54 (بيروت)

مدير تلفزيون"العربي":لا نمثل مشروعاً سياسياً بل قيماً شبابية

الأربعاء 2015/01/28
increase حجم الخط decrease

منذ أشهر والتحضيرات المكثفة جارية على قدم وساق تمهيداً لانطلاق القناة الاولى لشبكة تلفزيون "العربي"، والتي بدأت بثها، الأحد الماضي في 25 كانون الثاني/يناير، من لندن، مستهلّة أولى ساعات البث التجريبي الذي سيمتد لأسابيع، ببرنامج "العربي اليوم"، والذي سيكون واحداً من مجموعة برامج متنوعة، منها السياسي والإخباري والاجتماعي والثقافي والترفيهي والدرامي والرياضي، كتعبير عن سياسة القناة في تقديم مروحة شاملة من المواد التلفزيونية للمشاهد العربي.

القناة التي أعلنت في وقت سابق بأنها "ستحتفي ببطولات الإنسان العربي الصغير في صراعاته اليومية وتضع اهتماماته وأجندته وقضاياه في بؤرة الضوء"، تتوزع مكاتبها وفروعها في عواصم عربية وأجنبية عديدة، ما يدل على أن القناة لن تكتفي باستقاء الأخبار ومجريات الأحداث من خلال الوكالات والمصادر الإعلامية الأخرى، بل إنها تميل لمواكبة الأحداث وصناعة الخبر بذاتها، وتوريده من خلال مكاتبها وشبكة مراسليها، ما يشي بنيّتها حجز حيّز مرموق بين الشبكات الاعلامية العربية البارزة.

لمعرفة تفاصيل أشمل وأدق عن هوية "تلفزيون العربي" والصعوبات التي تواجهه وخططه للمستقبل، حاورت "المدن" مدير التلفزيون، أحمد زين، في محاولة لتوضيح عدد من النقاط، والوقوف على الجديد الذي يسعى إلى إضافته..  
 

*تعرّف شبكة تلفزيون "العربي" عن نفسها بأنها شبكة تلفزيونية عامة، تهتم بتسليط الضوء على آمال المواطن العربي ورؤاه، ونظرته لنفسه وللعالم والمستقبل، كما تسعى لأن تكون صوت المشاهد العربي في كل مكان، وأن تولي القطاعات الشبابية اهتماماً خاصاً. فهل يمكن لهذا التعريف أن يقدّم صورة شاملة عن أهداف القناة وسياستها التحريرية؟

- تنطلق قناة "العربي" من رؤيتها لأن تكون صوت الشباب في وسائل الإعلام، وأن تقدّم صوتاً مختلفاً وجديداً يمّكن الشباب الذين يمثلون الوقود الحقيقي للعالم العربي والقوة المتحركة والمغيبة إما عمداً أو تغافلاً أو قصداً عن الإعلام والتلفزيون على وجه الخصوص. وعليه، نحن نوفّر منصة للشباب كي يعبروا عن أفكارهم ورؤاهم ونظرياتهم سواء في السياسة أو الثقافة أو المجتمع، وأن يعرضوا في الوقت عينه إنتاجهم في الموسيقى والفنون والغرافيكس وغيرها من المجالات.

*ما هو الخطاب الذي تعتمده القناة والذي ستتوجه عبره إلى الجمهور؟

- نحن ننطلق من قيم الربيع العربي. القيم التي نسميها قيم الربيع العربي، لكنها في الأصل قيم انسانية مشتركة، وكان أول الشعارات التي التصقت بها، هو شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، وإسقاط النظام بالنسبة لشبكة تلفزيون "العربي" لا يمثل إسقاطاً سياسياً إنما هو إسقاط فكري وثقافي، يؤدي إلى إسقاط قيم النظام المتخلف والمستبد والذي عمل على تجهيل الناس بالعمد والإصرار والترصد. بموازة ذلك، تأتي مطالبات الناس بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، علماً أننا لا نمثل الربيع العربي كمشروع سياسي، بل كقيم جماهيرية وشعبية نادى بها الناس وننادي بها نحن مع الناس جميعاً. بالتالي أي شخص يحمل ويتبنى هذه القيم والمبادىء هو مرحب به، إما ليتفاعل معنا أو ليشاركنا أو يظهرعلى شاشتنا.

* أشيع سابقاً بأن مركز بث القناة سيكون في مصر، لكن بعد 30 يونيو، أعلنتم بأن مركز البث سيكون لندن. ما هي دلالة هذا التاريخ وعلاقته برجوعكم عن اتخاذ مصر مركزاً للبث؟ ولماذا لندن وليس أي بلد عربي آخر؟

- بعد الربيع العربي كانت الآمال مفتوحة على إعلام حرّ وجريء وغير معرّض للرقابة، وأن تخلق الثورات العربية مناخات عمل للصحافيين يعملون فيها بأمان من دون أن يتعرضوا للقتل أو الاعتقال أو تقييد الحريات أو أي توجيه مباشر من الدول والأنظمة. لكن للأسف بعد تعثّر مسارات الربيع العربي، وقوة شوكة الثورة المضادة والأنظمة القديمة التي استعادت عافيتها بشكل سريع وفعال، انعكس هذا الأمر في مناخ العمل الصحافي برمتّه في العالم العربي، ومن ضمنه مصر. بالتالي وجدنا أن هذه الأجواء لا توفر ما نريده من حرية. والحقيقة، كانت لدينا خيارات الانطلاق من بلدان عربية أخرى، لكن خوفنا من تمدد الظروف الخانقة للحريات، دفعنا لقرارالانطلاق من لندن والاستفادة من مناخ الحرية الموجود هناك.

* إنطلاقة القناة يوم 25 يناير، أي في ذكرى الثورة المصرية، كان لافتاً، ما جعل البعض يعتبر أن هذا التوقيت هو رسالة مفادها أن التركيز على مصر ومتابعة أحداثها سيكون في قمة أولويات القناة..

- شاشة تلفزيون "العربي" عربية بامتياز، ولا يغلب عيلها الجانب المصري. العاملون في القناة هم من 30 جنسية مختلفة، منهم عرب وأجانب. القرار التحريري يشارك فيه زملاء، من القاعدة إلى القمة، وطبعاً ضمن الأطر المتعارف عليها في اجتماعات التحرير.

لا تقتصر برمجتنا، وتعاطينا مع الأحداث، على فكرة منح الأولوية لمصر، لكن من الطبيعي أن تأخذ مصر حجمها الذي اعتقد انه كبير، بسبب طبيعة عدد سكانها، وطبيعة دور مصر وتاريخها وموقعها الجيواستراتيجي، إضافة إلى دورها في السياسة. أظن أن العالم العربي كله مهتم حالياً بمصر بشكل كبير كما هو مهتم بتونس وباليمن، وغيرها من البلدان التي شهدت حراكاً في السنوات السابقة. ما أريد قوله هو أن كل دولة تأخذ الاهتمام اللائق بها وفقاً لمعطيات الأحداث التي تمر بها البلاد، لكن لا اهتمام مبالغاً فيه تجاه مصر دون غيرها.


* العارفون بالتركيبة الداخلية لفريق القناة، بخلفياتهم المهنية والسياسية (بعضهم مثلاً أتى إلى القناة من "بي بي سي" والبعض الآخر من "الجزيرة")، يتوجسون من انعكاس هذا التنوع في صوغ السياسة التحريرية للتلفزيون...؟

- في رأيي إن التنوع الموجود في فريق العمل يشكّل نقطة تلاقٍ وليس نقطة تنافر، فالعاملون آتون من مؤسسات إعلامية كبرى، منها "الجزيرة"، "العربية"، "سكاي نيوز عربية"، "فرانس 24"، "بي بي سي"، "دويتشه فيلله" وغيرها، إضافة إلى كادر من الشباب الممتلئين بحماسة وتدفق البدايات.
استغرقنا وقتاً للاتفاق على سياسة تحريرية وعلى قاموس مصطلحات وعلى أولويات وأهداف لخطابنا المعتمد الذي يجب أن يكون ملتزماً بالمعايير المهنية وينحاز في الوقت عينه للقضايا الإنسانية التي نعبّر عنها. كما أنه من الطبيعي أن يحدث نوع من التدافع "الذكي" بين أشخاص آتين من خلفيات وجهات إعلامية مختلفة، حيث يريد كل شخص أن يعمل وفق السياسة التحريرية والمعايير والرؤية التي اعتاد على العمل في إطارها. لكن اعتقد أن هذا الأمر يشكل ثراء للقناة، لأن الكل سيجلس حول طاولة الاجتماعات ويتفق على خط تحريري موحد يخدم أهداف القناة.

* إذن في رأيكم أن تعارض الآراء يُعتبر منطلقاً إيجابياً يُساهم في جعل القناة أكثر قدرة على منافسة المحطات الكبرى واستقطاب جمهور متنوع؟

- طبعاً هذا طموحنا، وهو طموح كبير في منافسة القنوات الكبيرة والبارزة. لكن في الوقت عينه، نحن نعرف جيداً حجمنا وقدراتنا في البداية، وندرك أن تحقيق هذا الأمر سيستغرق وقتاً، كي نصل إلى مرحلة تخولنا أن نقول أننا أصبحنا قادرين على المنافسة. ولا يجب أن ننسى مواجهتنا لصعوبة شراسة المنافسة في سوق الإعلام اليوم.

* من المعروف أن تمويل شبكة تلفزيون "العربي"، قطري، تماماً كـ"الجزيرة"، فهل منافسة "الجزيرة" تقع ضمن أولويات "العربي"؟ أم أنه يتماهى معها؟

- شبكة تلفزيون "العربي" مختلفة تماماً عن شبكة "الجزيرة". نحن نقدم مجموعة من البرامج المتنوعة والتي تأتي في إطار ما يُطلق عليه Info-entertainment. ليست لدينا نشرات أخبار موسعة، إنما محدودة، ونحن نقدم برامج "التوك شو" التي ترصد اهتمامات المشاهد العربي، علماً أن الأخبار تشكل جزءاً أساسياً من اهتمامات هذا الجمهور، لكننا نمنح الثقافة والفن والتنمية مساحة كبيرة جداً، ولسنا في تشابه مع قناة "الجزيرة" التي هي شبكة إخبارية، إذ إننا شبكة تلفزيونية عامة ومنوعة.

* إن لم يكن هدف "العربي" التنافس أو التماهي مع "الجزيرة"، هل يمكننا افتراض أن الهدف من إنشائه وتمويله هو ميل لإظهار التفوق في البرامج المنوعة أيضاً، بعد الجماهيرية الهائلة التي حققتها "الجزيرة" إخبارياً؟ وإلى أي مدى يعتبر "العربي" ملتصقاً بالسياسة القطرية، خصوصاً أن البعض يرون "الجزيرة" على هذا النحو؟

- أولاً، أنا لا أرى أنّ "الجزيرة" تعبّر عن السياسة القطرية، هذه وجهة نظري كمشاهد، وكشخص يعمل في مجال الإعلام منذ فترة طويلة. ثانياً، شبكة "الجزيرة" ممولة من الحكومة القطرية وبالتحديد من المؤسسة القطرية للإعلام، وهي مؤسسة حكومية، ومهما كان سقف الحرية فيها، لكن عندها ارتباط بالدولة القطرية. أما نحن، فمدعومون من رجال أعمال من مختلف الجنسيات العربية والأجنبية، إذ إن عالم الإعلام اليوم بات متداخلاً جداً مع الشركات والأعمال، وهو ما يتيح لنا مساحة للحركة أكثر من فكرة أن نكون ناطقين باسم السياسة القطرية. وانا لا أرى الموضوع سوى من زاوية أن تلفزيون "العربي" هو مشروع إعلامي مهني محترم، يدعمه تمويل يحاول أن يقدّم تجربة إعلامية مختلفة عبر وسائل إعلام مختلفة، ولا أراه من زاوية سياسية ضيّقة.

* منذ الإعلان عن نية إطلاق "العربي"، وعن أن الرئيس التنفيذي للتلفزيون هو المحامي إسلام لطفي، كثرت الأقاويل عن أن هذه القناة ستكون قناة الإخوان المسلمين، وأنها ستحاول تقديم صورة معتدلة عن الإخوان لإعادة اكتساب الشعبية التي فقدوها إبان 30 يونيو، فما هي صحة ذلك؟

- أنا أترك الحكم للمشاهد في هذا الأمر، إذ لا يمكن لجماعة الإخوان أن تقدم مسلسلات وأفلاماً كالتي بدأنا بعرضها والتي ننوي عرضها في المستقبل، فالأمر سيكون ضد أفكارهم ورؤيتهم كجماعة دعوية تريد "تديين" الناس.
نحن لدينا في القناة طيف واسع من المذيعين والعاملين المنتمين لمدارس فكرية مختلفة، تيارات ديموقراطية وتيارات علمانية وغيرها، ولو كان الاخوان قادرين على احتواء كل هذا الطيف الواسع من المثقفين والمنتجين والصحافيين والمذيعين، عندها نرفع لهم القبعة. لكن متابعة شاشتنا ستتكفل بدحض هذه التهمة وستكون كافية لفهم مَن نحن.

* هل سيكون لتلفزيون "العربي" مكتب في بيروت؟

- نحن أنشأنا مكتباً في بيروت تديره الصحافية جويس خوري، ومعها فريق من العاملين. كما أننا نقوم بتجهيز استديو خاص، إلى جانب المكتب المتخصص بالعمل على الشؤون السياسية الإخبارية، نظراً لأن بيروت ستكون محطة رئيسية في مجال الترفيه والموسيقى وبرامج التسلية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها