الخميس 2018/04/12

آخر تحديث: 18:00 (بيروت)

أدب السيارات

الخميس 2018/04/12
أدب السيارات
increase حجم الخط decrease
قبل اندلاع الثورة السورية (آذار - 2011) كان يُكتب على خلفيات السيارات في سوريا، عبارات مختزلة برسائل حب واقتباسات من أغاني رومانسية. وإذا ما اقترب موعد الانتخابات أو تم تهديد سوريا من قبل دولة اجنبية لأن "سوريا الأسد" هي رأس حربة المقاومة الفلسطينية، يتم الكتابة على خلفيات السيارات، عبارات تقدس الأسد وتهدد رؤساء تلك الدول.

كما كانت تكتب أيضاً عبارات مرفقة بصور لبشار الأسد ملوحاً بيده وصور مشتركة مع الأمين العام لحزب الله اللبناني وهو يحمل بيده كلاشنكوف وصور لأمير قطر قبل تدهور الصحبة مع بشار الأسد. 

أيضاً، كانت هناك عبارات تُكتب كرسائل حب بين العاشقين إذا ما جهلوا أرقام بعضهم.. وعلى المحبة أن تفهم مقصد المحب الذي يحوم بسيارته في شارع المحبة في ساعات رمي القمامة.
لكن ما حدث بعد آذار 2011 أن خلفيات السيارات في سوريا تغيرت بشكل كلي مثلما تغيرت سوريا وجغرافيتها وتوزع جهات السيطرة ومفردات المجتمع السوري. 

فقد حدث تطور على أدب السيارات في سوريا. تغيّر لتصبح السيارة منصة لمن ليس له طريق على منصات مواقع التواصل الاجتماعي. فخلفيات السيارات تحولت الى سوق عكاظ وإلى مجلس الأمن الدولي ومجلس شعب متنقل للشعب السوري.

فكل من لا يجد مكاناً للتعبير عن رأيه، وجد في حيطان الشوارع وخلفيات السيارات منبراً ومنصة ليعبر من خلالها عن رأيه بكل حرية، كرأي أحدهم بمنصة سوتشي وغيرها كعبارة: خائن كل من يشارك في سوتشي. ومنهم من أيد المؤتمر.

لقد تم تسييس خلفيات السيارات بخلاف المناطق التي تتواجد فيها، فادب السيارات في مناطق سيطرة قوات النظام يختلف عن ذاك الأدب الذي ينشر في مناطق سيطرة فصائل الجيش الحر، غير ذاك الأدب الذي يكتب على سيارات التي تسير في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تمجد عبد الله اوجلان وتحذر العالم من حرقه إذا ما حدث أي مكروه له!

يعفى من ذاك الأدب تلك السيارات التي تكتفي بأدعية ورسائل الحب كما قبل اندلاع الثورة من الاعتقال في حال تنقلت بين المناطق السورية.

السيارات، تحولت أيضاً الى مسرح للمباهلة والرد والتهجم في ما بينها. فهناك سيارات كتبت عليها عبارات تقدس طائفة بعينها وعشيرة بعينها ومحافظة بعينها، كعبارة: "أنا ابن المنطقة الفلانية وافتخر"، ليرد على هذه الظاهرة إحدى السيارات وتكتب عبارة: "من افتخر بغير الله فقد ذل". 

خلفيات السيارات في سوريا، أدب بحد ذاته وعلينا كسوريين عدم تجاهله واستثماره بزيادة الوعي بين شرائح المجتمع السوري، لنحارب مخلفات الافكار المتطرفة التي زرعتها التنظيمات المتطرفة وتحولت إلى مسلمات في ذهن المجتمع، إلى عبارات تحمل طابع إبجابي.

وكاحتجاج على قرار يضر في مصلحة المجتمع ونكتب عبارات تنوه العوائل السورية المهجرة من مدنها لضرورة التعليم وعدم الانقطاع عن التعليم ومحاربة بعض الظواهر السلبية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

مقالات أخرى للكاتب