السبت 2016/10/01

آخر تحديث: 14:35 (بيروت)

وثيقة للتوقيع: هاتوا النووي

السبت 2016/10/01
وثيقة للتوقيع: هاتوا النووي
أيها السادة والسيدات، إسمحوا لنا أن نثقل كاهلكم بطلب إنساني أخير.. (غيتي)
increase حجم الخط decrease
إلى زعماء العالم الديموقراطي الأبيض...
نحن جيل الثمانينات والتسعينات، تجرأنا العام 2011 على القيام ضد حاكم مستبد، وكانت بداية الأزمة السورية التي سببت لبعضكم الشيب. أرجو أن تسامحونا على ذلك، وتقدّروا لنا تسميتها "أزمة"، لا ثورة أو حرب، كي لا نخرب منظوماتكم الفكرية، واعتبروه اعترافاً منا بأنه "لا حلّ عسكرياً" في سوريا.

أيها الموقرون المبجلون، يا مَن تذهبون إلى أعمالكم على الدراجات الهوائية أو في باصات النقل العام، ربما تفكرون بتزويد النظام الأسدي في حلب بالمزيد من هذه الباصات، علّه يستطيع اخلاء ما يزيد عن 200 ألف مدني منها ويوفر على منظوماتكم الأخلاقية المزيد من المجازر.

يا رعاة الديموقراطية وحقوق الحيوان والانسان، يا مَن يحرمكم "البوركيني" وذبح الحيوانات "بلا تخدير" متعة ممارسة السلام الداخلي مع النفس، نحن من شبّ على أفلام عالمكم الإنساني، آمنّا بالديموقراطية والكرامة البشرية، تأثرنا بـ"القيم الأميركية" وأدبيات الثورة الفرنسية، وصدّقنا أن فرق تدخل سريع ستأتي لإنقاذنا من المجزرة. ظننا أن "جي آي جو" وفريق "دلتا" سيحضرون لينقذوا الآلاف من استهدافهم بالسلاح الكيمائي. 

اعتقدنا أن الفرقة التي أنقذت "المجنّد رايان" أو التي عملت خلف خطوط العدو، ستتدخل - بعد انتشار صور "قيصر"- لإنقاذ مئات الآلاف الذين ما زالوا يموتون تحت التعذيب في أقبية مخابرات النظام الأسدي. نسينا عن عَمد، فرقة حفظ السلام الهولندية التي شهدت مجزرة سيربرينيتشا، بحياد تام، وآمنّا بحلّكم السياسي. محَونا مزاعم الدور الفرنسي والبلجيكي في مجازر رواندا من دفاتر ملاحظاتنا، ووثقنا في جهود الأمم المتحدة لإغاثة المحاصرين ومن ثم رعاية تهجيرهم بصورة لائقة.

أيها الأمناء العامون القلقون دوماً، بل والمصدومون من امتلاء رفوف مكاتبكم بنتائج تقارير منظماتكم الدولية عن جرائم الحرب والابادة الجماعية المرتكبة، وما تزال تُرتكب في سوريا.

يا أساتذة الدبلوماسية والحياد، يا مَن أزعجتكم صور القتلى المدنيين في سوريا طوال الأعوام الخمسة المنصرمة، لا حاجة لنَصِف لكم نوع العدوان الذي تشنه قوات النظام الأسدي بمساعدة الطيران الروسي على حلب، فأجهزة استخباراتكم تنقل لكم كل شي قبل حدوثه. 

أيها الرؤساء والدبلوماسيون الأكاديميون المستشرقون، سمّيتم حلب بأنها "أخطر مدينة في العالم"، ونود لفت انظاركم أن حلب نفسها التي تحوي اليوم ما يفوق 200 ألف مدني، تتعرض للإبادة الجماعية، وتتعاون عليها ميليشيات مرتزقة مسلحة من دول متعددة. تجرب روسيا، الدولة العظمى والعضو الدائم في مجلس أمن العالم، على مدنيي حلب اليوم، كل أنواع الأسلحة المحرمة دولياً، بينما يجتمع وزراء خارجياتكم للتباحث في "الحل السلمي" الوحيد المتاح في سوريا.

يا كل من ذكرنا أعلاه، 500 مدني قُتلوا في حلب خلال أسبوع، عشرات العائلات والأطفال يتم انتشالهم من تحت أنقاض المنازل، قُصفت المراكز الطبية الميدانية، وبعدما سُوّيت ثلاثة مراكز للدفاع المدني في حلب، بالأرض، لم يبق سوى اثنين، ربما يكونان قد خرجا عن الخدمة عندما يصل نداؤنا هذا مسامعكم. حلب المحاصرة باتت اليوم أيضاً بلا مياه للشرب، بعدما قصف الطيران الأسدي والروسي محطة تزويد المياه الوحيدة فيها. فمَن سينجو من القصف، سيموت من العطش والجوع.

أيها السادة والسيدات، بعد التأكيد على تفهمنا لحيادكم ودبلوماسيتكم، اسمحوا لنا أن نثقل كاهلكم بطلب إنساني أخير، أقل كلفة من تبرعاتكم السخية لتسيير قوافل الإغاثة التي يقصفها الطيران الروسي ويسرقها، أو يخربها شبيحة الأسد. هو طلب إن لبّيتموه، ستتمكنون خلال سنوات من اعادة أولئك اللاجئين الطفيليين الأرذال إلى بلدهم. إذا لبّيتم طلبنا لا تخشوا من التاريخ، فإن لم يسجل التاريخ تخاذلكم عن إنقاذ مئات الآلاف من الأرواح البريئة، فلن يسجل عليكم قتل بضعة آلاف أخرى حكم عليهم فلاديمير بوتين وبشار الأسد بالموت على كل حال.

وبما أن التاريخ يعيد نفسه الآن كمأساة، فلن يتوجب عليكم الاعتذار لاحقاً. فهل اعتذرت الولايات المتحدة الأميركية عن قنبلتي هيروشيما وناكازاكي؟

أيها السادة طلبنا الأخير هو أن تستهدفوا تلك المنطقة من العالم بسلاح نووي محدود التأثير والانتشار، يُبيد كل مَن على تلك الأرض بسرعة وبلا معاناة وذل، وينهي مسلسل الموت البطيء المستمر منذ سنوات خمس.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب