الثلاثاء 2014/09/16

آخر تحديث: 16:52 (بيروت)

لبنان مهدد بأزمة قروض عقارية؟

الثلاثاء 2014/09/16
لبنان مهدد بأزمة قروض عقارية؟
مصرف لبنان يمنع المصارف من الدخول في مضاربات غير آمنة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
بدأت الأصوات المحذّرة من أزمة قروض عقارية في لبنان تتعالى، عاكسة بذلك المخاوف من تكرار أزمة الرهن العقاري التي شهدتها الولايات المتحدة الاميركية منذ سنوات.

ويرى المحذّرون من الأزمة هذه، أن قطاع البناء ليسب بخير بفعل جمود الإستثمارات بما فيها آلاف الأبنية التي تم تشييدها مؤخراً، وتراكم الفوائد والديون على المستثمرين في هذا القطاع. لكن المتابعين لسياسة القطاع المصرفي يصرّون على تمكّن مصرف لبنان من السيطرة التامة على حركة القطاع العقاري، ولا سيما بعد نجاحه في دعم القروض السكنية منذ العام 2011، وتجنيب لبنان آثار الأزمة المالية التي ضربت العالم.


بين محذّر ومطمئن، تتأرجح ثقة المستثمر العقاري، بموازاة ترقّب القطاع المصرفي لما ستؤول إليه الأوضاع الأمنية والسياسية والإقتصادية، وذلك بانتظار الكلمة الفصل لمصرف لبنان المركزي. عضو لجنة الرقابة على المصارف أمين عواد يتقدّم المطمئنين على استقرار القطاع المصرفي، وابتعاده عن الوقوع في فخ أزمة قروض عقارية، لأسباب عديدة، بينها الرقابة الحثيثة التي يمارسها مصرف لبنان على القطاع من جهة، ومنع المصارف من الإستثمار في الأدوات المالية المركبة من جهة أخرى، وهو ما جنّب لبنان الوقوع في الأزمة المالية العالمية.
ويؤكد عواد في حديث لـ "المدن" أن لا صحة على الإطلاق لما يُشاع عن أزمة قروض عقارية مرتقبة. ويقول إن "الدائرة العقارية التابعة لمصرف لبنان المركزي تتابع يومياً أسعار العقارات وعدد رخص البناء إضافة إلى نسب القروض المتأخرة في التسديد وهي منذ سبع سنوات وحتى الشهر الفائت لم تتغيّر نسبتها عل الإطلاق".
 

يضيف: "لا ننسى أن البنك المركزي يمنع المصارف من الدخول في مضاربات غير آمنة، كما يمنع أي مصرف من بيع أدوات مركبة قبل أن يأخذ ترخيصاً بذلك، من أجل التأكد من شفافيتها وملاءمتها لطبيعة المستثمرين، وفي بعض الأحيان يضع "المركزي" شروطاً معينة لعدم بيع أدوات إلا لمستثمرين بطبيعة معينة، كالذين يتجاوز مدخولهم السنوي المليون دولار، ويمتلكون نسبة ودائع معينة".
ويلفت عواد الى أن لبنان كان سبّاقاً بفصل مصارف الإستثمار عن المصارف التجارية، وهو الأمر الذي بدأت دول العالم بتطبيقه مؤخراً، لما له من مفاعيل حمائية للقطاع المصرفي لجهة القروض العقارية. ويختم جازما بأن لا مخاوف على القطاع المصرفي، ولا سيما في ما يتعلّق بالقروض العقارية.



في مقابل التطمينات التي أطلقها مصرفيون، يطلق خبراء إقتصاديون العنان لهواجسهم إزاء القطاعين المصرفي والعقاري، بين هؤلاء الدكتور إيلي يشوعي الذي يحذر عبر "المدن" من أزمة مالية ناتجة عن سوء إدارة القطاع النقدي والمالي في لبنان. ويقول: "إن خطورة الوضع تبدأ بتركّز الإقراض العقاري في مقابل ركود اقتصادي، وهذه المعادلة وحدها، تكفي لإدخال لبنان في أزمة مصرفية مالية. إذ أنه من الضروري أن تتوزع عملية الإقراض والقروض على القطاعات الإنتاجية كافة، ولا يجوز أن نضخ غالبية القروض في قطاع واحد، ونهمل بقية القطاعات". إذاً، هناك خطأ كبير بالمبدأ يتعلّق بمقاربة موضوع الإقراض والقروض المصرفية في لبنان، وفقه.


ويرى يشوعي أن أول خطأ في إدارة السياسة النقدية في لبنان، يتعلّق بمجموع القروض، لأنها غير كافية بالمقارنة مع مجموع الودائع، إذ "لا يمكن أن يحصل القطاع الخاص على 42 مليار دولار كقروض، من أصل 130 مليار دولار مجموع الودائع في المصارف، وهي تُعد نسبة ضئيلة جدا". "والباقي موزع بين ودائع في مصرف لبنان المركزي أي نحو 55 مليار دولار، وبين قروض أو سندات دين للخزينة العامة، أي نحو 35 مليار دولار، في حين يدّعي البنك المركزي أنه يملك احتياطا خارجيا من العملات، وهذا ما يؤكد ضعف سياسة المركزي المالية".


وينتقد يشوعي السياسة النقدية في لبنان التي تتركّز على الإستهلاك وتهمل الإنتاج، معتبراً أن "هذا النهج كافٍ للإيقاع بالقطاع المصرفي في أزمات عديدة، لا سيما أن السياسة النقدية لطالما أهملت القطاعات كلها، بما فيها الشركات، وصبّت تركيزها على القطاع العقاري وعلى الأفراد، وهذا جزء من الخلل في السياسة النقدية".

 

increase حجم الخط decrease