الأربعاء 2015/07/29

آخر تحديث: 18:47 (بيروت)

النفايات تورّط السياسيين... فهل يبرّئهم الشعب؟

الأربعاء 2015/07/29
النفايات تورّط السياسيين... فهل يبرّئهم الشعب؟
هل تكون احتجاجات اليوم مدخلاً لتغيير حقيقي، أم فورة وتنتهي؟ (خليل حسن)
increase حجم الخط decrease

لم تنتبه الغالبية الساحقة من الشعب اللبناني أنّ النواب والوزراء، أقرّوا بفشلهم في معالجة أزمة النفايات. والإقرار أتى صراحة، لكن ردود الفعل لم تظهر بعد، إلا من جانب من وُضعت أصابعهم في النار، كأهالي منطقة أقليم الخروب.

الشعب نائم، والحكومة مهددة بالإستقالة، أي برفع اليد عن كل ما يجري. لكن الساكت عن الحق، لا يدري ان استقالة الحكومة في ظل هذه الظروف، اضافة الى تصريحات ممثليه، أخطر من أزمة النفايات. فإذا استقالت الحكومة، ستصبح حكومة تصريف اعمال، يعني انها لن تتمكن من البت بأي قرار مصيري حول هذه الازمة. اما السياسيون، فقد اعلنوا امام الناس انهم غير جديرين بالحُكم، خاصة وان اصواتهم أشارت الى تسييس الأزمة وتطييفها، وحتى مذهبتها، فكيف لهؤلاء أن يحلوا أزمة، قسّموها بأنفسهم الى أجزاء صغيرة لم تعد تنفع معها الإجتماعات وتشكيل اللجان، وغير ذلك؟

رئيس مجلس النواب نبيه بري، لديه جمهور عريض، لكن هذا الجمهور بمعناه الواسع لم يتحرك للمحاسبة رغم إعلان بري انه "كان من الممكن معالجة المشكلة بحلول بسيطة وميّسرة منذ البداية بدلاً من الانتظار حتى اللحظة الاخيرة". ولفت بري في اجتماع الأربعاء النيابي الى انه "حتى النفايات تم تطييفها". في الجانب الآخر، رأى وزير الزراعة أكرم شهيب أن "حل الازمة لا يقتصر على رئيس الحكومة ووزير البيئة فقط"، مشدداً على "ضرورة وضع كل الحسابات السياسية والمناطقية والطائفية جانبا". غير ان الصفعة الأكبر جاءت مع إعلان وزير البيئة محمد المشنوق ان "الوضع السياسي المحيط بمجلس الوزراء هو الذي أخّر معالجة ملف النفايات"، وكأن المشنوق ينعي حل الأزمة، لأن الوضع السياسي لن يتغير. وقبيل اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة البحث في ملف النفايات، والتي تستكمل اجتماعاتها اليوم، أكد وزير التربية الياس بو صعب انه "في حال فشلت الحكومة اليوم بإتخاذ قرار نهائي بملف النفايات يكون هناك من يريد دفع رئيس الحكومة الى الاستقالة أو الاعتكاف". وكان لوزير الداخلية نهاد المشنوق حصته من التصريح السياسي، اذ اعتبر ان "من تحمل الكسارات لا يمكنه أن يعترض على المطامر، وسوكلين ليست المسؤولة".
ومن جهته لم ينسَ وزير الصناعة حسين الحاج حسن "التنكيت"، عبر القول "اننا واقعون في أزمة كبيرة... ليقم كل شخص بإقامة مطمر ومحرقة على سطح بيته".

لم يجد السياسيون الا باب السياسة لمعالجة أزمة النفايات، وهذا دليل على أزمة بنيوية في النظام اللبناني، وأزمة محاسبة من قِبل الشعب، وأزمة محاسبة من ناحية القضاء الذي يسكت عن هدر المال العام في هذا الملف تحديداً. ولا تنحصر تداعيات فتح الباب السياسي بالتناحر بين القوى السياسية، لأن انعكاساته ستتحول أمنية، وفق ما يراه وزير الاتصالات بطرس حرب في حديث لـ "المدن". ولا يستبعد حرب انفجار الوضع في الشارع أكثر مما نشهده اليوم، لأن "طرح ملف النفايات بهذا الشكل الدراماتيكي، مع اقفال مطمر الناعمة، حوّل البلد الى صفيحة نفايات". وتابع حرب ان "هناك من يعرقل حل الموضوع بهدف الضغط على الحكومة". وفي مسألة التنصل من المسؤوليات، تساءل حرب حول الخطوات التي قام بها المتنصلون لحل الازمة اليوم، رافضاً التذرع بأن المشكلة من الماضي، فصحيح ان للملف تراكمات، لكن المطلوب تضافر الجهود لحل الجزء الآني، وليس الدفع بإتجاه عرقلة عمل الحكومة وعرقلة حل أزمة النفايات.

بالطبع سوكلين وشركة جهاد العرب ليسا مسؤولين وحدهما عن الأزمة، فالمسؤولية يتحملها بالدرجة الأولى الشعب الذي لا يحاسب إلا اذا كان الملف مرتبطاً بالمذهبية، وبالدرجة الثانية السياسيون الذين ورّطوا البلاد وورطوا انفسهم في أزمة اعتقدوا ان تمريرها سهل، كتمرير باقي الصفقات. لكن الطامة الكبرى، هي صك البراءة الذي غالباً ما يعطيه الشعب لسياسييه بحجة ان كل طرف "يعمل لمصلحته".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها