الثلاثاء 2015/01/27

آخر تحديث: 17:50 (بيروت)

رفض نقابة عمّال الخدمة المنزلية.. غير قانوني؟

الثلاثاء 2015/01/27
رفض نقابة عمّال الخدمة المنزلية.. غير قانوني؟
لا يوافق وزير العمل السابق شربل نحاس الوزير قزي في عدم قانونية هذه النقابة (علي علوش)
increase حجم الخط decrease


بلغ عدد العاملات الأجنبيات اللواتي يمارسن أعمالاً ضمن نطاق الخدمة المنزلية نحو 250 ألف عاملة، بحسب ما أشارت إليه آخر إحصاءات صادرة عن وزارة العمل، يضاف إليهنّ العمال الأجانب واللبنانيين ممن يمارسون المهنة ذاتها.
ما يواجهه هؤلاء من انتهاكات وسلب لأبسط الحقوق، شكل نواة السعي لإيجاد "إطار منظم"، ينضوي تحت لوائه هؤلاء العمال على اختلاف جنسياتهم، لغاتهم، وأديانهم ومن دون أي تمييز. وقد شكلت النقابة الخيار الأفضل لهم، ولتلك الغاية إلتأم المؤتمر التأسيسي للإعلان عن إنشاء نقابة للعمال والعاملات في الخدمة المنزلية، منذ يومين.
الإعلان هذا سرعان ما قوبل ببيان صادر عن وزارة العمل، اعتبر أن إنشاء هذه النقابة عمل "غير قانوني"، وصادر عن "جهات غير رسمية لا صفة لها"، معارضاً وجود نقابة للعمال الأجانب في الخدمة المنزلية. وبرر البيان معارضة وزير العمل سجعان قزي لهذه الخطوة بأن "القوانين الحديثة هي التي تحل المشاكل التي يعانيها هذا القطاع"، مضيفاً أنه "لا ضرورة لإنشاء تجمعات تحت ستار نقابي تدخلهم في صراعات جديدة".

أمام هذا الواقع، بدأ النقاش حول قانونية تشكيل تلك النقابة، وضرورة حصولها على ترخيص من وزارة العمل. ففي حين ترفض وزارة العمل هذا الأمر، يؤكد رئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، كاسترو عبدالله، في حديث لـ "المدن"، "شرعية هذه النقابة التي لا يشكل قيامها، أي مخالفة قانونية بل هي حق من الحقوق الإنسانية التي نصت عليها مختلف التشريعات ومعايير العمل الدولية". وأشار إلى ضرورة النظر إلى القضية من منظور إيجابي، كمساهمة العمال في تحسين الدورة الإقتصادية، وتسهيل دخول المرأة - ربة المنزل - الى سوق العمل، بعد ان شكلت إلتزاماتها المنزلية عائقاً أمام مزاولة عملها في المهن المختلفة".


لا يوافق وزير العمل السابق شربل نحاس الوزير قزي في عدم قانونية هذه النقابة. ينطلق نحاس، من تعريف النقابة، على أنها "جمعية يؤسسها طوعاً أناس تجمعهم مصالح مشتركة، وتأسيس الجمعيات هو حق من الحقوق الإنسانية، ولبنان ملتزم حماية هذا الحق من خلال شرعة حقوق الإنسان ومن خلال انضمامه الى عهدة الحقوق المدنية والإقتصادية في مطلع السبعينات. بالتالي فإن تأسيس الجمعية لا يتخذ بقرار من سلطة سياسية، كما أن منع تحصيل هذا الحق يخالف المعاهدات الدولية التي هي جزء من الدستور اللبناني"، وفق ما قاله لـ"المدن".

عند صدور قانون العمل العام 1946، "استثني آنذاك العاملون في الخدمة المنزلية الذين اقتصروا على الجنسية اللبنانية فقط، إضافة الى المزارعين، الذين شكلوا حينها نصف السكان، ما اخضعهم لتسلط وجهاء الريف". الإستثناء هذا، "لا يعني بتاتاً حرمان هؤلاء من حق أساسي مكفول، ولا يعني أن تقصير الدولة في تعديل القانون يصلح لأن يكون حجة لحرمانهم من حق أساسي"، وفق ما أكده نحاس.


انقسام الرأي في شأن القضية، بين مؤيد ومعارض، والاستناد إلى قانون لم يتم تحديثه منذ نحو 68 عاماً، يطرحان العديد من علامات الإستفهام. فهل أصبح إنشاء نقابة تضمن حقوق أفراد مهمشين أمراً مخالفاً للقانون؟ أم أن القضية تنطلق من معايير ومفاهيم خاصة لدينا تقف حاجزاً امام منح هؤلاء بصيص أمل في تحصيل عيش كريم؟

ينطلق الخبير القانوني نزار صاغية، في حديث لـ"المدن" من أن "النقابات العمالية عادة ما تنظم في نص قانون العمل، والتي تضم العمال أو أرباب العمل، إلا أن المادة السابعة من القانون عينه قد استثنت العاملين في الخدمة المنزلية، ما جعل حقهم بتنظيم النقابة غير منظم بالقانون. وبالتالي لهم الحرية في تشكيل نقابة". أمّا تشكيل لجنة تعنى بشؤون العمال المنزليين ضمن نقابة عمالية قائمة أصلاً، فلا يختلف من حيث قانونيته عن تشكيل نقابة مستقلة لهؤلاء، وفق صاغية.


أمام هذا الإختلاف في الرؤية حول "شرعية" تشكيل نقابة للعاملين في الخدمة المنزلية، تبقى النافذة مفتوحة أمام وجهة نظر ثالثة لا ترى في الشرعية هذه السند الأساس لرفض تشكيل نقابة كهذه، وإنما الرفض مرده إلى إعتبارات أخرى، ليس آخرها النظرة الدونية لهؤلاء العمال، ورفض أي حديث عن حقوقهم، أي على الأقل، الحقوق المتعلقة بتحديد ساعات العمل بـ 8 ساعات، أو بتحديد الأجر والإجازات الأسبوعية والسنوية.. وما الى ذلك.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها