الجمعة 2015/11/27

آخر تحديث: 15:21 (بيروت)

النظام "يُصلح" السياحة.. ماذا عن القدرة الشرائية وسعر العملة؟

الجمعة 2015/11/27
النظام "يُصلح" السياحة.. ماذا عن القدرة الشرائية وسعر العملة؟
النظام يهتم بالسياحة في حين يبحث السوريون عن لقمة العيش (ا ف ب)
increase حجم الخط decrease

تستمر الأزمة السورية في ظل ارتفاع أسعار السلع وتدهور سعر صرف العملة، وكذلك تراجع حركة الكثير من القطاعات الاقتصادية، ومنها قطاع السياحة، بما في ذلك المطاعم. ويمكن تصنيف الأسعار في المطاعم السورية حالياً بأنها مرتفعة. ويعود هذا الارتفاع، بحسب أصحاب المطاعم، إلى زيادة كلفة المواد الأولية وتراجع القوة الشرائية للعملة، وبالتالي القدرة الشرائية للمواطنين. حتى بات يمكن القول إن سوريا باتت تفتقد للمطاعم الشعبية.
في ظل هذا الوضع، إرتأت وزارة السياحة انه حان الوقت لوضع ضوابط محددة للأسعار في المطاعم السياحية، معلنة أن هدفها الأساسي هو تحقيق العدالة بين الزبائن وأصحاب المنشآت السياحية، ومحاولة الوصول الى أدنى أسعار ممكنة مع الحفاظ على نوعية الخدمات وجودتها. وكل ذلك مع الأخذ في الاعتبار إتاحة المجال للمنافسة بين المنشآت.
وتشير وزارة السياحة الى ان قرارها هذا "يأخذ في الحسبان كلفة المواد الأولية ومعدلات استهلاك التجهيزات والأدوات في المطاعم، اضافة الى الأجور وأكلاف الطاقة والتكاليف الادارية وأنشطة التسويق والعلاقات العامة، وذلك بالاستناد الى دراسات لم تغفل نسب الأرباح للمستثمرين، ومعدلات المداخيل للمواطنين تبعاً للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد". وقد إتخذت الوزارة قرارها بعد رؤيتها ان "عدداً من المنشآت السياحية عاد للعمل مع عودة الأمان لبعض المناطق، حيث تأكد المستثمرون من تحقيق جدوى اقتصادية من مشاريعهم"، وفق ما يقوله مدير الخدمات والجودة السياحية في وزارة السياحة زهير أرضروملي، الذي يشير الى ان الوزارة بصدد التحضير لإصدار قرار جديد "قريباً"، يتعلق بـ "تحديد الأسعار في الفنادق، وسيشمل ضوابط العمل وإجراءات أخرى من شأنها تنشيط العمل السياحي وتحقيق ربحية للمستثمر، وجدوى اقتصادية من المنشأة، وسيأخذ القرار في الاعتبار أوضاع المهجرين الذين يقيمون بشكل دائم في الفنادق حيث سيراعي القرار وضع أسعار خاصة لهم".
الضوابط التي تعتزم الوزارة وضعها، لم تُحدّد أشكالها وطرق تنفيذها بعد، مع ان القرار سيبدأ تنفيذه في شهر كانون الأول المقبل. هذه الضوابط شكّلت غموضاً بالنسبة لأصحاب المطاعم والمنشآت السياحية، على عكس ما تهدف الوزارة الى إشاعته من جو ارتياح وتحقيق للمنفعة المشتركة بين الزبون وصاحب المنشآة. لكن أصحاب المطاعم يرون ان الضوابط التي تتحدث عنها الوزارة ستؤثر على العمل ونوعية الخدمة، فإذا كان القصد خفض الأسعار، فسيؤدي ذلك الى "تراجع مستوى الخدمة والجودة. لأن الأسعار مرتبطة بالكلفة، وخاصة كلفة المواد الأولية"، على حد تعبير باسل نابلسي، صاحب مطعم "الكيف" في منطقة كفرسوسة. حيث يؤكد في حديث لـ"المدن" ان "كل المواد أصبح سعرها مرتفعاً، ونحن نقوم باحتساب كلفة هذه المواد ونحدد نسبة ربحنا، وكل ذلك بشكل يتناسب مع تقديمنا لخدمة جيدة للزبون. فخفض جودة المواد الأولية، اذا ما ترافق مع خفض أسعار الخدمات، يعني تقديم خدمة أقل من جيدة، وهذا ما لا نقبله". ويوضح نابلسي ان "أسعارنا متوسطة ومقبولة من الزبائن". ودعا نابلسي وزارة السياحة الى النظر إلى الأسعار، "وإذا كانت لا تدري أنّ هناك ارتفاعاً، عليها مراجعة وزارة التموين لتسألها عن الأسعار".
يأتي رأي نابلسي في وقت يعترف أرضروملي أنّ "الظروف الراهنة انعكست آثارها على كلف التشغيل السياحي ارتفاعاً، في حين ان دخل المواطن السوري انخفض". الا أن قراءة الوزارة للوضع الراهن، انعكست خفضاً للأسعار لضمان مصلحة المواطن، دون الأخذ بالحسبان ان صاحب المنشأة مواطن ايضاً. ويرى أرضروملي ان "خطوة الوزارة تتيح للمواطن – الزبون، تحديد أي منشأة سيختار، بناء على الأسعار المحددة. والزبون سيرتاد المطعم الذي يتناسب ودخله". ويضيف ان من يتوجه إلى مطعم في منطقة أبو رمانة يختلف عن الذي يتوجه الى الربوة أو الميدان.
تحاول الوزارة الإيحاء بأنها تراعي مصالح المواطنين، لكن محاولتها هذه جاءت بعيدة من الاهتمامات الاساسية للمواطن السوري، في ظل هذه الظروف السيئة. فحبذا لو نظر النظام الى المواطن من باب وزارة التموين، حيث عملت على خفض اسعار المواد الغذائية. فباب السياحة بعيد كل البعد عن حاجة المواطن الذي لا تسمح له ظروف البلاد بالتفكير بالسياحة. وحتى لو أراد النظام البدء من باب السياحة، فحريٌ به العمل على تفعيل قطاع السياحة الشعبية، واعادة الحياة للأسواق والمطاعم التي تستطيع الشرائح الفقيرة ارتيادها، وذلك بخفض أسعار المواد الأولية، وعندها يتحقق التوازن بين مصلحة الزبون ومصلحة المستثمر.
من ناحية أخرى، ينتظر المواطن والمستثمر جلاء الغموض عن فحوى السياسة الجديدة للوزارة. والتجربة تقول إن هذه السياسة ستضاف الى سياسات النظام المعتادة، حيث ستُنسى الجوانب الاصلاحية، لتبقى الجوانب التي تزيد الأعباء على الناس، والتي تترافق مع انخفاض قيمة العملة وتراجع القدرة الشرائية لدى السوريين.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها