الأحد 2014/09/28

آخر تحديث: 12:02 (بيروت)

"مستشفى الحريري".. إجراءات الانعاش مؤقتة والمستقبل قاتم

الأحد 2014/09/28
"مستشفى الحريري".. إجراءات الانعاش مؤقتة والمستقبل قاتم
بعض المناصب والمراكز في المستشفى تفصّل على قياس أشخاص محسوبين على جهات سياسية
increase حجم الخط decrease

 

 

"كل الاجراءات مجرد مسكّنات للألم وليست علاجاً من المرض"، بهذه العبارة وصفت مصادر إدارية الحال في "مستشفى رفيق الحريري الجامعي" في بيروت، لافتة إلى أن الرؤية للمستقبل لا تبشر بالخير، إذ أن كل ما يجري في المستشفى يتم خلافاً للنصوص وللقوانين.

"المدن" سألت مصدرَين مطلعَين في المستشفى، وأشار أحدهما إلى أن هذا الصرح الطبي، الذي يُعتبر الأكبر في الشرق الأوسط، كان "سيعدم" عدداً كبيراً من المستشفيات الموجودة حوله لو أنه عمل وفق الرؤية التي وُضعت له، لكن ثمة قراراً في مكان ما بإعدامه لإتاحة الفرصة للمستشفيات الخاصة بالعمل.

 

وتوقف المصدر طويلاً عند سوء الإدارة الموجود في المستشفى متحدثاً عن فقدان أي رقابة على العمل فيه، وقال: "نحن نعاني سوء الإدارة وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن ولاية المدير العام وفق القانون محصورة بثلاث سنوات، بينما استمر المدير العام السابق في منصبه تسع سنوات بسبب المحاصصة القائمة في كل مرافق البلد".

 

أضاف "المدير العام يكون طبيباً وبالتالي لا يمكن أن يُطلب منه أن يكون عارفاً بالشؤون الإدارية، وهنا يأتي دور مساعديه أو رؤساء المصالح، وهنا تكمن المشكلة لأن هؤلاء لم يكونوا شفافين وعملوا لمصالح شخصية وأجروا ترتيبات مع شركات وموردين". ووفق هذه المصادر المطلعة فإن رؤساء المصالح لم يستبدلوا واستمروا في مراكزهم، وبالتالي فإن المشاكل التي كانت في المستشفى ستستمر، ولذلك فإن المدير العام هو الذي يدفع الثمن لمخالفات قد لا يكون ارتكبها شخصياً.

 

خلق وظائف
تحدث مصدر آخر عن مخالفات كبيرة يشهدها المستشفى لناحية التوظيف، لافتاً إلى أن بعض المناصب والمراكز تفصّل على قياس أشخاص محسوبين على جهات سياسية أو مدعومين من شخصيات سياسية، وقال المصدر: "نفاجأ أحياناً باستحداث مراكز جديدة ومناصب يُعيّن فيها أشخاص قد تقل كفاءتهم في كثير من الأوقات عن كفاءة أشخاص موجودين داخل المستشفى، بينما نجد في أوقات أخرى أن تعيينات في مواقع بسيطة تتطلب إجراء امتحانات عبر مجلس الخدمة المدنية".

كما لفت إلى محاولات كثيرة لترتيب أوضاع بعض الموظفين وترقيتهم بما يشمل زيادة رواتبهم في وقت يعاني المستشفى أوضاعاً مالية صعبة، وكل ذلك بسبب المحسوبيات والتسويات السياسية.  وأعطى مثالاً على أن جميع الممرضين اصبحوا اليوم برتبة مشرفين، ما يعني أن العدد تجاوز بكثير ما تنص عليه المراسيم، يُضاف ذلك إلى فائض عدد الإداريين الموجودين في المستشفى، موضحاً أن قدرة المستشفى تصل إلى 540 سريراً منها 200 فقط في الخدمة حالياً.

 

الوضع المالي
رداً على سؤال عن الوضع المالي للمستشفى، أشار أحد المصدرين إلى أن خسائر المستشفى الفعلية بلغت نحو 100 مليار ليرة، مؤكداً أن أصول المستشفى لا تُدرج في أي بيانات مالية، مع ما يعنيه ذلك من خطأ في الأسس المحاسبية. وقال المصدر: "ليس لدى المستشفى موازنات منذ عام 2007 وبالتالي فإن الإنفاق يتم على أساس القاعدة الإثنى عشرية والخسائر تتراكم بسبب سوء الإدارة المالية، وبالتالي فإن الحديث عن أي عجز مالي اليوم في المستشفى لا يكفي للدلالة على حجم العجز الحقيقي الذي يلامس 100 مليار ليرة".

 

ورداً على سؤال عن سلفة العشرين مليار ليرة الأخيرة التي أمّنها الوزير وائل أبو فاعور للمستشفى، وطلب أخرى مماثلة لها، قال المصدر "طبيعي أن يعمل وزير الوصاية على تأمين أموال تعيد للمستشفى شيئا من النَفَس، فالمستشفى ذاهب، بسبب استمرار المخالفات فيه، نحو الإقفال وليس من مصلحة أي وزير صحة أن يُسجّل في عهده إغلاق مركز طبي بهذا الحجم، لذا فإن تحرك أبو فاعور طبيعي. وبغض النظر عن نجاح الأخير في معالجة بعض الملفات إلا أن ملف المستشفى الحكومي يختلف كثيراً".

 

ووفق المصادر ذاتها، فإن مشكلة رواتب الموظفين قد تتكرر في أي شهر لأن سلفة الـ20 مليار ليرة تكفي لتشغيل المستشفى لثلاثة أشهر تقريباً، وإذا لم تؤمّن سلفة مماثلة خلال هذه الفترة فهذا يعني أن الأمور لم تتغير.


وللدلالة أكثر، تضيف المصادر أن مجلس الإدارة الجديد أبرأ ذمة المدير العام السابق للمستشفى ونائبه بمبلغ يصل إلى نحو خمسة مليارات ليرة، وهذا مخالف لصلاحيات مجلس الإدارة الذي كان يتوجب عليه رفع الأمر إلى وزارة الصحة. ورأت في ذلك دليلا على أن المجلس لا يعرف قيمة الأمانة التي يحملها.

 وأخبرت المصادر "المدن" بأن سوء الادارة المالية دفع وزارة الصحة إلى تكليف شركة تدقيق بالنظر في ما يحصل في المستشفى، فأنهت الشركة مهمتها ورفعت تقريرها الذي بقي حبراً على ورق ولم ينفّذ من توصايته أي شيء. 

 وكان الوزير وائل أبو فاعور أوضح قبل أيام في مؤتمر صحافي أن سلفة الـ20 مليار ليرة التي أعطيت للمستشفى شكلت إنفاق تسعة مليارات ليرة دُفعت للمورّدين لتأمين مواد طبية تكفي لثلاثة أشهر، وستة مليارات خصصت لدفع رواتب الموظّفين، وتحوّل المبلغ المتبقي إلى موازنة تشغيلية للمستشفى.

 

increase حجم الخط decrease