الإثنين 2015/07/27

آخر تحديث: 18:12 (بيروت)

أزمة النفايات: المحارق أسوأ الحلول

الإثنين 2015/07/27
أزمة النفايات: المحارق أسوأ الحلول
"المحارق يمكن أن تكون فاعلة وذا فائدة ولكن ليس في بلد كلبنان" (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease

بعد مرور أكثر من عشرة أيّام على مشهد تكدس النفايات في شوارع لبنان، بدأ عدد من المعنيين بتقديم إقتراحات وصف بعضها بالحل الجزئي والمؤقت، في حين وصف بعضها الآخر بغير القابل للتنفيذ.

بداية إقترح وزير البيئة محمد المشنوق، نقل نفايات بيروت وبعض مناطق جبل لبنان، إلى مكبات في مناطق عديدة من لبنان. ومن ثم بدأ الحديث عن إيجاد عقارات جديدة في أكثر من منطقة خارج بيروت لطمر النفايات فيها، وصولاً إلى خيار طمرها في البحر، واختيار عدد من الأماكن كالمقالع والكسارات لوضع النفايات فيها لفترة مؤقتة، شرط أن يتعهد ملتزمو خدمة النفايات في بيروت، برفع هذه النفايات وطمرها وفق الأصول المقررة في العقود. وتم التطرق أيضاً، إلى تقنية RDF والتي هي جزء من عملية متكاملة تقوم على إستخدام جزء من النفايات التي تحتوي على طاقة ويمكن تحويلها إلى وقود بديل، بعد مرحلتي الفرز وإعادة التدوير.

أما الإقتراح الأكثر إثارة للجدل، والذي أثار سخط الناشطين البيئيين في لبنان، هو إقتراح قدمه رئيس الحكومة تمام سلام أخيراً، ويقضي بإنشاء "محارق" لمعالجة النفايات في لبنان، من خلال وضع مختلف أنواع النفايات داخل المحرقة، وحرقها بدرجات حرارة مرتفعة، لتتم الإفادة منها لاحقاً في توليد الطاقة الكهربائية، وهو مشروع ذو كلفة مرتفعة جداً، إذ قد تصل تكلفة المحرقة الواحدة إلى 500 مليون دولار، وتستغرق فترة تجهيزها ما بين ثلاث وخمس سنوات.

وبالرغم من أنّ المحارق هي من أحدث أنواع التكنولوجيا، إلاّ أنّه ستكون لها تأثيراتها الصحية البعيدة المدى، وفق ما يؤكده خبير الكيمياء والسموم ناجي قديح، في حديث لـ"المدن"، قائلاً: ستؤدي تلك المحارق إلى إرتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، العقم، التشوه، والموت المبكر في لبنان، خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك بسبب الإنبعاثات السامة التي تنتجها تلك المحارق، كالغازات والجُسيمات الصغيرة العالية السمية والمؤثرة على الصحة، والتي تحذر منها معظم الإتفاقات الدولية، كإتفاقية إستوكهولم، التي تشير إلى أن وجود المحارق يشكل مصدراً للسموم الكيميائية". وأضاف: "إستخدام الفلاتر، سيؤدي إلى منع تسرب الجزيئات الكبيرة من الرماد وهذا صحيح، لكن ماذا عن الجزيئات الصغيرة والتي يصعب السيطرة عليها؟ لاسيما وأن إتفاقية بازل، حذرت من هذا الرماد واعتبرته من النفايات الخطيرة. من ناحية أخرى فإن حجم الرماد المتبقي والمتطاير من الفلاتر يقدر بنحو 30 في المئة من كمية النفايات وهذه تحتاج الى مطمر يستطيع إستقبال النفايات الخطيرة، كما تحتاج الغازات المنبعثة من المحارق إلى محطة لمعالجة المياه السائلة والملوثة". ويخلص قديح، إلى أنه "بهذه الطريقة نقوم بتحويل النفايات غير الخطيرة إلى نفايات خطيرة، وهذا ما أدت إليه النظرة الخاطئة للتعامل مع ملف النفايات".
  

من ناحيته يرى الناشط البيئي والإجتماعي، زياد مهتار في حديث لـ"المدن"، أنّ "المحارق يمكن أن تكون فاعلة وذات فائدة ولكن ليس في بلد كلبنان، حيث تغيب الرقابة وينتشر الإهمال، والمشكلة تكمن في ما بعد التشغيل"، لاسيما أن الحديث يجري عن إنشاء تلك المحارق إلى جانب محطات الكهرباء في الزهراني والزوق، وتحتاج إلى وقت لكي يتم شحنها وتركيبها. وأشار إلى "عدم وجود نية لإيجاد حلول جذرية للأزمة، فيما يتم البحث في حلول مؤقتة، كإقتراح تصدير نفايات بيروت إلى السويد، بكلفة تبلغ 200 يورو للطن الواحد، شريطة أن تكون نفايات جافة وخالية من الإشعاعات".

الحديث عن الإقتراحات المطروحة يأتي في ظل طرح الناشطين البيئيين في لبنان بدائل لم تؤخذ على محمل الجد بعد، وهذا أمر يحتمل التساؤل في شأنه. فهل المشكلة في الحلول التي يطرحها الناشطون، أم أن من يتجاهل هذه البدائل هو نفسه المستفيد من صفقات قديمة- جديدة، يتم من خلالها هدر المال العام؟

الفرز من المصدر، هو أفضل الحلول وأهمها وفق ما يقوله البيئيون، إذ يتم تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة، ويتم إعادة تدوير النفايات القابلة للإستعمال في معامل متخصصة، وتطمر النفايات التي لا يمكن الإستفادة منها. ولكن ما يجري اليوم، هو إكمال "سوكلين" تقديم خدمة الكنس والجمع في بعض الأحيان، وكأنها تفرض نفسها كقوة فاعلة، لا يستطيع المواطن اللبناني التعامل مع مشكلة نفاياته إلا من خلالها.

يشير المهتار، إلى أن ما تقوم به البلديات اليوم "يشبه إلى حد كبير عمل شركة سوكلين، فلماذا الحلول التي قدمتها البلديات في جبل لبنان بقيت مستبعدة لدى المعنيين بحل أزمة النفايات؟، لاسيما وأنها مرحلة إنتقالية إلى حين إنشاء معامل لإعادة تدوير النفايات، تنتج صفر بقايا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها