الثلاثاء 2014/06/17

آخر تحديث: 18:23 (بيروت)

الأمن العام .. انتهاكات بحق سوريين

الثلاثاء 2014/06/17
الأمن العام .. انتهاكات بحق سوريين
الأمن العام يتراجع عن قرار ترحيل فلسطينيين سوريين نتيجة الضغط الإعلامي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

بعد مرور 43 يوماً، إنتهت مأساة الشبان الثلاثة، الفلسطينيين السوريين، العالقين على الحدود. تراجع الأمن العام عن قراره بترحيلهم، وعادوا أدراجهم إلى لبنان مع "فيزا" تضمن لهم إقامة مؤقتة. إلّا أن قرار الأمن العام لم يكن نتيجة صحوة، بل هو لحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام المحلي والدولي الذي أثار القضيّة.  

إنتهت مأساة الشبان الثلاثة، ولكنّ المأساة الأكبر لم تنته، وإقامة الشبّان التي ستنتهي مدّتها عاجلاً أم آجلاً، لا أحد يعرف إن كانت قابلة للتجديد؟ أو سيبقون ككثيرين غيرهم بأوراق غير شرعيّة؟ تراجع الأمن العام عن قراره في ما خصّ الشبان الثلاثة، ولكنّ تصرفات الأمن العام بحق السوريين ما زالت على حالها، ومصير الفلسطينيين السوريين في ما خصّ الإقامات ما زال مجهولاً. أمّا الإنتهاكات، سواء تعلقت بالتحقيق مع السوريين أو بإزاء المساجين السوريين، فما زالت مستمرّة.     

"انتو معظمكن للأجار"، هذا الحكم أطلقه عنصر من الأمن العام لفتاة سوريّة أتت لتجديد جواز سفرها. غضب وصراخ الفتاة الإنفعالي بإزاء هذه الجملة سرعان ما حلّ محله الخوف والرضوخ لدى قول العنصر لها: "انتي هون عنّا، فينا بأي لحظة نحبسك، ما كتير تفكري حالك قويّة ومحميّة".  بقي جواز سفر الفتاة ثمانية أشهر في أدراج الأمن العام، وفي كل زيارة لطلبه، كانت تخضع لجلسات تحقيق عن عملها، وأصدقائها وإجتماعاتها. الفتاة حصلت على جوازها أخيراً ولكن بمبادرة فرديّة من أحد عناصر الأمن العام، ولكنّه نصحها "ما بقى تراجعي الأمن العام". هي نصيحة أحد "أهل البيت" وهو أدرى بما يحصل في فرعه من تجاوزات.  

إحتاج الأمر إلى عشرات العسكر، للدخول إلى منزل شاب سوري وإعتقاله، التهمة غير معروفة حتى الآن، بحسب معارف الشاب، "هو ناشط حقوقي موجود في لبنان منذ ثلاث سنوات، ليس هناك ما يبرّر إعتقاله". ثلاثة أشهر في السجن، ممنوعاً من الزيارات، ومحروماً من حقّه البديهي، المحاكمة. الأخبار عن أحوال الشاب المتدهورة سربّها أحد الخارجين من السجن نفسه، حيث قال لعائلته أنه، ومن جرّاء المعاملة السيئة التي يتلقاها الشاب في السجن، أصبح كل ما يرجوه الآن هو نقله إلى سجن آخر.     

شابان آخران أُوقفا لحيازتهما جواز سفر مختوم بطريقة غير شرعيّة، سجنا لمدّة ستة أشهر، وخرجا بكفالة بقيمة "2000 دولار"، وقد تعرّضا خلال مدّة تواجدهما في السجن للضرب والكثير من الشتائم. الشابان تمّت محاكمتهما في البدء في محكمة عسكريّة ثم حوّلا إلى محكمة مدنيّة. ولكن بعد فترة من خروجهما يفاجأ الشابان بحكم غيابي بالسجن لمدّة عام ونصف العام بحقّهما. "أريد فقط أن أعرف كيف أحاكم بالتهمة نفسها وبحكم غيابي، وقد حوكمت مسبقاً، وأمضيت في السجن نصف المدّة، ثم خرجت بكفالة، أيعقل أن يكون لكل قاض في لبنان قانونه الخاص به؟!"، يسأل أحدهما.

الأمن العام تراجع عن قراره بمنع الدخول لمدّة خمسة أعوام، الذي صدر بحق الشبان
الثلاثة العالقين على الحدود، وأعاد إستقبالهم في العام نفسه. "هذا القرار نتيجة للضغط الإعلامي والرأي العام، وهرباً من الفضيحة، أدخلونا"، يقول أدهم، أحد الشبان الذين كانوا عالقين على الحدود. لم يكن ذلك نتيجة جهد المنظمات الدوليّة التي إمتنعت عن مساعدتهم، بحسب أدهم.

إذن، نظراً لغياب الضغط الإعلامي عمّا يرتكبه الأمن العام في التحقيقات وداخل السجون، يبدو جليّاً أنّ مسلسل الإنتهاكات سيطول بحق السوريين. وما دام قرار وزارة الداخليّة بمنع دخول الفلسطينيين السوريين إلى لبنان ساري المفعول، ربما ستحرم الكثير من الأمهات من عبور الحدود للمشاركة في دفن جثمان أولادهن، كما جرى مع والدة الفتى يوسف حسين الذي توفي بمرض التلاسيميا في لبنان منذ أيام، ورفض الأمن العام دخول الأم إلى لبنان لتوديع إبنها.

increase حجم الخط decrease