الجمعة 2015/03/27

آخر تحديث: 16:20 (بيروت)

اقتصادات الخليج في منأى عن رياح "عاصفة الحزم"؟

الجمعة 2015/03/27
اقتصادات الخليج في منأى عن رياح "عاصفة الحزم"؟
مع بدء عملية "عاصفة الحزم" تراجعت أسواق الأسهم في دول مجلس التعاون الخليجي (getty)
increase حجم الخط decrease

 

أظهرت التجارب المختلفة أن اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي قادرة على تجاوز الأخطار الجيوسياسية والعسكرية التي تحيط بها والصمود في وجهها. فعندما اجتاحت مجموعات من المسلحين المتطرفين أجزاءً من العراق المجاور العام الماضي، لم تتأثر الاقتصادات الخليجية أو أسواق المال فيها بشكل كبير، ولا يُعتقد أن تكون الانعكاسات الاقتصادية لما يجري حالياً في اليمن خارجة عن سياق هذا المسار الطويل من الاستقرار، بل يُرجح أن تتجاوز الدول الخليجية مرحلة تصاعد الصراع هناك من دون تأثر كبير.


ربما يكون هناك احتمال أن تُضعف الحرب ثقة المستثمرين الدوليين في منطقة الخليج، وقد تشكل تحدياً أمنياً محلياً للسعودية وتبدد الفوائد الاقتصادية المرجوة لدبي وسلطنة عمان من تقارب ممكن مع إيران التي تقترب، على الأرجح، من إبرام اتفاق دولي حول برنامجها النووي، لكن الأكثر دقة هو أن التأثير في المستوى الاقتصادي الشامل يبقى عند درجات متدنية.
ويعتقد محللون أن الصراع في اليمن يشكل قلقاً سياسياً لكنه لن يؤثر في اقتصادات المنطقة، ولن يكون عائقاً أمام الآفاق الاقتصادية لدول مجلس التعاون، لأن انفتاح دول الخليج على اليمن إقتصادياً يكاد يكون معدوماً وربما أقل منه مع العراق، حيث تنخرط بعض الشركات الخليجية أكثر في قطاعات مثل الطاقة والاتصالات، ولها عمليات كبيرة هناك.

سوق النفط
والحال هذه، فإن هناك رأياً راجحاً يشير إلى أن الأزمات الجيوسياسية السابقة عادت بشيء من النفع على اقتصادات الخليج التي ربما تستفيد الآن مما يجري في اليمن إذا دفع ذلك أسعار النفط إلى الارتفاع، ما سيزيد إيرادات صادرات النفط الخليجية.
ويبيع اليمن نحو 1.5 مليون برميل من النفط شهرياً وإذا توقفت حركة البيع فستكون السعودية المستفيد الأول من سد جزء كبير من هذا النقص باعتبار أنها تتمتع بقدرة إنتاجية غير مستغلة يمكن أن تصل إلى ثلاثة ملايين برميل.
وأفاد مصرف "غولدمان ساكس" في مذكرة بأن ضربات "عاصفة الحزم" في اليمن لن يكون لها تأثير يذكر على إمدادات النفط في الأجل القريب.
وفي حين أن اليمن منتج صغير بلغ إنتاجه 145 ألف برميل يومياً في 2014، فإن موجة صعود أسعار الخام لا تتحرك خوفاً من نقصان هذه الحصة من المعروض النفطي في العالم، بل من التصعيد المحتمل قرب مضيق باب المندب الذي قد يؤثر إقفاله في 3.8 مليون برميل يومياً من تدفقات الخام والمشتقات. غير أن المصرف الأميركي أشار إلى احتمال تحويل مسار الناقلات لتبحر من حول أفريقيا بدلاً من المرور عبر اليمن.

مخاوف أخرى
ثمة مخاوف أخرى من الحرب في اليمن، تكمن في أن الأخطار التي تهدد دول مجلس التعاون تتمثل في إمتداد الصراع إلى خارج حدود اليمن، ومع أن احتمالات حدوث ذلك ضئيلة أو تكاد تكون معدومة، لكن هذا السيناريو إذا تحقق فسيكون له تأثير كبير جد.
وربما يندرج في هذه الخانة القلق من الدور المحتمل للعمال اليمنيين في السعودية، الذين يُقدر عددهم بنحو مليون، وفي استطاعتهم إحداث نوع من الشغب أو البلبلة، لكن ذلك لا يبدو ممكناً حالياً. وواجهت دول الخليج مثل هذه السيناريوهات في أوقات سابقة، فقد رحّلت السعودية العمال اليمنيين في عام 1990 بعد الغزو العراقي للكويت، وأجلت عشرات الآلاف منهم عامي 2013 و2014 اثناء حملة على العمالة الاجنبية غير القانونية.

ومع بدء عملية "عاصفة الحزم" تراجعت أسواق الأسهم في دول الخليج الست غير أن هذا الضعف سيكون قصير الأمد ويُنتظر أن تبدأ السوق في الاستقرار والتعافي. ووفق محللين فإن تراجع البورصة السعودية وأسواق الأسهم الخليجية الأخرى هذا الأسبوع مرده إلى مبيعات لجني الأرباح والقلق بشأن نتائج الشركات للربع الأول من السنة، أكثر من كونه نتيجة لمخاوف جيوسياسية.
كما أن مؤشرات أخرى في السوق لم تتأثر بشكل يذكر، فقد شهدت السندات الخليجية تحركات محدودة للغاية بينما ارتفعت تكاليف التأمين على الديون، والتي تستخدم للتحوط من العجز عن سداد الديون السيادية بشكل طفيف. والأكيد أن ذلك يرجع إلى أن دول مجلس التعاون أظهرت في الأعوام القليلة الماضية قدرتها على حماية اقتصاداتها من التهديدات الجيوسياسية مثل انتفاضات الربيع العربي في 2011 أو الاضطرابات اللاحقة في العراق.
وفي أوساط المستثمرين لا يُتوقع أن تؤدي الحرب في اليمن إلى إعادة تقييم واسعة النطاق للإستثمارات وسيكون تأثير ذلك على الدول الرئيسية ضئيلاً من حيث محافظ الديون، فأي عمليات بيع للسندات من جانب المستثمرين الأجانب ستعوضها المؤسسات المحلية بعمليات شراء عند مستويات أرخص.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها