الخميس 2014/11/20

آخر تحديث: 18:11 (بيروت)

الإقتصادات العربية.. الحاجة إلى "إصلاحات هيكلية"

الخميس 2014/11/20
الإقتصادات العربية.. الحاجة إلى "إصلاحات هيكلية"
الأزمات الإقتصادية العربية ما زالت تطرح في المؤتمرات من دون أي حل جدي (المدن)
increase حجم الخط decrease



التوتر الأمني والصراعات السياسية والطائفية السائدة اليوم في العالم العربي، إضافة الى ظهور الجماعات المتطرفة، عوامل كان لها تداعيات سلبية على الواقع الإجتماعي والإقتصادي في البلدان العربية، حيث ازدادات حالات الفقر وارتفعت معدلات البطالة والهجرة والنزوح، ونتيجة لذلك تأثرت إقتصادات الدول التي تشهد معارك، كسوريا مثلاً، إضافة الى الدول التي تأثرت نتيجة توافد النازحين إليها، كلبنان والأردن.

ترابط نتائج الأزمة بين البلدان العربية، وتأثر إقتصاداتها بها، دفعا بالإقتصاديين العرب الى التساؤل حول مصير الإقتصاد العربي، سائلين: "أي إقتصاد عربي ينتظرنا؟". وهذا السؤال شكّل عنوان المؤتمر العربي السنوي للعام 2014، والذي عقده اتحاد المصارف العربية، في بيروت اليوم، بالتعاون مع مصرف لبنان وجمعية المصارف، وعدد من المؤسسات العربية والإقليمية والدولية.

يختلف الواقع الإقتصادي اليوم بين دول عربية متعثرة وأخرى مستقرة الى حد ما، فالدول غير النفطية تشهد أداءا اقتصاديا ضعيفا، حيث معدلات التضخم مرتفعة والاصلاحات المالية متدنية والدين العام في تزايد مستمر، وكذلك الفجوة بين النفقات والإيرادات. ولا بد لمعالجة ذلك، من ادخال اصلاحات هيكلية وتطوير البنى التحتية الملائمة لجذب الإستثمار الأجنبي والمحلي. اما الدول النفطية والتي تشهد استقراراً الى حد ما، فهي تتاثر باسعار النفط العالمية، وبالتالي تحقق نمواً لفترات قصيرة حيث ترتكز اقتصاداتها على النفط الذي يشكل النسبة الاكبر من ناتجها المحلي، وفق المدير العام لبنك الأهلي الاردني مروان عوض.

الواقع العربي الراهن لا يبشر بالخير إذا ما استمر الحال على ما هو، لذلك لا بد من قيام تعاون وتنسيق عربي لمواجهة التحديات الحالية واللاحقة التي يمكن لها تهديد المنطقة في المستقبل. والتحديات التي تواجهها بلدان المنطقة كثيرة ومنها، بحسب رئيس مجلس ادارة اتحاد بنوك مصر هشام عز العرب، غياب السلام والامن وضعف الإمكانات البحثية والعلمية ونقص الموارد المالية، لذلك لا بد من إعادة ترتيب المنطقة لأوضاعها الإقتصادية، من خلال استراتيجيات عمل قوامها تدعيم التعاون والتنسيق وتعزيز القدرات لتنفيذ المشاريع المشتركة، وعلى رأسها التبادل التجاري.

وبما أن معاناة العرب واحدة، والتحديات التي تواجههم متشابهة، ونتيجة للإرتباط الوثيق الذي يحكم العلاقات الإقتصادية في زمن العولمة، فإن الحياد في اتخاذ المواقف غير مقبول. اذ يجب مواجهة الخطر المحدق بنا معاً، والنظرة يجب أن تكون إقليمية شاملة وموحدة، هذا ما جعل نائب الامين التنفيذي للجنة الإقتصادية والإجتماعية لغرب آسيا في "الإسكوا"، عبدالله الدردري، يشبّه الأحداث التي تشهدها المنطقة، بالنار التي تشتعل لتمتد من منطقة الى أخرى. وللتأكيد على ذلك، فإن ما يحدث في سوريا رفع تكلفة عبور البضائع من تركيا الى الدول العربية. وأشار الدردري إلى أنّ هناك 500 ألف عامل مصري في ليبيا يتأثرون بما يجري داخلها، وينعكس ذلك سلباً على مصر حيث تبلغ نسبة البطالة فيها 14%. أما في مجال الأستثمار فإن المستثمر ينظر الى المنطقة بشكل متكامل، وقد تم مؤخراً إلغاء عدد كبير من الحجوزات الاجنبية في تونس بعد وفاة سائح أجنبي في الجزائر، مثلا.

وأشار الدردري، إلى أنّ الواقع الامني والسياسي متدهور. أزمات أينما كان، واسعار النفط في انخفاض، مما يؤثر سلباً على اقتصادات الدول النفطية، إذاً ما الحل؟ فلا بد للإقتصادات العربية من تحمل مسؤولياتها، ليس من أجل تحقيق الربح فقط، انما من اجل بناء اقتصاد ومستقبل مختلفين". فـ"جذور هذه الأزمات معروفة، بدءاً بالحوكمة والإقصاء والفقر والبطالة وصولاً الى العقد الإجتماعي، ولا بد من اعتماد برامج عمل متكاملة لتصحيح الخلل الحاصل، كخفض معدلات البطالة الى النصف خلال السنوات الخمس المقبلة وهو ليس بالأمر الصعب".


ولأن لبنان لا يمكنه الخروج من دائرة التأثر بما يحيط به، فإن الصورة فيه لا تختلف عمّا هو الحال في الدول العربية الأخرى، خصزصا انّ التغيرات في عدد من الدول العربية انعكست على إقتصاده، إلا أنّ "سياسة المصرف المركزي الذي وضع اطاراً ناظماً للعمل المصرفي، نجحت في الصمود في وجه الازمات، إذ مكنت القطاعات الإقتصادية الاخرى من النجاة ولو بأثمان كبيرة"، وفق رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أشار إلى أنّ هذا الصمود مهدد في ظل عدم الإستقرار الإقليمي والتشنج الداخلي، اللذين يلقيان بثقلهما على الحركة الإقتصادية، وإن كنا نعجز عن تغيير الواقع الإقليمي، إلا أننا قادرون على التخفيف من تداعياته".


تلخيص انعكاس المشهد العربي المضطرب على الإقتصادات العربية، لم يخرج من دائرة العرض في المؤتمرات واللقاءات، بالرغم من وجود جملة من التحركات في بعض السياسات المصرفية هنا وهناك. وهذا الواقع، يفرض البحث عن حلول جذرية وعملية، تقي الإقتصادات العربية من مخاطر لاحقة. وضمن الإطار نفسه، على لبنان تحديداً، البدء بالشعور بالقلق الجدي، اذ ان إقتصادنا القائم على الخدمات، والتي تندرج ضمنها العمليات المصرفية، لا يؤمن الحماية الكاملة. وعقد المؤتمرات وحده لم يعد كافياً، فالحديث عن المشكلة وتبيان ما نحن عليه جيد لتسليط الضوء على مختلف المشكلات التي نعاني منها، ولكن ما هي السياسات والإجراءات والبرامج التي وضعت في ظل التعاون العربي الذي يحكى عنه؟ فالإقتصاد العربي اليوم لا يحتاج إلى مؤتمرات تحلل سبب واقعه انما يحتاج الى قرارات حاسمة تخفف مشكلاته أو على الأقل تقيه تفاقمها في المستقبل.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها