الخميس 2015/01/29

آخر تحديث: 18:15 (بيروت)

قانون الإيجارات.. مشكلة في نظام العدالة

الخميس 2015/01/29
قانون الإيجارات.. مشكلة في نظام العدالة
العديد من القرارات صدرت عن قضاة العجلة ورُدّت بموجبها دعاوى الإخلاء المقدمة من قبل مالكين بوجه مستأجرين لديهم
increase حجم الخط decrease


يذهب قانون الإيجارات، وبالتالي الحق بالسكن، في لبنان الى طريق شبه مسدود. فالقانون المطعون بدستوريته جزئياً من قبل المجلس الدستوري، لا يزال عالقاً بين حيزي النفاذ وعدم النفاذ، وإن كانت مجموعة من الأحكام القضائية قد أكدت دخول القانون حيز النفاذ، غير أن النقاش في هذا الأمر يبقى قائماً، وتضاف إليه طبعاً إمكانية التدقيق في هذه الأحكام، للخروج ببعض الإستنتاجات.

العديد من القرارات صدرت عن قضاة العجلة ورُدّت بموجبها دعاوى الإخلاء المقدمة من قبل مالكين بوجه مستأجرين لديهم. الدعاوى مواضيع القرارات كانت قد قدمت في إطار حملة دعا إليها المالكون قبل صدور قرار المجلس الدستوري الثاني (الطعن بالقانون). وقد استند المالكون في دعاويهم الى قانون الموجبات والعقود، على اعتبار أنه القانون العام الساري المفعول في ظل غياب نص خاص يطبق على قضايا الإيجارات في ذلك الوقت.

القضاء، على ما يبدو، وجد لنفسه مخرجاً لكي لا يقع في مأزق التضارب في الأحكام. هو يستبعد الموجبات والعقود ليقفل هذا الباب أولاً، ويعتبر القانون الجديد نافذاً في حدود المواد التي تتناول تاريخ نفاذه ثانياً. ويكون بهذه الصيغة، قد أزاح عن كاهله عبء الإستنكاف عن إحقاق الحق الذي زُج فيه، وترك أمامه الأبواب مفتوحة للتعامل مع القانون الجديد بما لا يشكل أزمة فعلية.

ففي تفاصيل رد الدعاوى، جاء في إحدى الحيثيات: "حيث أنه لم يكن القانون الجديد ساري المفعول حالياً الا أنه بعد بضعة أيام سيصبح كذلك لا محال لأن إنفاذه معلق على أجل محدد ثابت وعندها تصبح الفترة الحالية (قبل 28/12/2014) مشمولة بالتمديد القانوني". والمقصود بالتمديد القانوني هنا، السنوات التسع التي حددها القانون لإستمرار سريان عقود الإيجارات القديمة، وفقاً للزيادة المتراكمة لبدل المثل. هذا القرار الذي صدر قبل تاريخ 28/12/2014، يظهر النية الواضحة لإستبعاد قانون الموجبات والعقود من التطبيق، من خلال إستباقه نفاذ القانون الجديد لرد الدعوى. وكأن القضاء بهذا التوجه يتخذ موقفاً مفاده قبول إعتبار القانون الجديد نافذاً بالرغم من طعن الدستوري، على أن يتمكن حينها من التعامل مع الواقع الذي أنتجه قرار هذا المجلس. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يمكن رد الدعاوى المقدمة أمام القضاء وفقاً للقانون الجديد لعلة عدم الإختصاص، ذلك أن الجهة المخولة النظر بالطعن محددة بالقانون، لكنها غير دستورية!

في مجمل الأحوال، لا يمكن الحسم في هذا المجال ما دام المشرع نفسه لم يتخذ موقفاً. ويبقى أن كل قاضٍ حر مستقل بقراره، وكل القرارات السابقة التي تقر بنفاذ القانون غير ملزمة. والحال هذه تعني أن الأزمة لا تزال قائمة والقضاء ليس الجهة القادرة على حسمها.

من جهتها، لجنة الإدارة والعدل لا تزال عالقةً في دوامة التعديلات المتعلقة بشكل اللجنة وقيمة بدل المثل. يوضح أمين سر لجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين القدامى زكي طه لـ"المدن" أن اللجنة التزمت في البداية الآلية التي أقرتها لتعديل المواد المطعون فيها. فـ"إقترح النائب سمير الجسر الإبقاء على اللجنة كما هي في القانون، على أن تكون قراراتها قابلة للإستئناف أمام محكمة الإستئناف"، لم يمر، وفق طه، على إعتبار أن شكل اللجنة نفسه كان محلاً للطعن من قبل الدستوري. الأمر الوحيد المتفق عليه هو إلغاء عضوية مندوبي المستأجرين والمالكين من اللجنة، كونهم لا يمثلون هذين الطرفين بشكل فعلي. من ناحية أخرى، يرفض جزء من النواب إستبدال اللجنة بمحكمة البداية، لما ينتج عن ذلك من درجات تقاضي اضافية متاحة أمام المتنازعين، وفقاً لطه.

أما عن بدل المثل، فيحتدم الخلاف داخل اللجنة أيضاً على تحديد قيمته. فالبعض "يتمسك بالـ5% من القيمة التأجيرية والبعض الآخر يطالب بتخفيضها حتى الـ3%".

حتى هذه اللحظة لم يتم رفع دعاوى إيجارات مستندة إلى القانون الجديد امام القضاء، وفق ما يؤكد طه. والمشكلة لا تزال عالقة في لجنة الإدارة والعدل، التي لا توحي بإمتلاكها مفاتيح الحسم في هذه المسألة. هذا الواقع غير المتزن، الذي قد يؤدي الى مشكلة في نظام العدالة ما أن تبدأ الدعاوى المستندة الى القانون الجديد بالتقدم أمام القضاء، لا إمكان لحسمه الا في مجلس النواب. والأخير مطالب "بسحب القانون من التداول وإعادته الى المجلس لدراسته وتعديله" يقول طه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها