الجمعة 2015/11/06

آخر تحديث: 13:53 (بيروت)

مشروع راسنحاش.. محاولة "يتيمة" للإفادة من النفايات

الجمعة 2015/11/06
increase حجم الخط decrease
في وقت ينظر معظم اللبنانيين الى النفايات بطريقة سلبية، ينظر البعض إليها من جانب إيجابي يتلخص بإستخدامها لإنتاج الطاقة. الرؤية الإيجابية للنفايات تتجه إلى تجسيدها بلدة راسنحاش في البترون، التي تتحضر لإطلاق عملية إستخدام النفايات لإنتاج الكهرباء، عبر تقنية طوّرها المهندس سمير مراد.

العملية تقوم على حرق النفايات، والحرارة الناتجة عن الحرق تسخّن المياه وتحولها الى بخار يضغط على توربينات تولّد الكهرباء، لحوالي 1500 شخص، وهم عدد سكان البلدة. والبخار الموجود داخل الآلة الضخمة، يتكاثف مجدداً ليتحول الى مياه تتكرر بواسطتها عملية الانتاج. اما الدخان الناتج عن هذه العملية، فتتم تنقيته بواسطة "فلاتر"، وهي عملية آمنة، لكن في لبنان، بحسب ما يقوله مراد لـ "المدن"، يقوم الناس وأصحاب المنشآت، بإستسهال دور الفلاتر. ومن جهة العوادم الناتجة من العملية، فلا تسبب مشكلة، وفق مراد، لأن نسبتها لا تتعدى الـ 1%، ويمكن اعادة استخدامها في تعبيد الطرق.
ويشير مراد الى ان عملية الحرق تسبقها عملية فرز، تفيد بإعادة تدوير الزجاج والمعادن، وبذلك، فإن المشروع يهدف الى التخلص من النفايات، وتوليد الكهرباء، وإنتاج مواد تستعمل في تعبيد الطرق. علماً انه سيتم التواصل مع البلدية لإشراكها في إدارة المشروع. ومن جهتها، تنتظر البلدية النتائج النهائية للدراسة، بعد دراسة الأثر البيئي والانتهاء من كل الاختبارات، لإعلان موقفها، وفق ما يؤكده رئيس البلدية إيهاب قلاوون، لـ "المدن". ويلفت قلاوون النظر الى ان البلدية إطّلعت على تفاصيل المشروع، وتتوجه لتعيين خبير بيئي يشرف على الإختبارات ويدرس حجم الانبعاثات. لكن في المبدأ - يقول قلاوون - البلدية مستعدة لتبنّي المشروع.


"النية" موجودة، والجميع على استعداد لتبني المشروع الذي يساهم في التخلص من النفايات بطرق مفيدة، لكن العقبة الأساسية أمام المشروع، هي التمويل، الذي يصل الى حوالي 200 ألف دولار، ويعمل مراد على تأمينه عبر التبرعات من الأفراد والمؤسسات، مع الاشارة الى ان عددا من ابناء البلدة من ميسوري الحال. كذلك فإن مؤسسات "لايزر" في طرابلس و"البحث" في راسنحاش، وشركة "آيسنار" في ألمانيا، موّلت أعمال البحث والتصنيع، والمأمول أن تؤمن البلدية عملية تشغيل المشروع، في حال موافقتها عليه. ويتميز هذا المشروع الذي بدأ البحث فيه منذ العام 2007، بأنه من إنتاج لبناني 100%، لأن التصميم والبحث كانا على عاتق عدد من طلاب الهندسة اللبنانيين، ولا يحتوي المشروع على أي قطعة مستوردة، سوى "التوربين".
ويطمح القيّمون على المشروع الذي سيبدأ بتوليد الطاقة لأعمدة البلدية في راسنحاش، إلى توسيع نطاق عملهم ليشمل مناطق شمالية أخرى، والى توليد 40 ميغاوات عن طريق شركة "طاقة الشمال" والتفوق على كهرباء قاديشا التي تولد 37 ميغاوات حالياً، كما أن هناك تواصلاً مع الهلال الأحمر القطري لتزويد أحد مخيمات اللاجئين السوريين بـ 2.5 ميغاوات، تستخدم للإنارة.
وبفعل المشروع سيتحول مكب النفايات في راسنحاش إلى مصدر للطاقة النظيفة، ويمكن تعميم التجربة في حال وجود الارادة السياسية، علماً انه "طرح على بلدية طرابلس في وقت سابق، مشروعان مماثلان، لكنها لم ترد، مع ان طرابلس تنتج كمية نفايات تكفي لتأمين ربع حاجة السكان من الكهرباء". ويستغرب مراد عدم اكتراث الدولة لهذه المشاريع، بالرغم من أنّها لا تتعارض مع كهرباء الدولة، فالدولة تسمح لأصحاب المولدات الخاصة بالعمل لتأمين الكهرباء، بصورة متوازية مع كهرباء الدولة. ويستغرب استقدام شركة كهرباء قاديشا لشركات من الخارج لتطوير عملها، في حين ان الحلول والخبرات موجودة في الداخل، وهناك بديل وطني فعال.
المشروع ليس فريداً من نوعه في لبنان، ولا في منطقة الشمال التي طرح فيها المهندس محمد نور الأيوبي مشروعاً مماثلاً منذ العام 1991، لكنه لم يلق قبولاً من الجهات الرسمية اللبنانية، علماً ان فكرته تبنتها شركة مقاولات سعودية. ويتميز هذا المشروع عن مشاريع الطاقة الشمسية، بعدم حاجته الى مساحات كبيرة او الى تجهيزات كثيرة يتم استيراد أغلبيتها من الخارج، فضلاً عن أن كلفته أقل.
والى حين تنفيذ مشروع راسنحاش، تبقى المحاولة يتيمة، بإنتظار "الفرج"، لكنها أفضل من عدم المحاولة، وانتظار الحلول العقيمة من الدولة التي فشلت بحل أزمة النفايات.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها