السبت 2018/02/24

آخر تحديث: 01:12 (بيروت)

الضرائب المحصّلة أقل من كلفة السلسلة

السبت 2018/02/24
الضرائب المحصّلة أقل من كلفة السلسلة
الضرائب لم ولن تحقق الإيرادات المطلوبة (المدن)
increase حجم الخط decrease
عندما أقرّت الحكومة في موازنة العام 2017 سلّة ضرائب طالت فئات المجتمع كافة، أقرتها تحت ذريعة تغطية تكاليف سلسلة الرتب والرواتب وربطت قانون الضرائب بقانون السلسلة موضوع التغطية. وبعد وقوع موازنة 2018 في عجز كبير بدأ بعض وزراء الحكومة بالترويج لأسباب العجز الناتج من زيادة الإنفاق وعدم تسجيل الضرائب المفروضة الإيرادات المتوقعة منها.

لا يمكن اعتبار تبرير بعض الوزراء (ومن بينهم وزير الاقتصاد رائد خوري) للعجز سوى إدانة للحكومة وتأكيد على غياب الرؤية الاقتصادية لسياسة الضرائب. بالتالي، فشلها في احتساب الإيرادات المتوقعة واعتماد طريقة "الدكنجي" في إدارة الحسابات العامة.

الضرائب الـ22 التي فرضت في موازنة 2017 كان متوقعاً أن تدر على خزينة الدولة نحو 1762 مليار ليرة، منها 1200 مليار ليرة تكلفة سلسلة الرتب والرواتب. لكن، ما تبيّن اليوم أن تكلفة السلسلة تجاوزت 1900 مليار ليرة وما زالت التكلفة مرجّحة للارتفاع (بعد بت أزمة المستشفيات الحكومية وتعاونية موظفي الدولة وأوجيرو وغيرها من المؤسسات). أما الضرائب فإنها لم ولن تحقق إيرادات 1762 مليار ليرة. فما هي حقيقة الأسباب التي أُغفلت عنها الحكومة عند تقديرها الضرائب؟

السبب الأول هو تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني. ويعتبر هذا التراجع طبيعياً من وجهة النظر الاقتصادية تزامناً مع زيادة العبء الضريبي على المستهلك، وعندما قدّرت الحكومية الإيرادات الضريبية، في العام 2017، لم تأخذ بالحسبان تراجع قدرة المواطن على الصرف.

والسبب الثاني والأهم هو، وفق الخبير الإقتصادي جاسم عجاقة، التهرب الضريبي. "إذ ترتبط زيادة الضرائب دائماً بارتفاع مستوى التهرّب الضريبي". ويوضح عجاقة، في حديث إلى "المدن"، أن نسبة التهرب الضريبي في لبنان تبلغ نحو 7.2% من الناتج المحلي أي من 3.9 إلى 4 مليار دولار.

أما السبب الثالث فيرتبط بشكل أو بآخر بالتهرب الضريبي وضعف قدرة الدولة على جباية الضرائب بشكل دقيق. ويرتبط أيضاً، وفق عجاقة، بغياب المكننة بالمعنى الحقيقي. "إذ ما زالت وزارة المال عاجزة عن إحصاء القطاعات والمؤسسات الخاضعة للضريبة. وهي غير قادرة على ملاحقة الحسابات للشركات المشتبه فيها بالتهرّب الضريبي بسبب السرية المصرفية".

عدم تحقيق الإيرادات الضريبية كما هو متوقع، رغم غياب الأرقام الدقيقة، لم يشكل مفاجأة بالنسبة إلى العديد من الخبراء، ومنهم عجاقة، بسبب غياب أي دراسات اقتصادية وmacro-econométrique قبل اتخاذ الإجراءات الضريبية. وينتقد عجاقة غموض أرقام الموازنة عموماً، لاسيما في ما يتعلّق بالإيرادات الضريبية واعتماد أرقام تقريبية.

يُضاف إلى الأسباب التي تقف وراء خفض الإيرادات الضريبية، توجّه الحكومة إلى التجاوب مع جمعية المصارف بشأن اعفاء الأخيرة من ضريبة الفوائد الواقعة على نشاطات الانتربنك وحسابات المصارف لدى مصرف لبنان. هذا الاعفاء، في حال حصوله، سيخفض ما كان متوقعاً من الإيرادات الضريبية إلى ما لا يقل عن 400 مليون دولار.

ولكن، يبدو أن الحكومة تضع مسألة اعفاء المصارف من هذه الضريبة في ميزان حاجاتها إلى الإستدانة وهو ما يمكن أن يدفعها، وفق مصدر لـ"المدن"، إلى إقرار الاعفاء. بمعنى أن الحكومة تحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى مساعدة القطاع المصرفي في الاستدانة، لاسيما أنها على أبواب استحقاقات في العام 2018 لا تقل عن 10 مليارات دولار. وقد طلب وزير المال علي حسن خليل في جلسة الحكومة الأخيرة الموافقة على إصدار سندات دين بقيمة 6 مليارات دولار.

وهناك من يطرح تساؤلات حول إذا ما أصرت الدولة على عدم اعفاء نشاطات الانتربنك وحسابات المصارف لدى مصرف لبنان من ضريبة الفوائد، فمن يضمن أن تُقبل المصارف على شراء سندات الدولة بالفوائد الحالية؟ ومن يضمن عدم مطالبتها برفع الفوائد مجدداً أو ربما عدم إقبالها على شراء السندات وتمويل الدولة؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها