الأربعاء 2018/01/10

آخر تحديث: 09:11 (بيروت)

الضمان الاجتماعي: عجز وفراغ

الأربعاء 2018/01/10
الضمان الاجتماعي: عجز وفراغ
للضمان في ذمة الدولة 2300 مليار ليرة (المدن)
increase حجم الخط decrease

لم يكن العام 2017 بالنسبة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أقل سوءاً من سلفه. وربما يكون العام 2018 أكثر سوءاً من سابقه، ما لم يتم تدارك الأمور وحل القضايا التي تشكل ضغطاً على إحدى أكبر المؤسسات الضامنة في البلد وفي مقدمها الوضع المالي والنقص البشري.

مالية الضمان
يعاني الصندوق الذي يؤمن المظلة الصحية لنحو مليون و430 ألف شخص من أزمة مالية مزمنة وتتراكم على مر السنوات، يعود سببها الرئيسي إلى تقصير الدولة بدفع متوجباتها تجاه الضمان. إذ كان من المفترض أن تسدد الدولة للصندوق نحو ألف مليار ليرة خلال الأعوام 2014 و2015 و2016. لكن لم يصل منها سوى 170 مليار ليرة فحسب. أما في العام 2017 فلم تسدد الدولة أي مبالغ لمصلحة الضمان.

والنتيجة أن للضمان مستحقات مالية في ذمة الدولة تقدر بـ1880 مليار ليرة حتى نهاية العام 2016. وإذا أضيفت متوجبات العام 2017 تصبح الحصيلة نحو 2300 مليار ليرة، الأمر الذي ينعكس سلباً على مالية الفروع الرئيسية للضمان وهي فرع المرض والأمومة وفرع التقديمات العائلية. ويُستثنى فرع تعويضات نهاية الخدمة الذي يتمتع بوفر مالي.

وانطلاقاً من هذه الأرقام يصبح مؤكداً أن تأخر الدولة بسداد ديون الضمان يساهم حتماً بعجزه عن تطوير أدائه وزيادة تقديماته وتفعيل خدماته.

أزمة الكادر البشري
يبلغ الشغور في وظائف صندوق الضمان الاجتماعي نحو 48%. فعدد العاملين في الضمان لا يتجاوز 1100 شخص فقط في كل المراكز والفروع والمناطق، في حين أن الكادر الوظيفي يفترض أن يكون بحدود 2050 موظفاً. ما يؤثر حكماً على أداء الصندوق وقدرته على تلبية طلبات المضمونين.

وأكثر ما يعيق عمل الضمان هو الشغور في منصب المدير. إذ لا يوجد سوى 4 مدراء فقط من أصل 12 مديراً (قبل أن يتم رفع العدد إلى 14 مديراً). كما لا يوجد أي مدير بالأصالة، ويعود السبب بعدم تعيين مديرين بالوكالة إلى عدم حصول توافق في مجلس إدارة الضمان حول الأسماء المطروحة. ولا ننسى أن الشغور على مستوى رؤساء الدوائر في الضمان يتجاوز 50 في المئة وكذلك في الفئة السادسة.

أزمة مجلس الإدارة
انتهت ولاية مجلس الادارة الحالي للضمان الاجتماعي منذ أكثر من 10 سنوات. ويعود قرار التمديد له إلى عهد وزير العمل الأسبق طراد حمادة. إذ تم آنذاك التمديد له وتكليفه بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل مجلس ادارة جديد، تجنّباً لعدم وقوع فراغ في إدارة الضمان. وما يزال مجلس الإدارة حتى اليوم يصرّف أعمال الضمان من دون اتخاذ أي قرار مفصلي.

ولكن ما زاد الطين بلّة هو شغور مجلس الإدارة منتهي الصلاحية، إذ بات يلتئم بأقل من نصف أعضائه بحكم وفاة بعضهم واستقالة البعض الآخر.

وتكاد تكون مهمة تعيين مجلس إدارة جديد من أكثر المهام تعقيداً في "سلة إصلاح" الضمان، وهو ما اعترف به وزير العمل محمد كبارة في أكثر من مناسبة، إذ أنه ينتظر ملاءمة الظروف والأوضاع السياسية العامة في البلد، ليطلب من الاتحاد العمالي العام ومن الهيئات الاقتصادية تسمية ممثليهم في مجلس الإدارة، الذي يتألف من 10 أعضاء لكل جهة من طرفي الانتاج، على أن تعين الحكومة 6 أعضاء يمثلونها في المجلس.

الضمان الاختياري
يشكل الضمان الاختياري النقطة السوداء الأبرز في تاريخ الضمان الاجتماعي في لبنان. إذ إنه اتسم بالعديد من المغالطات والشوائب منذ وضعه موضع التنفيذ مطلع شباط 2003. ولعل أبرز نقاط ضعفه كانت عدم توافر التمويل اللازم لتغطية كلفة استشفاء المضمونين الإختياريين وغالبيتهم من كبار السن، فالإشتراكات المحصّلة من المنتسبين لم تكن كافية للتغطية اللازمة. ما أوقع القسم في عجز لم يخرج منه حتى اللحظة.

عجز قسم الضمان الاختياري دفعه إلى التوقف القسري للمرة الأولى، في العام 2005، قبل أن يُستأنف بقرار من إدارة الصندوق، ثم توقفت المستشفيات لاحقاً عن استقبال المضمونين الاختياريين بسبب تراكم الديون على الضمان، واستمر الشلل في القسم حتى العام 2011، في مقابل استمرار صندوق الضمان بجباية الإشتراكات من المنتسبين، إلى حين اتخاذ قرار بحل أزمة الضمان الاختياري بشكل نهائي وهو ما لم يحصل حتى اليوم.

أما اليوم وبعد تراجع أعداد المنتسبين إلى قسم الضمان الاختياري بشكل كبير لا يُفتح الباب لمنتسبين جدد، إلا في حالات "معيّنة" تمر عبر أحد النافذين في الضمان. كما يستمر الصندوق بتغطية المنتسبين السابقين من حيث المبدأ غير أن للمستشفيات حرية استقبالهم أو رفضهم تحت أي ذريعة.

وبالعودة إلى آخر الأرقام المتعلّقة بقسم الضمان الاختياري فقد بلغ مجموع واردات قسم المضمونين الاختياريين خلال العام 2011 نحو 16.066.018.801 ليرة. أما مجموع التقديمات فبلغ نحو 26.315.271.565 ليرة، أي أن العجز فاق في العام الأخير، قبل وقف الضمان الإختياري، 10 مليارات ليرة. إذا أضفنا إليه تكلفة عشرات المنتسبين، الذين جرى قبول انتسابهم بشكل مخالف منذ العام 2011 وحتى اليوم.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها