الثلاثاء 2017/08/01

آخر تحديث: 18:41 (بيروت)

"تنظيم" المولدات الكهربائية الخاصة.. لمصلحة "الكبار"؟

الثلاثاء 2017/08/01
"تنظيم" المولدات الكهربائية الخاصة.. لمصلحة "الكبار"؟
هناك "لوبي" من كبار أصحاب المولدات يسعى لتحجيم صغار المستفيدين (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
وسط تفاقم أزمة التسعيرة التي يفرضها أصحاب المولدات الكهربائية الخاصة، دون وجود أي تنظيم لهذا القطاع، خلصت وزارة الإقتصاد والتجارة، الثلاثاء 1 آب، الى إصدار قرار ينظم آلية تصريح أصحاب المولدات، لدى الوزارة، وينظم العلاقة التعاقدية بين أصحاب المولدات والمشتركين. فضلاً عن تأكيد الوزارة اعتماد أصحاب المولدات نظام العدادت وليس المبالغ "المقطوعة".

قرار الوزارة الذي حمل رقم 145/1/أ.ت، يلزم أصحاب المولدات بتعبئة إستمارة تتضمن "كافة المعلومات المطلوبة عن المولدات (العنوان الكامل للمولد الكهربائي واسم صاحبه وعنوانه...) وذلك في مهلة شهرين من تاريخ نشر هذا القرار". بالإضافة الى "تزويد المشتركين كافة بفواتير واضحة"، وفقاً لنماذج تحددها الوزارة، تتضمن "إسم صاحب المولد، رقم هاتفه، كامل المبلغ الذي تم تقاضيه من المشترك بعد ذكر عدد الكيلوواط المستهلكة خلال الشهر، وفقاً لما بينه العداد لدى كل مستهلك، والثمن الذي تم تقاضيه مقابل كل كيلوواط، بالإضافة الى توقيع صاحب المولد، وذلك اعتباراً من تاريخ 1/10/2017، كما يجب على صاحب المولد الإحتفاظ بنسخة عن جميع الإيصالات المعطاة الى الزبائن لمدة لا تقل عن سنة".

في الظاهر، يمكن لهذا القرار تخفيف الضغط عن المواطنين، عبر خفض كلفة الخدمة التي تقدمها المولدات الخاصة، ناهيك بتنظيم القطاع. غير أن في التجربة اللبنانية هناك دائماً كلمة "لكن"، التي تسبق أي قرار. وهذه الكلمة تتعلق بخلفيات القرار والجانب التطبيقي منه.

تشير مصادر في وزارة الإقتصاد، في حديث لـ"المدن" إلى أن هذا الإجراء "نابع من حرب بين كبار أصحاب المولدات، وهؤلاء يستخدمون الدولة لتمرير بعض الإجراءت. اما الهدف، فهو "تنظيف" القطاع من صغار أصحاب المولدات، وترتيب المهنة بما يخدم مصالح الأقلية الكبيرة".

وإذا كانت بعض البلديات ترحب بالقرار لأنه يحل مسألة خلافية كبيرة، إلا ان العبرة تكمن بالتنفيذ وبقبول أصحاب المولدات، منعاً لأي تفاقم للأزمة. وفي السياق، يشير رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، في حديث لـ"المدن" الى ان وزير الإقتصاد رائد خوري، كان قد أطلعه على مضمون القرار منذ نحو شهرين. لكن التنفيذ تأخر بسبب التفاوض مع أصحاب المولدات.

ويثني السعودي على أهمية هذا القرار، لكنه ينتظر نتائج الاجتماع الذي سيعقد يوم الأربعاء 2 آب، بين محافظ الجنوب وأصحاب المولدات للوقوف عند مطالبهم، وللتأكيد أن المحافظ "لن يتساهل في قراراته".

رغم التعقيدات التي تشهدها العلاقة بين أصحاب المولدات والمواطنين في صيدا، إلا انها تُعد من الملفات السهلة، مقارنة بتعقيدات الحالات المشابهة في الأطراف والقرى النائية. وهنا، يبرز ضعف وزارة الاقتصاد أمام التطبيق العملي على الأرض، خاصة وأن الكثير من المناطق اللبنانية، ترعاها معادلات الأمن الذاتي وقوى الأمر الواقع. وتتساءل المصادر عمّا يمكن للوزارة فعله في منطقة مثل الضاحية الجنوبية لبيروت، "فهل تستطيع الوزارة الدخول الى الضاحية وتنظيم القطاع وقمع المخالفات؟".

وبرأي المصادر "الوزارة لا يمكنها احصاء عدد أصحاب المولدات ولا أعداد المولدات التي يملكونها"، ويسهم في ذلك، "الصفة غير القانونية لنشاط أصحاب المولدات، إذ لا يوجد نص قانوني يرعى عملهم. وطوال سنوات، تركت الدولة هذا القطاع لقوى الأمر الواقع، ما عقّد إمكانية الحل اليوم".

تضيف المصاد أن هذا القرار رغم نيته السليمة ظاهرياً، إلا أنه يحمل تناقضات قانونية وإشكالات عملية. فوزارة الاقتصاد، "ليس من إختصاصها تنظيم القطاعات. كما ان قطاع المولدات الخاصة يندرج ضمن قطاع الطاقة، وإذا كان لابد من إتخاذ قرار بشأنه، فوزارة الطاقة هي الجهة الأنسب، خاصة وان التسعيرة الشهرية تصدر عنها، لا عن وزارة الإقتصاد. وفي جميع الأحوال، فإن هذه التسعيرة غير ملزمة، وهي تسعيرة توجيهية".

إذاً، هي التفاتة غير مكتملة من الناحية القانونية والإجرائية، وتأتي في ظل عرقلة مشاريع الطاقة الكبرى، على غرار البواخر التي يفترض ان ترفع معدلات التغذية، في حال التوافق على إستجرارها، وبالتالي ينخفض إعتماد المواطنين على المولدات الخاصة. وإذا كانت هذه المقاربة ليست هي السند الأقوى لقرار وزارة الاقتصاد، إلا أن "لوبي" أصحاب المولدات لديه ما يكفي من أسباب تدفعه إلى الضغط لإخراج قرارات رسمية تفيده، أو في أحسن الأحوال، لديه ما يحصّنه تجاه قراراتٍ قد تهدد مصالح كبار مستفيديه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها