الجمعة 2017/07/28

آخر تحديث: 11:15 (بيروت)

ماذا فعل الحريري وسلامة في واشنطن؟

الجمعة 2017/07/28
ماذا فعل الحريري وسلامة في واشنطن؟
لفت الحريري إلى الأثار السلبية للعقوبات على الإقتصاد اللبناني (Getty)
increase حجم الخط decrease

بدا واضحاً أنّ المسائل الاقتصاديّة والنقديّة كانت أبرز محاور زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الولايات المتحدّة، خصوصاً في لقاءاته في البيت الأبيض والكونغرس واللقاءات مع كبار مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

العقوبات الأميركيّة الجديدة
ليس من قبيل الصدفة أنّ يكون في طليعة الوفد المرافق للحريري حاكم المصرف المركزي رياض سلامة، خصوصاً أنّ ملف العقوبات الأميركيّة على حزب الله كان أبرز مواضيع اللقاءات التي أجراها الحريري. وإذا كانت مداولات الحريري في كل تلك اللقاءات هدفت في شقّها النقدي إلى الاضاءة على الآثار السلبيّة المحتملة للعقوبات على وضع القطاع المالي في لبنان. فالأكيد أنّ وجود سلامة كان للاضاءة التقنيّة على الصيغ والآليّات التي يمكن من خلالها تطبيق نصوص قانون العقوبات الأميركي الجديد بالحد الأدنى من الآثار على سلامة القطاع.

وهنا تبرز أهميّة إيجاد هذا النوع من الآليّات بالتنسيق مع مصرف لبنان، خصوصاً أنّ إقرار العقوبات أصبح بحكم الأمر الواقع في الولايات المتحدة. بالتالي، ما يمكن فعله تحديداً هو التباحث في طرق حماية المصارف اللبنانيّة من تداعيات هذه العقوبات.

ولعلّ من المفيد تذكّر المفاوضات والمخارج التي أجراها سلامة سابقاً عند إقرار قانون العقوبات القديم، والتي كان لها الدور الأساسي في تطبيق الآليّة التي مكّنت القطاع المصرفي من تنفيذ نص تلك العقوبات من دون تأثير كبير على عمل القطاع المصرفي في لبنان.

ويبدو أن هناك أولويّة كبرى للتخلّص من أيّ آثار محتملة لهذه العقوبات على سلامة القطاع، خصوصاً مع تأكيد وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الشهر الماضي أن تشديد العقوبات الأميركيّة على حزب الله سيؤثّر بشكل مباشر أو غير مباشر على التدفّقات الأجنبيّة إلى البلاد، وعلى القطاع المصرفي.

وغني عن الذكر أنّ الوضع المالي لا يعيش أفضل أيّامه في لبنان، إذ لجأ مصرف لبنان خلال السنة الماضية إلى هندسات ماليّة استثنائيّة ومكلفة لمواجهة عجز ميزان المدفوعات وتناقص إاحتياطي العملات الصعبة على مدى سنوات عدّة، فكيف ستكون الحال بوجود عقوبات ذات تأثير بالغ غلى التدفّقات الماليّة الأجنبيّة؟ وأي أثر سيتركه ذلك على بلد يقوم نموذجه الإقتصادي على تمويل تراكم الدين العام من نمو ودائع القطاع المالي تحديداً؟ هنا، يمكن تفهّم الأولويّة التي تم إعطاؤها لهذا الملف في زيارة الحريري.

مساعدات بإسم النازحين
وقد تناولت زيارة الحريري إلى البيت الأبيض في شق أساسي منها مسألة النزوح السوري، في استكمال لسياسة الحكومة القائمة على طلب المساعدات لدعمها في تحمّل عبء هذا النزوح. في الواقع، كان موضوع النازحين والأعباء التي يتحمّلها لبنان بسبب وجودهم حاضراً أيضاً في زيارة الحريري إلى الكونغرس، وحتّى في اللقاءات التي أجراها مع مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

وبعد الزيارة إلى البيت الأبيض مباشرةً أعلنت الولايات المتحدة تقديم أكثر من 140 مليون دولار على شكل مساعدات إضافيّة للبنان، تلبية لحاجات النازحين و"المجتمعات اللبنانيّة المضيفة".

وبذلك، وبعد زيارة الحريري، تكون القيمة الإجماليّة التي قدّمتها الولايات المتحدة للبنان على شكل مساعدات إنسانيّة على خلفيّة اللجوء السوري أكثر من 1.5 مليار دولار. وتشمل تلك المساعدات معونات غذائيّة ورعاية طبيّة ومساكن، بالإضافة إلى مشاريع بنية تحتيّة لتأمين خدمات مياه الشرب والصرف الصحّي للنازحين السوريّين واللبنانيين من المجتمعات المضيفة، وفق بيان السفارة الأميركيّة في بيروت.

ومساعدات للدولة اللبنانيّة
بمراجعة الجداول الصادرة عن وزارة الخزنة الأميركيّة لموازنة العام 2018 الماليّة، يتبيّن أنّ قيمة المساعدات الاقتصاديّة المخصّصة للبنان ستنخفض بنسبة 23%، لتبلغ 85 مليون دولار (بعدما كانت قد وصلت إلى 110 ملايين دولار في العام 2016 مثلاً). بينما تم خفض قيمة المساعدات العسكريّة بنسبة 82% لتبلغ 19 مليون دولار، بعدما بلغت 103 مليون دولار في العام 2016.

هذه الأرقام تطرق إليها الحريري في لقائه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رابطاً بين هذه المساعدات (خصوصاً المقدّمة للقوات المسلّحة) وقدرة الدولة على مواجهة الإرهاب. وقد نقل الحريري لاحقاً عن ترامب تجاوبه مع حاجة الجيش إلى هذا الدعم، خصوصاً في ظل دور لبنان في "محاربة التطرّف".

وتابع الحريري نقاشاته بشأن الدعم الإقتصادي والعسكري المقدّم إلى لبنان في الكونغرس الأميركي، وأُعيد ربط المساعدات الإقتصاديّة نفسها بمسألة المعاناة من أزمة اللجوء.

زيارة إقتصاديّة الطابع
مع اللقاءات التي أجراها الحريري مع مسؤولي البنك الدولي وصندوق النقد، تكتمل صورة زيارة برز فيها الطابع الاقتصادي بقوّة، ولو لم تنتج لقاءات البنك الدولي وصندوق النقد أي قرارات أو توجّهات غير تصريحات الحريري التي تناولت المواضيع نفسها تقريباً.

هكذا، أتت الزيارة في ظلّ أزمة العقوبات الماليّة المقبلة وتداعياتها وحساسيّة القطاع الذي تطاله في لبنان، وفي ظل استمرار أزمة النازحين، وبروز الأسئلة بشأن مستقبل الدعم الاقتصادي والعسكري للبنان. كلّ تلك الملفّات فرضت مشهداً اقتصاديّاً على زيارة برزت نتائجها سريعاً في ملف النازحين. ويبقى أن ننتظر النتائج في ملف العقوبات مع بدء تطبيق القانون بعد صدوره.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها