الإثنين 2017/05/15

آخر تحديث: 07:55 (بيروت)

تضخيم عبء اللجوء السوري: الحكومة تقلب المعادلة

الإثنين 2017/05/15
تضخيم عبء اللجوء السوري: الحكومة تقلب المعادلة
للمساعدات أثر إيجابي على صعيد الإقتصاد المحلّي (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
في كلمة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الدوحة السابع عشر، قدّر رئيس الحكومة سعد الحريري خسائر لبنان جرّاء اللجوء السوري بـ25 مليار دولار، مشيراً إلى إنخفاض النمو من 8% قبل الأزمة إلى 1% حاليّاً، ليخلص إلى اعتبار اللجوء السوري عائقاً أساسيّاً أمام النمو الإقتصادي.


وبينما تستمر الحملة الرسميّة لزيادة المساعدات الدوليّة من خلال هذا النوع من التصريحات، يحذّر كثيرون من تداعيات تضخيم آثار اللجوء السوري إعلاميّاً على اللاجئين وعلاقة محيطهم بهم.

التمييز بين آثار الأزمة السوريّة وتداعيات اللجوء
يدعو مدير الأبحاث في مركز عصام فارس للسياسات العامّة والشؤون الدوليّة في الجامعة الأميركيّة د. ناصر ياسين، في مقابلة مع "المدن"، إلى "ضرورة الإنتباه إلى كون خسائر لبنان منذ ست سنوات نتجت من أزمة سوريا بشكل عام وليس من أزمة اللجوء فحسب. وهناك خلط بين الأمرين". ويوضح: "صحيح أنّ نسبة نمو الناتج المحلّي إنخفضت منذ 2010 ولغاية اليوم إلى نحو 1%، لكنّ هذا الإنخفاض لم ينتج عن أزمة اللاجئين، بل أزمة سوريا نفسها".

يتابع: "مثلاً، في مجال البنية التحتيّة، بالتأكيد هناك طلب أو إستخدام إضافي مع الزيادة السكّانيّة التي حدثت بفعل اللجوء، لكن علينا أن لا ننسى أننا لم نقم بإستثمار حقيقي أو جدّي في هذا المجال منذ العام 1998". بالتالي، لا يمكن وضع اللوم على الزيادة التي حدثت بفعل لجوء السوريين.

مساهمات إقتصاديّة للاجئين
يعطي ياسين أمثلة عن مساهمات اللاجئين السوريين في الإقتصاد المحلّي للدول المضيفة. فعلى سبيل المثال دفع اللاجئون السوريون في لبنان، في العام 2016، نحو 378 مليون دولار أميركي كإيجارات سكن، وفقاً للمفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويستفيد من ناحية أخرى 493 متجراً لبنانياً من برنامج "النقد مقابل الغذاء"، الذي ينفق من خلاله اللاجئون السوريون 22 مليون دولار شهريّاً (أي 264 مليون دولار سنويّاً)، وفقاً لبرنامج الغذاء العالمي.

وتشير الأرقام كذلك إلى أكثر من 12 ألف وظيفة مؤقّتة خُلقت في العام 2016 في لبنان للتعامل مع أزمة اللجوء السوري، بينما خُلقت 9580 وظيفة بدوام كامل للغرض نفسه. أمّا المؤسسات التجاريّة الجديدة التي تأسست حول مخيّمات اللاجئين السوريين فقد استحوذ اللبنانيون على 84% منها.

وفي مصر قام اللاجئون السوريون باستثمار 800 مليون دولار منذ بداية الأزمة، بينما بلغ عدد الشركات التي تأسست في تركيا بين 2012 و2016 بشركاء سوريين نحو 5274 شركة.

أثر إقتصادي مضاعف
تشير دراسة نشرتها مؤسسة عصام فارس إلى أن كل دولار إضافي تنفقه عائلة سوريّة من المساعدات في الإقتصاد اللبناني يولّد إضافة تقدّر بـ2.13 دولاراً للناتج المحلّي اللبناني. وتلفت إلى أنّ هذه المساعدات لا تولّد أثراً على صعيد التضخّم، كما أنّ لها أثراً إيجابياً على صعيد الإقتصاد المحلّي.

ويذكّر ياسين أنّ تقديرات المنظّمات الدوليّة للأموال التي يتم تحويلها كمساعدات إلى لبنان بلغت نحو 1.6 مليار دولار سنويّاً. وهذا الرقم يستثني حجماً كبيراً من الأموال التي يتم ضخّها من خلال الجمعيّات الدينيّة، "وبالتأكيد هناك أثر مضاعف لهذه الأموال التي يتم إنفاقها كمساعدات في الإقتصاد المحلّي".

خطاب مزدوج
يعتبر ياسين أنّ هناك مبادرات تمّت من أجل الاستثمار في البنية التحتيّة في لبنان، عبر الإنفاق في مشاريع من شأنها أن تفيد كل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء. وإذا كانت هذه المبادرات قد وجدت طرقها نحو التنفيذ على صعيد البلديّات، فهي لاتزال في مرحلة التخطيط على المستوى المركزي.

لكنّ ياسين يلفت النظر إلى أنّ لبنان لا يستطيع أن يلجأ إلى خطاب مزدوج، عبر رفض وجود اللاجئين، وفي الوقت نفسه يطلب مساعدات من أجل تمكينه كدولة مضيفة من إحتوائهم. فلا بد من اعتماد خطاب واضح يقوم على الاعتراف بالدور الذي يفترض بالدولة أن تقوم به عبر استيعاب هؤلاء اللاجئين، وبعدها طلب المساعدات لتحقيق هذا الأمر.

محاولة تعويم مالي بإسم اللجوء؟
لا شك في أنّ الدولة تواجه أسئلة إقتصاديّة مقلقة، في ظل عجز مزمن وأرقام متدهورة في مختلف المؤشّرات الإقتصاديّة. فهل تحاول السلطة اليوم لهذه الأسباب الإعتماد على خطاب "كلفة اللجوء" لمحاولة إستقطاب المساعدات الدوليّة للبنان كمجتمع مضيف؟ وهل تبرر حاجة الدولة لهذه المساعدات اعتماد خطاب يضخّم كلفة وجود السوريين بما يؤثّر على علاقتهم بمجتمعاتهم المضيفة؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها