الخميس 2017/04/06

آخر تحديث: 01:22 (بيروت)

الضمان: الدولة تعلّم أصحاب العمل.. التهرّب

الخميس 2017/04/06
الضمان: الدولة تعلّم أصحاب العمل.. التهرّب
الدولة لا تسدد متوجباتها للضمان
increase حجم الخط decrease
تتشكف يوماً بعد يوم، الثغرات التي تحويها موازنة العام 2017، وتكشف في بعض موادها القانونية مآرب الحكومة لتخفيف الأعباء (المتوجبات) عن كاهل أرباب العمل وأصحاب رؤوس الأموال، "بقصد أو غير قصد"، على حساب مؤسسات الدولة والمواطنين.

في مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2017 الذي أقره مجلس الوزراء بعد مناقشات مستفيضة، تم تمرير مادتين قانونيتين 54 و68 لا تحرمان الضمان الاجتماعي من إيرادات مالية كبيرة فحسب، بل تهددان باستقرار الصندوق الضامن لأكثر من مليون و200 آلاف لبناني أيضاً.

المادة الأولى 54 تنص على إلغاء موجب الحصول على براءة ذمة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلا في حالتي التصفية والحل، فماذا يعني ذلك؟ يوضح المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي في حديث إلى "المدن" أن موجب براءة الذمة يعد أحد الضمانات لسداد أصحاب العمل اشتراكات الضمان المتوجبة عليهم. بمعنى آخر، أن براءة الذمة تشكّل رادعاً أمام المؤسسات فتُلزمها بسداد الإشتراكات بغية الإستحصال على براءة الذمة سنوياً. وبإقرار المادة 54 وإلغاء براءة الذمة (إلا في حالات التصفية) أصبح متاحاً للشركات وأرباب العمل التهرب من سداد متوجباتها المالية تجاه الضمان. وكأن الدولة تقول لأرباب العمل لا تسددوا اشتراكات الضمان".

وإذ يتهم كركي أصحاب العمل بالوقوف وراء إقرار الحكومة المادة 54 والإستفادة من الغاء موجب براءة الذمة، يؤكد أنه في حال لم تُلغ هذه المادة من مشروع قانون الموازنة فإنها ستؤدي إلى خفض حتمي وكبير لإيرادات الضمان الناجمة عن التهرب من سداد الاشتراكات، لاسيما أن الاستحصال على براءة الذمة مفروض على الشركات والمؤسسات وما يرافقها من أعمال استيراد وتصدير ودخول في مناقصات وغيرها...

أما المادة الثانية 68 فتنص على سداد جزء بسيط من مستحقات الضمان بذمة الدولة من دون أن تلحظ فوائد على الديون، كما جرت العادة، ومن دون تحديد مهل زمنية. وهنا، لا بد من التذكير بأن الدولة لا تقوم بسداد متوجباتها السنوية تجاه الضمان الاجتماعي، وهي 370 مليار ليرة. والمبالغ المتراكمة عليها لغاية نهاية العام 2016 بلغت نحو 1900 مليار ليرة.

وبحسب المادة 68 من مشروع الموازنة أعفت الدولة نفسها من فوائد تلك الأموال ومن الإلتزام الدوري والمنظم للسداد. علماً أن الضمان يدفع فوائد سنوية تقارب 100 مليار ليرة على الأموال التي يستخدمها من صندوقي التعويضات العائلية ونهاية الخدمة لسد العجز الحاصل بسبب عدم سداد الدولة متوجباتها المالية تجاه الضمان، يقول كركي ويسأل: "كيف بنا أن نقبل بسداد ديون للضمان من دون فوائد؟".

علماً أن التقسيطات السابقة التي سددتها الدولة للضمان جرت بموجب قانون يفرض على الدولة فائدة 5% على ديونها للضمان. وهو ما تصر إدارة الضمان عليه اليوم، إلى جانب وضع جدول زمني لسداد الدولة متوجباتها للضمان، "وإلا فإن الصندوق لا يمكنه الإستمرار ما لم تف الدولة بالتزاماتها"، وفق كركي.

وكان لافتاً خلال المناقشات الأخيرة التي دارت في جلسة مجلس الوزراء خلال إقرار المادتين 54 و68 وفق مصادر "المدن"، جهل الوزراء كافة بمن فيهم وزير العمل محمد كبارة حجم الديون المترتبة على الدولة للضمان الاجتماعي. فتوقع أحد الوزراء أنها تبلغ 500 مليار ليرة، فيما هي قاربت 2000 مليار ليرة (1900 مليار). وهو ما أوضحه الضمان في كتاب أرسله إلى وزير العمل لإطلاع الحكومة عليه.

استهداف "استقرار" الضمان الاجتماعي من قبل مشروع قانون الموازنة أثار حفيظة الاتحادات النقابية والعمالية، فاجتمعت على رفض إقرار المادتين المذكورتين وقررت الشروع في تحركات ميدانية تصاعدية.

وتترجم التحركات العمالية، التي يتوحّد عليها الاتحاد العمالي العام واتحاد النقابات العمالية للمؤسسات العامة والمصالح المستقلة ونقابة مستخدمي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ونقابة عمال المرفأ، الخميس 6 نيسان، باعتصام مركزي أمام مركز الضمان الرئيسي في وطى المصيطبة والاعتصام أمام مكاتب ومراكز الصندوق في المناطق، والتوقف عن العمل لساعتين، على أن يعلن الاتحاد العمالي خطواته التصعيدية اللاحقة يوم غد الجمعة 7 نيسان.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها