الأربعاء 2017/04/05

آخر تحديث: 10:16 (بيروت)

البترول: إسرائيل تسبق لبنان إلى أوروبا

الأربعاء 2017/04/05
البترول: إسرائيل تسبق لبنان إلى أوروبا
هل يمكن الاستثمار في المنطقة المتنازع عليها حدوديّاً؟ (Getty)
increase حجم الخط decrease
عاد السباق في قطاع النفط والغاز إلى واجهة أحداث المنطقة، مع اعطاء حكومات إسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا، الإثنين في 3 نيسان، الدعم لمشروع أنابيب عبر البحر المتوسّط، لنقل الغاز الإسرائيلي والقبرصي إلى أوروبا. ويهدف المشروع إلى إنجاز الربط بين حقول الغاز في إسرائيل وقبرص من جهة، واليونان من جهة أخرى، بحلول العام 2025، وبكلفة تناهز 6.4 مليار دولار، مع احتمال وصول خط الأنابيب إلى إيطاليا أيضاً.


وتكتسب هذه التطوّرات أهميّة إستثنائيّة بالنسبة إلى لبنان، كون السباق إلى تسويق الغاز الموجود في الحقول المستكشفة يعني تلقائيّاً السباق إلى مصادر تمويل أنشطة الاستخراج والإنتاج في هذا القطاع. مع الإشارة إلى نشاط إسرائيلي مفرط على هذا الصعيد تحديداً.

أما لبنان فيراوح في تأخرّ مزمن عن جيرانه أصحاب المبادرة. ولم يصل أساساً إلى مرحلة تلزيم أنشطة التنقيب في أي بلوك بحري لغاية الآن، ناهيك عن تسويق غاز الحقول المكتشفة بعد التنقيب عنها.

سرعة إسرائيل
منذ أربع سنوات، تستثمر إسرائيل حقل تامار على بعد 80 كلم من شواطئ حيفا، و35 كلم من الحدود الجنوبيّة البحريّة للبنان. أمّا الجديد فهو توقيع مجموعة الشركات المستثمرة للحقل منذ أسبوعين عقد بقيمة 20 مليار دولار، في صفقة لتصدير غاز الحقل إلى مصر خلال مدّة تمتد لغاية 15 عاماً.

وقبلها وقّعت إسرائيل إتفاقاً بقيمة 10 مليارات دولار لتصدير الغاز من حقل ليفياثان إلى الأردن، وهو الحقل الذي أشارت دراسة أميركيّة سابقة إلى وجود امتداد لبناني له. وقد تم الإعلان سابقاً عن إنجاز تفاصيل المخطّطات لاستثمار حقلي كاريش وتانين. مع العلم أن كاريش لا يبعد عن الحدود اللبنانيّة سوى 4 كيلومترات، وفق الوزير جبران باسيل. أي أنّ أعمال الاستخراج يمكن أن تطال بسهولة النفط والغاز ضمن المنطقة الإقتصاديّة الخالصة للبنان.

وتنشأ خطورة هذه التطوّرات على لبنان من إمكانيّة تأثير أنشطة الاستخراج الإسرائيليّة على مكامن النفط في لبنان. إذ إنّ التكوينات الجيولوجيّة الحاوية للغاز الطبيعي تحت سطح البحر متواصلة في هذه المنطقة، خصوصاً في حال وجود مكامن مشتركة، بينما لم يصل لبنان لمرحلة التأكّد من احتمالات وجود مكامن نفطيّة أو مكامن نفطيّة مشتركة على حدوده.

النزاع الحدودي: يقظة مفاجئة؟
قد يكون أغرب ما في التطوّرات الأخيرة هو مفاجأة المسؤولين اللبنانيّين بخلاف لبنان مع إسرائيل في تحديد منطقته الإقتصاديّة الخالصة، وظهور المشكلة اليوم أمام الرأي العام. فالمشكلة قائمة منذ العام 2007، حين أخطأ المسؤولون اللبنانيون أنفسهم بضم المنطقة المتنازع عليها اليوم لمصلحة إسرائيل، في الإتفاق الذي وقّع عليه لبنان لترسيم حدود منطقته الإقتصاديّة الخالصة مع قبرص.

وظلّت مشكلة المنطقة الحدوديّة المتنازع عليها بعيدة بتفاصيلها عن المتابعة والمحاسبة أمام الرأي العام في لبنان، حتّى حين وقّعت كل من قبرص وإسرائيل على ترسيم مشابه في العام 2011، يقتطع أيضاً هذه المساحة من منطقة لبنان الإقتصاديّة الخالصة بناءً على الإتفاق السابق بين لبنان وقبرص.

أفق النزاع الحدودي
يعتقد المتخصّص في شؤون النفط والغاز عبود زهر أنّ أي طرف لن يتمكّن من الاستثمار في المنطقة المتنازع عليها حدوديّاً بين لبنان وإسرائيل قبل حل الخلاف. ويتوقّع أن يقوم الإسرائيليّون في المرحلة المقبلة بمتابعة استثمار المناطق التي لا يوجد إشكال عليها فحسب. ويعود ذلك، في رأيه، إلى حذر الشركات الدوليّة الشديد وعدم رغبتها في الإستثمار في أي منطقة تشهد نزاعاً حدودياً، رغم أنّ المنطقة المتنازع عليها تُعد منطقة واعدة.

وعن سبل الحل يذكّر زهر بوجود مساعٍ أميركيّة سابقة للتوسّط في النزاع. لكن لبنان أصرّ في ذلك الوقت على احتفاظه بكامل المنطقة التي يعتبرها حقّه، بينما يترقّب لبنان حالياً خطوة وزير الخارجيّة الأميركي المنتظرة بشأن هذا الملف.

ولا يتصوّر زهر أن مسألة الخلاف الحدودي ستتطوّر في اتجاه تصعيدي. فحاليّاً، يملك الإسرائيليّون إستثمارات كبيرة في القطاع وآباراً تشهد أعمال استخراج، بينما لا يملك لبنان شيئاً على الأرض. بالتالي، لن يكون لإسرائيل مصلحة في أي تصعيد إضافي.

لكن تأخّر لبنان في أنشطة الاستكشاف، وبعدها الإنتاج، سيعني أوّلاً فقدان جاذبيّة القطاع في لبنان بالنسبة إلى الشركات المستثمرة. كما سيعني ثانياً فقدان القدرة على إكتشاف مكامن النفط أو الغاز المشتركة. بالتالي، خسارة القدرة على تلافي المخاطر المحيطة بأنشطة دول الجوار في هذا القطاع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها