الأحد 2017/03/05

آخر تحديث: 12:29 (بيروت)

المستشفيات تضغط والدولة تدفع: ثاني أعلى فاتورة في العالم

الأحد 2017/03/05
المستشفيات تضغط والدولة تدفع: ثاني أعلى فاتورة في العالم
من أين سطوة المستشفيات على الدولة؟ (المدن)
increase حجم الخط decrease
تحاول المستشفيات الخاصة الضغط على القيّمين على القرارات في وزارة الصحة العامة والجهات الضامنة الأخرى، من خلال رفع الصوت بين الحين والآخر لتحصيل بعض مستحقاتها المتراكمة منذ سنين. وكلما اضطرت نقابة المستشفيات الخاصة لتذكير الجهات الضامنة والدولة بمتأخراتهم لها وحثّهم على الدفع، تعمد الى "جلد" المواطن عبر التلويح بعدم استقبال المرضى والتوقف فعلاً في بعض الأحيان عن الإستقبال.

أمام ضغط المستشفيات يسارع المعنيون إلى محاولة تأمين سلفات من الأموال المستحقة، كما حصل وباشر وزير الصحة العامة غسان حاصباني منذ أيام، بتأمين مستحقات المستشفيات لغاية شهر تموز 2016 ضمن العقود الموقعة والسقوف المالية. وقد وعد بتصفية عقود المصالحة التي تتعلق بالحالات التي تم تجاوز السقوف المالية فيها، والعائدة للسنوات الممتدة من عام 2000 حتى عام 2011 على أن يتم دفعها إلى المستشفيات بسندات خزينة.

كذلك فعل وزير الداخلية نهاد المشنوق، وفق ما أكد نقيب المستشفيات سليمان هارون في حديثه إلى "المدن"، فقد تعهّد المشنوق بتأمين بعض أو كامل المبالغ المستحقة على قوى الأمن الداخلي والبالغة 90 مليار ليرة.

لا بد من التسليم بأن المستشفات الخاصة تتعرّض لضغط تشغيلي كبير في ظل الظروف الإقتصادية وما يرافقها من تزايد في أعداد النازحين، حتى أن مستحقاتها تجاوزت المليار و100 مليون دولار متوجبة على الجهات الضامنة الخمس (وزارة الصحة العامة، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتعاونية موظفي الدولة وصندوقي الجيش اللبناني وقوى الأمن)، ولكن، كل ذلك يجب ألا يشيح أنظارنا عن خدمة المستشفيات والتعرفات الإستشفائية والطبية التي تعمل وفقها وعن الفواتير الصحية المضخمة.

ليس من التجني أن نطرح علامات استفهام حول أداء المستشفيات حيال الفواتير التي تربطها بالجهات الضامنة. فكيف يمكن قراءة أن كلفة الفاتورة الصحية في لبنان تمثّل أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي ثاني أعلى فاتورة صحية في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية. في مقابل أن لبنان يأتي في المرتبة 97 عالمياً لناحية السرعة وجودة الخدمات الصحية؟ وكيف يمكن قراءة حجم إنفاق الأسر على صحة الفرد في لبنان والمقدرة بنحو أربعة أضعاف ما تنفقه تونس والأردن؟

ليست تلك الأرقام سوى انعكاس لممارسات غالبية المستشفيات الخاصة ومنها من رصدت "المدن" فيها حالات عدة مخالفة للمنطق الإنساني، وحتى التجاري الذي تعمل وفقه ولعقودها مع الجهات الضامنة، ومن أبرز المخالفات التي ترتكبها المستشفيات، هي إلزام المريض أو ذويه على التوقيع قبل المباشرة بعلاجه، على تعهد بدفع الفاتورة الإستشفائية مع الفارق بين ما تطلبه المستشفى والتسعيرة الموضوعة من قبل الجهة الضامنة، أي أنها تُلزم المريض بالدفع وفق التسعيرة التي تضعها المستشفى، وهذا أمر مخالف بكل المعايير.

هذه الممارسات تفتح الباب على مطلب تنادي به نقابة المستشفيات وهو رفع التعرفات، لأن بعضها، وفق هارون، يعود الى العام 2000 وبعضها الآخر إلى العام 2012، كما وتفتح الباب أيضاً على أحقية رفع التعرفات، التي تتجاوزها خلافاً للقانون، وتعمد على تضخّيم فواتيرها.

وتعليقاً على التعرفات الاستشفائية رأى هارون أن من الضروري رفعها بنحو 30 في المئة كمعدل وسطي على الجهات الضامنة كلها، بصرف النظر إذا انعكس ارتفاع غلاء المعيشة على المواطن أم لم ينعكس، وفي المقابل حسم المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد كركي في حديث إلى "المدن" موضوع التعرفات بالقول "التعرفات ارتفعت خلال عامي 2012 و2013 للمرة الأولى منذ التسعينيات، ومن حيث المبدأ لم يمض على التعرفات الجديدة وقت طويل ومن المستبعد درس التعرفات راهناً لأن التعرفات الحالية مقبولة والضمان يقوم حالياً بما يتوجب عليه تجاه المستشفيات والمستشفيات بدورها مُلزمة باستقبال جميع مرضى الضمان دون تمييز وباحترام التعرفات الموضوعة من قبل الضمان".

أمام هذا المشهد الذي بات حاضراً بشكل دوري وملازماً لغالبية الاستحقاقات، على المعنيين فتح ملف القطاع الإستشفائي والبحث في أحقية المتأخرات، قبل البحث عن كيفية تأمينها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها