الأحد 2017/02/19

آخر تحديث: 11:46 (بيروت)

المصارف "تشبّح" على الدولة!

الأحد 2017/02/19
المصارف "تشبّح" على الدولة!
المصارف تحرم الدولة من 150 مليون دولار سنوياً
increase حجم الخط decrease
منذ 15 عاماً تعمد المصارف اللبنانية إلى حرمان الخزينة العامة من أموال تناهز 150 مليون دولار سنوياً بالحد الأدنى، جراء تهرّبها "القانوني" من سداد ضرائب، تعتبر المصارف فرضها غير عادل، في حين يعتبر خبراء المال حرمان الخزينة العامة منها جشعاً واستغلالاً لأموال الدولة، ويفضّل البعض تسمية ذلك: "تهرباً مقونناً".

في موازنه العام 2017 ثمة ما أثار حفيظة المصارف واستنفرها، فمن أصل 27 اجراءً ضريبياً "يصيب" فئات المجتمع كافة بما فيها الفقراء، هناك 3 بنود تطاول القطاع المصرفي. الأول يتعلّق برفع الضريبة على الفوائد من 5 إلى 7%. والثاني يتعلّق برفع الضريبة على أرباح الشركات بما فيها المصارف من 15 إلى 17%. أما الإجراء الثالث فهو بيت القصيد، ويتعلّق بإلغاء إمكانية حسم الضريبة الواقعة على التوظيفات المالية من الضريبة على الأرباح، فما معنى ذلك؟

بالنسبة إلى الإجراءين الضريبيين الأول والثاني، ورغم رفض جمعية المصارف إدراجهما في موازنة 2017 من حيث المبدأ، إلا أن قلقها يتركّز على الاجراء الثالث الذي أعلنت رفضه جهاراً، وأكدت سعيها إلى سحبه من مشروع الموازنة في شتى الطرق.

يعود رفض المصارف الإجراء الثالث، إلى أنها تقوم (أي المصارف) راهناً بسداد ضريبة قيمتها 5% على التوظيفات المالية، من سندات خزينة وشهادات إيداع، فالضريبة مفروضة وفق القانون على إيرادات المحافظ المالية بالليرة والدولار. في المقابل، يقع على المصارف ضريبة الأرباح وقيمتها 15%. وما يحصل هو أن المصارف تقوم بحسم ما تم سداده بموجب الضريبة على التوظيفات المالية، من الضريبة على الأرباح وتسدد للدولة ما ينتج بعد الحسم، بمعنى آخر أنها تسترد ضريبة 5% التي دفعتها.

وتستند المصارف في اجرائها هذا لكون الضريبة على الأرباح يجب أن تشمل إيرادات التوظيفات المالية باعتبارها أرباحاً، "فكيف يمكن أن تدفع المصارف ضريبتين في الوقت عينه على الأرباح الناجمة عن اكتتاباتها بالسندات وشهادات الإيداع؟"، يسأل رئيس جمعية تجار بيروت والمصرفي نقولا شمّاس، في حديث إلى "المدن". فبإقرار منع حسم الضريبة على التوظيفات من الضريبة على الأرباح تتعرّض المصارف إلى ازدواجية الضريبة. وهو أمر غير مقبول.

لكن إذا ابتعدنا عن تطبيق مبدأ الضريبة على الطريقة "اللبنانية"، بحسب الخبير المالي الدكتور غازي وزني، وقاربناها بطريقة علمية شفافة، نجد أن على المصارف واجب سداد الضريبة على توظيفاتها المالية. وكذلك الضريبة على الأرباح من دون اجراء أي حسم أو اعفاء. والسبب، وفق حديث وزني إلى "المدن"، يعود إلى أن العائدات من التوظيفات المالية تدخل في خانة المداخيل للمصارف، وبعد حسم الأعباء منها تتحول إلى مداخيل صافية، وليست أرباحاً. بالتالي، لا يمكن أن تطبق عليها ضريبة الأرباح إنما ضريبة المداخيل الصافية الناجمة عن التوظيفات المالية.

من هنا، فإن حسم الضريبة الواقعة على التوظيفات المالية من الضريبة على الأرباح يحرم الدولة ايرادات من مالها العام تتجاوز 150 مليون دولار سنوياً، على مرأى من أعين وزراء المال الذين يفتشون على ايرادات في جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، من دون أن يجرؤ أحد على المس بأموال المصارف.

ويعود هذا التهرّب "المقونن" أي الحسم الضريبي للمصارف، إلى العام 2002 عندما قام وزير المال آنذاك فؤاد السنيورة، بتعديل القانون الرقم 497 بقرار صادر عنه وبموافقة مجلس الوزراء، أعفى فيه الفوائد على اليوروبوندز، أي سندات الدين بالعملات الأجنبية، من موجب الضريبة، مخالفاً بذلك ما يفرضه القانون لجهة عدم التمييز بين العملات.

والأنكى من ذلك أن قضية الاعفاءات من الضرائب على الاكتتابات والاعتراض على الغائها محصور في عدد محدد من المصارف التي تهيمن على القطاع، وتحوز حصة الأسد من عمليات إقراض الدولة ومصرف لبنان، ما يجعل اعفاءها أو فسح المجال أمامها للتهرب من سداد الضرائب على إيراداتها من التوظيفات المالية، انتهاكاً واضحاً لحق الدولة واقتطاعاً من المال العام بغير ذي حق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها