الخميس 2017/10/19

آخر تحديث: 00:22 (بيروت)

ضريبة إضافية تستفز التجار.. والمواطن ضحية

الخميس 2017/10/19
ضريبة إضافية تستفز التجار.. والمواطن ضحية
ارتفاع إضافي في اسعار المواد الاستهلاكية المستوردة (Getty)
increase حجم الخط decrease
لن يخلو مشروع موازنة العام 2017 الذي يخضع لنقاشات مجلس النواب، من اعتراضات في الأوساط القطاعية، لاسيما أن المشروع تضمن عدداً من الضرائب الجديدة "المحقة" بحسب ما وصفها البعض، بخلاف ما هي عليه غالبية الضرائب الواردة في قانون الضرائب النافذ، والتي تتناول معيشة المواطن بشكل مباشر.

ولكن إحدى الضرائب الجديدة (المادة 41) تصيب التجار بظاهرها وجيب المواطن بمضمونها، فما هي تلك الضريبة؟ وما مدى جدواها؟

يتضمن مشروع موازنة العام 2017 ضرائب جديدة، من المرتقب إقرارها من ضمن المشروع ابرزها الآتية: المادة 38 تفرض رسم طابع مالي عن رخصة استثمار مياه عمومية لأغراض صناعية وقدره 7500000 ليرة، كما تفرض رسم طابع مالي عن رخصة استثمار مياه عمومية لأغراض تعبئة المياه وبيعها من الغير بقيمة 50 مليون ليرة، كذلك تفرض رسم طابع مالي عن رخصة تعبئة المياه وبيعها من الغير بقيمة 25 مليون ليرة.

وتنص المادة 40 على إخضاع عقود الإيجار التمويلي التي تجريها المؤسسات المجاز لها قانوناً احتراف أعمال الإيجار التمويلي لرسم طابع مالي مقطوع بقيمة عشرة آلاف ليرة عن كل سنة من سنوات تقسيط المبلغ.

أما المادة 41، وهي بيت القصيد، فتفرض على التجار والمستوردين دفع مبلغ نسبته 1% من قيمة كل عملية استيراد إلى ادارة الجمارك أمانة على حساب ضريبة الدخل، على أن يدخل هذا المبلغ في حساب المكلف الضريبي ويحسم من الضريبة السنوية المتوجبة على أرباحه وفقاً للتصاريح المقدمة منه.

هذه الضريبة (أي 1%) أثارت حفيظة التجار، إذ اعتبرت جمعية تجار بيروت أن عنصر الضرر الناتج من تطبيق هذا الاقتطاع المسبق "يكمن في أنه يربط الرسم الجمركي بضريبة الدخل"، فضلاً عن أنه "يثقل الدورة المالية للمستورد (Flow Cash)، وهي منكوبة اصلاً بسبب الاوضاع الاقتصادية السائدة"، وفق الجمعية.

إلا أن الأسوأ، وفق التجار، هو عدم لحظ المادة 41 لكيفية استرداد التاجر المبالغ المدفوعة سلفاً في حال لم يحقق ارباحاً خلال السنة المالية المعنية. من هنا، رفعت جمعية تجار بيروت الصوت مطالبة النواب بعدم التصديق على هذه المادة لخطورة انعكاساتها على الدورتين التجارية والاقتصادية.

قد تكون جمعية التجار محقة في رفضها الضريبة، باعتبار أن التاجر المستورد قد يتعرّض للخسارة في بعض الأحيان، وإن كانت استثنائية. كأن تُتلف البضاعة التي استوردها أو أن يتعرّض للمضاربة، أو ربما يتعرض لكساد بضاعته وغير ذلك من الأسباب.. ويبقى الأثر الأكثر خطورة على التاجر هو اقتطاع المبلغ عند الاستيراد مباشرة، فيما ضريبة الدخل يتم سدادها في شهر أيار من العام الذي يلي تاريخ الاستيراد. بمعنى أن التاجر (على سبيل المثال) سيقتطع من قيمة البضاعة التي سيستوردها في بداية العام 2018 نسبة 1%، فيما موعد سداد ضريبة الدخل هو شهر أيار 2019. وبذلك، تكون الدولة قد حققت تمويلاً مسبقاً من التجار قبل 17 شهراً من استحقاقه، ما ينعكس حكماً على الدورة المالية للتاجر.

ولكن أسباب اعتراض التجار لا يعني أن الضريبة ستشملهم دون غيرهم، إذ إنها ستنعكس حكماً على أسعار الاستهلاك. بالتالي، ستشكل عبئاً إضافياً على المواطن. فالقاعدة الضريبية، وفق حديث الخبير الضريبي ورئيس دائرة ضريبة الدخل في وزارة المال سابقاً سركيس صقر إلى "المدن"، تقول إن أي ضريبة أو رسم يتناول مواد استهلاكية أو مواد أولية للتصنيع ينعكس حكماً على المستهلك الذي سيسددها بطريقة غير مباشرة.

فالتجار المستوردون سيستردّون قيمة 1% من المستهلك بشكل مباشر، وذلك لضمان استرداد القيمة المقتطعة للجمارك من حساب ضريبة الدخل تحسباً لعدم استردادها من الدولة، يقول صقر، إذ إن وقوع الخطأ في تحصيلها أمر وارد، لاسيما أن المكننة في وزارة المال لا قدرة لها على الإمساك بهذا الكم من العمليات المقدرة بمئات الآلاف سنوياً، والعائدة إلى عشرات الآلاف من التجار.

أضف الى ذلك أن المادة الضريبية لم ترفق بالصيغة التطبيقية لها، أي أنه لم يتم تحديد الوعاء الضريبي أو المستهدفين منها. وهذا الأمر يفتح المجال أمام مخاوف أكبر من التجار، وهي ماذا لو طالت المستوردات كلها كالبنزين مثلاً؟

والنتيجة، وفق صقر، هي أن المادة 41 الضريبية لن تحقق سوى ارتباك في تحصيلها ثم استردادها من التجار من جهة، وارتفاع إضافي في أسعار المواد الاستهلاكية المستوردة وتحميلها للمواطن من جهة أخرى.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها