الجمعة 2017/10/13

آخر تحديث: 00:07 (بيروت)

الأسعار: ما هي خدعة وزارة الاقتصاد؟

الجمعة 2017/10/13
الأسعار: ما هي خدعة وزارة الاقتصاد؟
المستهلكون يلاحظون ارتفاع الأسعار بشكل واضح (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease
لا تفيد النيات الحسنة في التعامل مع الأرقام والقواعد الحسابية. بالتالي، اتخاذ أي إجراء يزيد الضريبة حسابياً، سترتفع معه الأسعار. لكن وزارة الاقتصاد تصرّ على محاولة منع ارتفاع الأسعار، وعلى تنظيم جولات مراقبة على الأسواق، وتسجيل محاضر ضبط بحق المؤسسات المخالفة، التي ترفع أسعارها خلافاً للقانون. فهل سترتفع الأسعار مع إقرار الضرائب، أم لدى وزارة الاقتصاد خطوات لمنع التلاعب بالأسعار؟

نظّمت المديرة العامة لوزارة الإقتصاد، عليا عباس، يوم الخميس 12 تشرين الأول، جولة تفقدية في الأسواق، للوقوف على أسعار السلع. وصلت عباس مع 3 من المراقبين، وعدد من الإعلاميين الى مؤسستي سبينيس ومونوبري في منطقة الجناح في بيروت، وطلبت من إدارتي المؤسستين لائحة الأسعار عن شهر آب الماضي، لمقارنتها مع أسعار السلع المعروضة حالياً.

لم يسجّل المراقبون أي ارتفاع يُذكر في الأسعار، علماً أن الرقابة انحصرت في مواد التنظيف والحبوب واللحوم والدجاج والخضار. وأعادت عباس ذلك إلى ضبط الوزارة الأوضاع، "بعد ارتفاع الأسعار في المرحلة الأولى التي جرى الحديث فيها عن إقرار السلسلة وارتفاع الأسعار مع إقرارها. غير أن الأسعار بعد إقرار السلسلة لم ترتفع، باستثناء ارتفاع أسعار بطاقات الخليوي المسبقة الدفع". وفي السياق، أكدت عباس أن الوزارة نظمت "العديد من محاضر الضبط بحق مخالفين"، وعزت ارتفاع نسبة المخالفات إلى "عدم تنظيم هذا القطاع". وأشارت عباس في حديث لـ"المدن" إلى أن "ارتفاع الأسعار يحصل نتيجة البلبلة الإعلامية".

خطوة الوزارة حول مراقبة الأسعار لم تنطلق من الأسس الصحيحة، فالوزارة إختارت مؤسستين كبيرتين يسهل عرض وتحديد الأسعار ومراقبتها فيهما، ولم تتجه الى الأسواق الشعبية التي لا يمكن ضبط أسعارها، والتي يرفع الباعة فيها أسعارهم، متذرعين بأسعار كبار التجار. وهذا ما أكده عدد من المستهلكين في سبينيس. فبالنسبة إليهم هناك "تفاوت كبير بالأسعار بين سبينيس وأسعار الأسواق في المناطق. ففي سبينيس والمراكز المشابهة، يمكن حصر الأسعار، فضلاً عن إنخفاضها بسبب العروضات التي تنظمها المؤسسة، والتي تستطيع القيام بها نظراً لكمية السلع التي تعرضها، وهو ما لا يتوفر لدى صغار الباعة في الأسواق. وبالتالي، يكون الإرتفاع ملحوظاً أكثر في الأسواق".

الخلل الآخر في طريقة مراقبة الوزارة الأسعار، هو اقتصار الرقابة على 12 سلعة لم تشملهم الضريبة على القيمة المضافة TVA، وهي وفق ما تقوله لـ"المدن" نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، ندى نعمة، "الطحين، الحليب ومشتقاته (غير المستورد)، الأرز، البرغل، الملح، السكر، الخبز، الخضار، الفواكه، اللحمة، الدجاج والسمك". وهي سلع لا يمكن الاعتماد عليها كلياً في الغذاء اليومي للمستهلكين. فأغلب السلع في السوق هي سلع مستوردة، والقانون فرض ضرائب على الإستيراد، الى جانب TVA. ما يعني أن الأسعار سترتفع حكماً مع دخول القانون حيز التنفيذ في مطلع العام 2018.

تستغرب نعمة دفاع الوزارة عن عدم إرتفاع الأسعار، وبرأيها، "على الوزارة أن تقر بارتفاع الأسعار وتعمل جدياً على منع ذلك. علماً أن تسجيل الوزارة لعدم الإرتفاع اليوم، يعود إلى وجود سلع في المستودعات، لم تشملها الضريبة بعد".

بين رقابة الوزارة ورقابة جمعية المستهلك، تباين كبير في النتائج، ففي حين تخلص الوزارة الى عدم إرتفاع الأسعار بشكل ملحوظ، تسجل جمعية المستهلك "ارتفاعاً في أسعار اللحوم بنسبة 8% عما كان عليه قبل إقرار السلسلة. وارتفاعاً في أسعار الحمّص، إذ كان الكيلو يراوح بين 4000 و4500 ليرة، بات حالياً بنحو 6750 ليرة، والحجّة المشتركة بين كل الباعة، هي أن التجار هم من رفعوا الأسعار".

تعمل وزارة الإقتصاد، كجزء من السلطة السياسية، على تجميل الصورة والتقليل من وطأة الضرائب، من طريق تغيير حقيقة إرتفاع الأسعار وعدم ضبط الأسعار في الأسواق المتفلّتة أصلاً من الرقابة. والتفلت يرتكز على حماية الطبقة السياسية لكبار التجار وأصحاب المستودعات، وهو ما يبرز بوضوح من خلال أكثر من إستحقاق، على غرار حملة مكافحة الفساد الغذائي، التي تم التركيز خلالها على صغار التجار وصغار الباعة وبعض محال بيع التجزئة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها