الإثنين 2016/09/05

آخر تحديث: 00:22 (بيروت)

سوريا.. الحكومة تضيّق الخناق على السكن الشبابي

الإثنين 2016/09/05
سوريا.. الحكومة تضيّق الخناق على السكن الشبابي
سلمت المؤسسة منازل لأسر شهداء النظام من خارج المكتتبين لشراء منازل (Getty)
increase حجم الخط decrease

أطلقت الحكومة السورية من خلال المؤسسة العامة للإسكان في العام 2002، أكبر برنامج إسكاني للشباب يهدف إلى تأمين نحو 65 ألف مسكن في المدن كلها، ويتركز عمل المؤسسة على تنفيذ وحدات سكنية منخفضة ومتوسطة التكاليف.

كان هذا المشروع يستهدف بشكل أساسي الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل. وبلغ عدد المكتتبين نحو 63000 في محافظات دمشق وريفها، حلب، حمص، اللاذقية، حماه، طرطوس، درعا وإدلب. وتم قبولهم جميعاً على مراحل زمنية عدة تراوح بين 5 و12 سنة، يدفع المستفيد 10% من قيمة المسكن عند التسجيل (أي بين 45000 و60000) ليرة، ويسدد أقساطاً شهرية (بحدود 1500 و2000 ليرة)، إلى حين استلامه المسكن. ويذكر أن 30% من قيمة المسكن يتم تغطيتها بتمويل حكومي من صندوق الدين العام، بدون فوائد، ويقسط المكلف الباقي على 25 سنة بفائدة تقسيط 5%.

وقد صدر، في الآونة الأخيرة، قرار حكومي بزيادة القسط الشهري لدى المكتتبين على مشروع السكن الشبابي ليصبح 8000 بدلاً من 2000 ليرة. ووفق القرار لا يحق للمؤسسة العامة للإسكان إبرام العقد مع أصحاب المساكن إلا بعد أن يكون مجموع المبالغ المسددة (الدفعة الأولى، الأقساط الشهرية، الدفعات النقدية الأخرى) قد بلغ نسبة لا تقل عن 30% من القيمة التخمينية للسكن. وهذا بطبيعة الحال سيشكل عبئاً على المسجلين في هذا المشروع، إذ سيترتب عليهم مبالغ إضافية لسدادها.

ويشير مصدر في المؤسسة العامة للإسكان لـ"المدن"، إلى أن المؤسسة "تأخرت كثيراً في إقرار هذه الزيادة على الأقساط، خصوصاً أن المبالغ التي يدفعها المكتتبون تشكل جزءاً من التمويل لإنجاز المنازل. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن تكلفة المسكن كانت تقدر في السابق بنحو مليون ونصف ليرة. أما اليوم فقد ازدادت التكلفة لتتجاوز 7 مليون ليرة، وذلك بسبب فروقات الأسعار على مدى سنوات الأزمة. مع ذلك، بقيت الأقساط على حالها مع ارتفاع في قيمة المسكن. وهذا يعني خسارة للمؤسسة. وبالنظر إلى التعديل الذي قامت به المؤسسة فهو مقبول، ولو أجرت المؤسسة تعديلاً حقيقياً وبما يتناسب مع الكلف لأصبح القسط يراوح بين 18 و20 ألف ليرة.

يضيف المصدر أن دور المؤسسة كان، من خلال هذا المشروع وغيره من المشاريع السكنية، "المساهمة في تقليص الفجوة بين العرض والطلب في سوق الإسكان. وبالتالي، بات للمؤسسة قدرة أكبر على لعب دور التوازن السعري في هذا السوق، وبما يتيح فرصاً أفضل لذوي الدخل المحدود باقتناء المسكن، إضافة إلى ما تشكله ريعية النشاط الإقتصادي من قدرة أكبر للمؤسسة على تمويل مشاريعها ذاتياً وتخفيض تكاليفها".

إلى ذلك، شهدت الأعوام التي تلت عام 2002 تغيرات كبيرة وثورة تشريعية في هذا القطاع، وانعكست نتائج إيجابية كمّاً ونوعاً، إذ تضاعفت أعداد المساكن المنجزة، وانتشرت الضواحي والمشاريع الإسكانية الجديدة في المدن السورية. وعدد المساكن المنجزة موزعة حسب المحافظات منذ إنشاء المؤسسة وحتى نهاية الربع الثاني من العام 2016، بلغ 14687 مسكناً.

الزيادة التي أقرت على أقساط السكن الشبابي، سيكون لها تأثير على أصحابها، ولاسيما مع تراجع القدرة الشرائية وبقاء الرواتب على حالها. إذ يرى خالد نابلسي، وهو أحد المسجلين في مشروع السكن الشابي منذ العام 2004، أن "ما تقوم به المؤسسة مخالف لما تم التعاقد عليه، فلا يمكنها تعديل الأقساط بشكل مفاجئ، ولاسيما أننا حتى الآن لم نستلم المساكن، التي بحسب ما علمنا، تم تسليمها لأشخاص آخرين، من ذوي شهداء النظام. أي تم تجاوز حقنا في أفضلية الاستلام. وفكرة السكن الشابي قائمة على أن تكون الأقساط رمزية". يضيف في حديث إلى "المدن"، أنه لو تم تسليم المساكن لأصحابها في الوقت المحدد "لإستفادت فئة واسعة، خصوصاً ممن إضطروا إلى ترك منازلهم في المناطق الساخنة أو سيضطرون إلى ذلك خلال الأيام المقبلة".

يبدو أن تنفيذ القرار سيكون له انعكاس على حركة سوق العقارات. وفي هذا السياق يقول نبيل سكر، الذي يعمل في سوق العقارات، إن "النقطة الأكثر أهمية من موضوع زيادة القسط الشهري، هي ما ينص عليه القرار من استكمال دفعات المكتتب لتشكل نسبة 30% من القيمة التخمينية عند التخصيص. فهذا الأمر سيشكل عبئاً كبيراً على المواطن، بالإضافة إلى كون الشقة بإكساء جزئي، وكثير من المواطنين لا يستطيعون إكمال الإكساء في ظل التضخم الكبير بالأسعار، فيضطر المواطن إلى بيع شقته المخصصة"، ويتوقع سكر أن تزيد نسبة الشقق المعروضة للبيع للأسباب المذكورة.

إلى ذلك، تم تقدير الإحتياج الإسكاني وفق الأرقام الصادرة عن المؤسسة العامة للإسكان، خلال الفترة بين العامين 2011 و2015 بـ 880 ألف وحدة سكنية، منها 520 ألف وحدة سيكون الطلب عليها ناتجاً من النمو السكاني.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها