الجمعة 2016/02/12

آخر تحديث: 17:15 (بيروت)

القطاع المصرفي اللبناني "محصّن".. بوجه "الكونغرس"؟

الجمعة 2016/02/12
القطاع المصرفي اللبناني "محصّن".. بوجه "الكونغرس"؟
واكبت التشريعات التي أقرها مجلس النواب نهاية العام الفائت التعاميم والقوانين الدولية (دالاتي ونهرا)
increase حجم الخط decrease

لم تخالف معظم المصارف في لبنان قرار الكونغرس الأميركي الذي صدر منذ شهرين وقضى بعدم فتح حسابات تمُت بصلة إلى نواب أو وزراء ينتمون إلى "حزب الله"، بل ذهبت أبعد من ذلك وأقفلت حسابات كانت مفتوحة سابقاً، خوفاً من فرض أي عقوبة مالية عليها. هذه الخطوة أتت ضمن خطوات يسعى القطاع المصرفي اللبناني إلى تنفيذها منذ مدة لتحصين نفسه ضد أي عقوبات مالية أميركية أو دولية قد تفرض عليه، مثلما فرضت على كثير من المصارف والدول سابقاً.

يجد الخبير الإقتصادي غالب أبومصلح في حديث لـ"المدن" أن "لبنان يمتثل للتوجهات الأميركية عامة، حتى أنه رفع السرية المصرفية خدمة لتوجهاتها"، ولذلك فهو"يستبعد فرض أي عقوبات على لبنان سواء أكان بإرادة دولية أو أميركية، في الوقت الحالي أو على المدى القريب".
ولكن ثمة وجهات نظر مختلفة في هذا السياق، إذ أكد مدير الضرائب في شركة "Press Water House cooper" في لبنان محمد عراجي، في المنتدى المصرفي الذي عقد في فندق فينيسيا الجمعة بعنوان "ماهية العقوبات والغرامات الدولية، آثارها وانعكاساتها على إقتصاداتنا ومصارفنا العربية"، أن الولايات المتحدة الأميركية "لن تتوانى عن فرض عقوبات مالية كبيرة على المصارف في لبنان في حال خالفت أو لم تلتزم قراراتها في هذا الشأن".
والدليل على ذلك أن الولايات المتحدة الأميركية، قد فرضت جملة من العقوبات المالية على مصارف من جنسيات مختلفة بعد أحداث 11 أيلول، بسبب أعمال تببيض الأموال وتمويل الإرهاب والتهرب الضريبي، وقد "وصلت قيمة هذه العقوبات إلى 20 مليار دولار، فرضت على أحد المصارف الموجودة في أميركا، بسبب إدعاءات بوجود تبييض أموال أو تمويل الإرهاب. وقد فرضت العام الماضي غرامة مالية بقيمة 2 مليار دولار على بنك HSBC البريطاني، بسبب تورطه في عمليات تهرب ضريبي، إذ أودع أموالاً سرية لعملاء بهدف التهرب من دفع الضرائب"، وفق ما صرح به مدير مكتب سياسات الإستراتيجية لتمويل الإرهاب والجرائم المالية السابق في وزارة الخزانة الأميركية شيب بوني Chip Poney، في كلمة له في المنتدى.
هذه العقوبات، رغم قيمتها المرتفعة، إلا أنها لا تؤثر كثيراً على الواقع المالي لمصارف عالمية، بحسب الأمين العام لاتحاد المصارف العربية وسام فتوح، الذي أشار في إتصال مع "المدن"، إلى أنّ "عقوبة مالية بقيمة 2 مليار دولار لا تقارن بقيمة الأرباح التي يحصّلها بنك HSBC"، مؤكداً أن "فروع هذه المصارف الموجودة في لبنان لا تتأثر بمثل هذه العقوبات فهي لا تتحمل تبعاتها، إذ يلتزم المركز الرئيسي للمصرف بدفعها".
من جهة ثانية، لقد واكبت التشريعات التي أقرها مجلس النواب اللبناني نهاية العام الفائت، بهدف حماية القطاع المصرفي اللبناني، التعاميم والقوانين الدولية. فأدخلت التعديلات اللازمة على قانون تبييض الأموال وفق ما هو مطلوب دولياً. كما أُقر القانون رقم 42/2015 المتعلق بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، والقانون رقم 43/2015 والذي يتعلق بتبادل المعلومات الضريبية انسجاماً مع الإتفاقات الدولية، كما أقر القانون رقم 53/2015 الذي اجاز للدولة اللبنانية التوقيع على الإتفاقية الدولية لقمع الإرهاب، وفق ما صرّح به وزير المال علي حسن خليل خلال إفتتاح المنتدى، مشيراً إلى "أهمية هذه القوانين في الحفاظ على القطاع المصرفي وحمايته من الإرهاب وتبييض الأموال".

في المحصلة، أثبتت الخطوات الحمائية التي يلتزمها القطاع المصرفي اللبناني تحصنّه تجاه عقوبات دولية كانت ستعود عليه بارتدادات سلبية في حال فرضت عليه. وما عزز هذه الحصانة إقرار مجلس النواب التشريعات الضرورية لحماية هذا القطاع. ولكن هل سيكون لقرار الكونغرس الأخير والذي يتعلق بـ"حزب الله" أي إرتدادات في المستقبل؟ الإجابة على هذا السؤال "تقتضي العودة قليلاً إلى الإتفاق النووي الإيراني لنعلم جيداً أن القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة الأميركية هي إستنسابية وفقاً لمصالح خاصة بها. وقد رفعت مؤخراً العقوبات الإقتصادية عن إيران، ولذلك فإن تداعيات قرار الكونغرس في شأن حزب الله ستزول في المدى القريب نظراً للعلاقة الجديدة بين أميركا وايران والتي فرضها الإتفاق النووي"، وفق ما يراه الخبير الإقتصادي إيلي يشوعي في حديث لـ"المدن".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها