الخميس 2016/10/20

آخر تحديث: 03:23 (بيروت)

مرفأ طرابلس: استبعاد الخصخصة

الخميس 2016/10/20
مرفأ طرابلس: استبعاد الخصخصة
يحتاج مرفأ طرابلس إلى تحسّن الظروف العامة
increase حجم الخط decrease

دخل مرفأ طرابلس في الآونة الأخيرة دائرة السجالات والمزايدات السياسية، تمحورت بغالبيتها حول تقديم الدعم المعنوي الذي يأتي خارج سلّم أولويات حاجات الخطط التنموية للمرافق العامة، وقلّة فقط طرحت حلولاً لتطوير عمل مرفأ طرابلس والنهوض به، لكن وإن لامست حاجاته التقنية والبشرية والتنظيمية، إلا أن هذه الفئة بالغت في تصوير واقع المرفأ وكأنه مرفق عاجز عن العمل ينتظر "خصخصته" وتسليمه للشركات الخاصة، كي يتمكّن من مجاراة نظرائه من المرافئ.

وعندما طرح رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني موضوع خصخصة مرفأ طرابلس خلال زيارته التي تفجّرت على إثرها موجة انتقادات لتطرقه إلى ملف التهريب، لم يكن قباني يبني طرح الخصخصة على معطيات أو أرقام، حتى أنه لم يكن على اطلاع تام (كغيره من الداعمين لمرفأ طرابلس) بواقع المرفأ الذي تؤكد الأرقام تقدم نشاطه بشكل تدريجي وتصاعدي.

من حيث المبدأ لم يعد للخصخصة مكان في الرؤى والخطط المعنية بالنهوض بالمرافق العامة منذ العام 2007 تاريخ وضع مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص (وإن لم يتم إقراره منذ ذلك الحين). وبالتالي، لا معنى لطرح فكرة الخصخصة بشكلها الفضفاض وحصرها بمرفأ طرابلس، ولكن قباني برّر في حديث إلى "المدن" بأن طرحه الخصخصة كحل لازدهار مرفأ طرابلس لم يعنها بحرفيتها "إنما قصدت دعم المرفأ والنهوض به عبر حلول جذرية، ولا يمكن الحديث عن أي حلول حالياً حتى عبر الخصخصة قبل تكوين فكرة كاملة ووضع تقرير شامل عن سير عمل مرفأ طرابلس وتحديد حاجاته والمشاكل التي تقف في سبيل ازدهاره وتنشيطه".

أما عملياً فإن مرفأ طرابلس يعمل اليوم بنشاط ملحوظ يُتوقع أن يفوق نظرائه في الدول المحيطة في السنوات المقبلة، ويعتمد في جزء من نشاطه مبدأ الشراكة بين القطاعين الخاص والعام أي PPP (public-private partnership)، إذ أبرم المرفأ عام 2012 مع شركة إدارة الموانئ العالمية (غلفتينر) التي تتخذ من الشارقة مقراً لها، اتفاقية تعمل الشركة بموجبها على تطوير وتشغيل محطة حاويات جديدة في مرفأ طرابلس وتنص اتفاقية الامتياز ومدته 25 عاماً على تجهيز المرفأ بالمعدات والآليات اللازمة، وتشمل ثلاث رافعات جسرية لتحميل وتفريغ الحاويات، وتسع رافعات حوضية، بالإضافة إلى تجهيز المرسى بأحدث التقنيات وأنظمة الإدارة ومناولة الحاويات.

عن جدوى الشراكة في مرفأ طرابلس، يرى رئيس غرفة الملاحة الدولية إيلي زخّور في حديث إلى "المدن" أن الرصيف الجديد المستحدث في مرفأ طرابلس المخصص لاستقبال بواخر الحاويات والذي يفوق عمقه 15 متراً، وتديره شركة غلفتينر، رفع من مستوى مرفأ طرابلس وقدرته على المنافسة محلياً وإقليمياً، "ومن المتوقع أن ترتفع وتيرة نشاطه بعد وصول الرافعات الجسرية المخصصة لتفريغ البواخر بالحاويات وتحميلها، والتي تستبدلها الشركة المشغّلة اليوم برافعتين متحرّكتين بصورة مؤقتة ريثما تصل الرافعات الجسرية".

ويحصر زخّور حاجات المرفأ بضرورة سد النقص البشري وتحديداً لجهة الكشافين الجمركيين، أما غير ذلك فلا حاجة لمرفأ طرابلس "سوى إلى تحسن الظروف الأمنية والسياسية واستقرار الوضع في سوريا، لأن المرفأ بعد توسعته بات بإمكانه لعب دور محوري مهم، على صعيد الترانزيت البحري، وكصلة وصل بين الشركات العربية والعالمية وسوريا مع بدء عملية إعادة الإعمار، وذلك بحكم الواقع الجغرافي الذي يتمتع به مرفأ طرابلس وقربه من الحدود السورية من جهة، ولتفوق قدرته التشغيلية عن تلك المتوافرة في المرفأين السوريين في اللاذقية وطرطوس.

وعلى صعيد نشاط مرفأ طرابلس بدا جليا التطور التصاعدي الذي يشهده سنوياً، فقد تحسّنت حركة الشحن العام عبر مرفأ طرابلس لتتخطّى عتبة 143 ألف طن خلال شهر تموز 2016، مقابل نحو 119 ألف طن في  شهر حزيران 2016.

أمّا على صعيدٍ تراكمي فقد حقّقت حركة الشحن العام عبر مرفأ طرابلس ارتفاعاً سنويّاً بلغت نسبته 11.10% لتصل إلى 1002 ألف طن خلال الأشهر السبعة الأول من العام 2016، مقارنةً مع 902 ألف طن في الفترة نفسها من العام 2015، وزاد عدد البواخر بنسبة 18.62% سنويّاً إلى 465 باخرة، مقابل 392 باخرة خلال العام 2015.

النشاط التصاعدي لمرفأ طرابلس، حسّن العائدات المرفئيّة (من دون احتساب الواردات الجمركيّة والواردات من الضريبة على القيمة المضافة) للمرفأ بنسبة 16.41% سنويّاً إلى نحو 8.80 ملايين دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 2016، مقابل 7.56 ملايين دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

ونظراً إلى الأرقام الإيجابية التي يتقدم بها نشاط مرفأ طرابلس، يدعو زخور إلى تأمين الاستقرار العام بدل إدخال المرفأ في السجالات السياسية، "فالمرفأ لا يحتاج إلى أحد إنما إلى تحسّن الظروف العامة فحسب".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها