كريستال أبو شقرا تُقتل مرتين

"الأدلّة غير كافيّة لإدانة روي الحايك"، هذه هي نتيجة تحقيق موسّع إستمرّ لأشهر في قضيّة كريستال أبو شقرا، المرأة التي نقلت إلى المستشفى في عيد الحب جراء تجرعها لمادّة "الديمول" السامة، حيث بقيت لمدة يومين فاقدة الوعي، لتفارق بعدها الحياة. ست سنوات من الزواج، لم يكتفِ الزوج خلالها بالتعنيف وإرغام زوجته على فعل أشياء لا يصدّقها العقل، ست سنوات مورست خلالها شتى أنواع الإستغلال، من سلب كريستال مدخولها الشهري، إلى حرمانها من طفلها لأنها تجرأت على الرحيل، وترك منزلها الزوجي. إلّا أنّ قرار الرحيل هذا، لم يبعد شبح الموت عنها، ولم يضع حدّا لمعاناتها، فتهديدات الزوج لها بالقتل لم تتوقف... حتى وصلت الى مرحلة الموت. 

جمعيّة "كفى" نشرت خبر إطلاق سراح الزوج على موقع التواصل الإجتماعي، دون ذكر موقف الجمعيّة من قرار النيابة العامّة بإخلاء السبيل. والسبب في ذلك تشرحه، منسقة الخدمة القانونية في جمعية كفى، المحاميّة ليلى عواضة، لـ "المدن"، بالقول: "نحن وكلاء في هذه القضيّة ولدينا مسؤوليّة مهنيّة ومناقبيّة، وعلينا أن نكون دقيقين بالموقف الذي سنأخذه، لا نستطيع إعطاء موقف سلبي أو إيجابي إلى حين حصولنا على ملف التحقيق الأولي". ولا تنفي عواضة تعاون المحامي العام بالقضيّة وإستعداده التام لإبقاء القضيّة مفتوحة ريثما يتوصلون إلى الحقيقة.

نتيجة التحقيق الأولي تشير إلى إحتمال أنّ تكون كريستال قد أقدمت بنفسها على الإنتحار، وهذا ما ينفيه جان طحّان، خال كريستال، خلال حديثه لـ "المدن"، حيث يلفت النظر الى ان "المعلومات القائلة بأن كريستال قد إشترت بنفسها "الديمول" لتنتحر، غير دقيقة. لكنها إشترت مادّة "اللانيت" التي تستعمل للقضاء على الحشرات، ولكن التقرير أظهر أنّ موتها هو نتيجة "الديمول" وليس "اللانيت"".

"هناك حلقة ما زالت مفقودة في هذه القضية، فأين تناولت كريستال "الديمول""؟ سؤال يطرحه القاضي العام الإستئنافي في جبل لبنان، سامر ليشع. لكن الغموض يستدعي المزيد من الأسئلة التي لم تظهر إجاباتها بعد، ومنها، إن كانت كريستال حقاً، قد أقدمت على الإنتحار، ألا ينظر القضاء إلى الأسباب التي دفعتها إلى الإنتحار؟ ألم تكن كريستال ضحيّة للعنف الذي إستمرّ لسنوات بإعترافات الزوج نفسه؟ ألا يدان الزوج على الأعمال العنفيّة التي قام بها سابقاً؟ وتهديده لزوجته بالقتل ألا يعتبر جريمة؟

النهاية المأساوية التي وصلت إليها كريستال هي نتيجة لما كانت تعاني منه، وإن صدق إحتمال أنها إنتحرت، فإن ذلك لا ينفي مسؤوليّة الزوج، فالعنف التي كانت تتعرض له هو سبب أساسي في موتها. وعدم وجود قانون يحمي النساء هو سبب آخر لموت كريستال.

"غياب قانون الحماية الذي يحد من العنف لا يمكن إلّا أن يوصلنا إلى ثلاثة إحتمالات لنتائج لا تقل إحداها مأساويّة عن الأخرى، إمّا المزيد من ضحايا العنف الأسري، أو قيام المرأة بقتل زوجها للتخلص من عنفه، إما الإنتحار لتتخلص من معاناتها"، تقول عواضة. 

قضيّة كريستال أبو شقرا لم تنته، أهل كريستال ينتظرون لقاء المحامي العام، وجمعيّة "كفى" تنتظر الحصول على ملف التحقيق الأولّي، وحتى ذلك الحين، يبقى إطلاق سراح الزوج قبل إكتمال خواتيم القضية، بمثابة قتل مزدوج لكريستال، ويبقى كل ما يشاع عن مقتلها مجرّد ترجيحات.