الجمعة 2014/10/31

آخر تحديث: 13:33 (بيروت)

"الرقابة على المصارف": لا خوف من خفض التصنيف الإئتماني

الجمعة 2014/10/31
"الرقابة على المصارف": لا خوف من خفض التصنيف الإئتماني
لا خوف على الإطلاق من تخفيض التصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية (ريشار سمور)
increase حجم الخط decrease


رغم الضغوط التي يتعرّض لها الإقتصاد اللبناني عموماً والقطاع المصرفي خصوصاً، جراء الإرباك الأمني والشلل السياسي اللذين يخيمان على الأوضاع العامة، ورغم المخاوف التي تدور حول مستوى التصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية، يطمئن عضو لجنة الرقابة على المصارف أمين عواد، في حديث إلى "المدن"، أن لا خوف على الإطلاق من خفض التصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية، عازياً السبب إلى أن وكالات التصنيف تعلم جيداً أن القطاع المصرفي اللبناني أصبح لديه ما يوازي أو يفوق ثلث موجوداته في الخارج وهذا يعني أن مخاطره موزعة بشكل جيد.
وفي ما يلي نص المقابلة:

* ما مدى صحة المعلومات عن أن القطاع المصرفي لا يزال بمنأى عن الأحداث الأمنية وتداعيات الشلل السياسي؟
- إن القطاع المصرفي اللبناني يتأثر مثل غيره من القطاعات الإقتصادية والاجتماعية بالأحداث المحيطة به من أمنية وسياسية وغيرها. لكن هذا القطاع أثبت خلال السنوات العشرين الأخيرة، بأنه يتمتع بحصانة كبيرة تساعده على تخطي الصعوبات. وأذكّر بأحداث كثيرة ومهمة حصلت، لم يتأثر بها القطاع المصرفي اللبناني، بل حافظ على نموه ونتائجه الجيّدة، كإغتيال الرئيس رفيق الحريري أو الإعتداء الإسرائيلي خلال صيف 2006، أو فترة الفراغ الرئاسي الماضية أو أحداث بيروت عام 2008 أو الفترات الطويلة من دون تأليف حكومة... وغيرها. وعدم التأثر هذا يعود الى أسباب عديدة، منها: التوسع الجغرافي لهذا القطاع الذي تخطى حدود لبنان، التنوع في النشاطات، الرسملة المرتفعة، خبرات العاملين المتقدمة نسبة إلى المحيط، سياسة مصرف لبنان الديناميكية والتي تتمثل، ليس بتنظيم القطاع المصرفي والسياسة النقدية فحسب، بل أيضاً بتقديم برامج دعم تؤمن السيولة بكلفة متدنية، وتساعد على زيادة النمو. بالإضافة إلى دور لجنة الرقابة على المصارف الفعّال والإستباقي للأحداث، بالتنسيق مع مصرف لبنان والجهات الرقابية الأخرى (كهيئة مكافحة تبييض الأموال وهيئة الأسواق المالية المستحدثة).

* ينتقد العديد من خبراء الإقتصاد موضوع انخفاض نسبة الإقراض للقطاع الخاص بالمقارنة مع ارتفاع نسبة الودائع بالمصارف، ما تعليقكم على ذلك؟
- ليس دقيقاً أن يتحدث المرء عن انخفاض نسبة الإقراض للقطاع الخاص، لأن الإقراض للقطاعات الإنتاجية والخاصة والإستهلاكية هي بزيادة مضطردة منذ عدة سنوات، لا بل هي تتنّوع وتتوسّع أكثر فأكثر من جراء الإبتكار من قبل المصارف وسياسات الدعم المتواصلة والتي تزداد تنوعاً من قبل مصرف لبنان.
وعلى سبيل المثال، ازدادت تسليفات المصارف للقطاع الخاص وحده، من حوالي 5.44 مليار دولار أميركي عام 2012، إلى 48.6 مليار دولار عام 2013، وما يزيد عن 50.6 مليار دولار في النصف الأول من عام 2014، فتكون نسبة الزيادة في التسليفات هي بحدود 9.2% بين عامي 2012 و 2013. في حين أن ودائع القطاع المصرفي اللبناني، ارتفعت من حوالي 126 مليار دولار عام 2012، إلى حوالي 137 مليار دولار عام 2013، لتبلغ حوالي 141 مليار دولار بنهاية النصف الأول من العام الحالي، أي بزيادة 8.6% بين عامي 2012 و2013.

* ينتاب المصرفيون والمراقبون قلق من دخول القطاع المصرفي في نفق أزمة القروض العقارية، كيف تطمئنهم؟
- لا بد من الإعتراف بأن القطاع العقاري هو القطاع الرائد في كل دول العالم، عند النمو وعند التباطؤ. كذلك في لبنان، فإن المخاوف من تباطؤ الحركة في القطاع العقاري هي بمحلها في الظروف الحالية، ولذلك نحن نشهد تحولاً في نوعية المشاريع العقارية الجديدة من الشقق الفخمة والكبيرة جداً إلى شقق أكثر تواضعاً للتكيّف مع الطلب. ايضاً، فإن مصرف لبنان يراقب باستمرار الإحصاءات العقارية (من عدد رخص البناء الجديدة، إلى عدد العمليات العقارية ومتوسط اسعار الشقق... إلخ).
في المقابل وضع مصرف لبنان برنامج حوافز يسمح للراغبين بشراء الشقق أو ببناء المنازل، من الإستفادة من قروض باسعار فوائد منخفضة للغاية، عن طريق إعفاء المصارف التجارية من الإحتياطي الإلزامي، إضافة إلى برامج تحفيزية أخرى كالمؤسسة العامة للإسكان، وجهاز اسكان العسكريين وغيرهما، مما يساهم في الحفاظ على الطلب في القطاع العقاري. لذلك فقد يشهد هذا القطاع بين الحين والآخر بعض التباطؤ لكن الطلب ما زال متوازياً.
كما وضع مصرف لبنان في تعميم صدر حديثاً، ضوابط على التسهيلات العقارية، لتفادي خلق ما يعرف بالفقّاعة العقارية (Real Estate Buble).

* هل هناك مخاوف من خفض التصنيف الإئتماني للمصارف؟
- لا خوف على الإطلاق من تخفيض التصنيف الإئتماني للمصارف اللبنانية، لأن وكالات التصنيف تعلم جيداً أن القطاع المصرفي اللبناني أصبح لديه ما يوازي أو يفوق ثلث موجوداته في الخارج، وبالتالي مخاطره موزعة بشكل جيد.
وبالفعل فقد صدر عن إحدى أكبر الوكالات الثلاث العالمية "ستاندر أند بوز"، في 13 تشرين الأول المنصرم، تصنيف المصارف اللبنانية على أنه (B-) كما كان في السابق، مع نظرة مستقرة للمستقبل (Stable Outlook)، مما يعزز ما سبق أن صرحت به.


* كيف تعاملت المصارف اللبنانية خلال الحراك العربي، وكيف كان تأثير هذا الحراك على المصارف؟
لقد تأثر القطاع المصرفي اللبناني بالحراك العربي، ولا سيما في الدول التي شهدت أحداثاً، لكن تأثره كان بإنحفاض حجم الأعمال أكثر مما هو بتحمّل خسائر من جراء تسجيل مؤونات على الحسابات المدينة.
فالمصارف اللبنانية تنبهت بشكل مبكر للتطورات الحاصلة وخفضّت تعرّضها للمخاطر في الدول غير المستقرة (كسوريا، والعراق والسودان وقبرص ومصر في فترة معيّنة)، كذلك فإن لجنة الرقابة على المصارف قامت وتقوم بالتعاون مع المصارف الموجودة في الدول المعنية بإختبارات ضغط (Stress Tests) للتنبؤ بتأثير الأحداث المستقبلية على نوعية محافظ المصارف وربحيتها وإنخفاض أسعار العملات في هذه الدول وتأثيرها على استثمارات المصارف فيها.
هذه الإختبارات تؤدي إلى إتخاذ خطوات استباقية (Preventive Measures) للحدّ من المخاطر، وتكوين مؤونات عامة وفي بعض الأحيان استبقاء الأرباح في هذه الدول من دون توزيع، لمجابهة المخاطر المستقبلية المعتمدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها