الجمعة 2015/05/22

آخر تحديث: 14:47 (بيروت)

"تريبولي سي لاند".. هل يصبح واقعاً؟

الجمعة 2015/05/22
increase حجم الخط decrease

يستعد المجتمع المدني في طرابلس، ترقباً لمعارك قد تنشب مع البلدية قريباً. فمع بدء "العهد الجديد" في البلدية، عقب إنتخاب عامر الرفاعي رئيساً، أدرج على جدول أعمال المجلس 198 بنداً، أبرزها البند المتعلق بمشروع الواجهة البحرية في الميناء المعروف بـ"تريبولي سي لاند" tripoli sea land، الذي حارب المجتمع المدني على مدى سنتين من أجل توقيفه.
أطاح المجتمع المدني في طرابلس وتحديداً حملة "بحرنا برنا" بنحو 16 جلسة خصصت للتصويت على مشروع الواجهة البحرية في الميناء على مدار ستة أشهر خلال السنتين الماضيتين. وتوضح مسؤولة الحملة ناريمان الشمعة في حديث لـ"المدن" أنّ "السبب الأساسي في الإعتراض على المشروع هو إحتواؤه على عدد كبير من المخالفات. إذ أبدى كل من مصلحة الهندسة ولجنة البيئة في البلدية العديد من الملاحظات عليه لاحتوائه على أكثر من 40 مخالفة بيئية وقانونية ومغالطات هندسية"، مشيرةً إلى أن "إعادة طرحه على جدول أعمال المجلس البلدي بعد سنتين، فيه معان كثيرة، منها إحتمال الموافقة عليه وتمريره". ومشروع Tripoli sea land المقرر إنشاؤه بالقرب من الملعب الأولمبي، يقضي بإقامة منشآت سكنية وتجارية وسياحية، تبلغ مساحاتها الإجمالية  نحو 140000 متر مربع، جزء منها على 9 عقارات مملوكة من قبل يوسف فتال وشركة Summer Sand العائدة لآل فتال وتبلغ مساحتها 53321 متر مربع، والجزء الثاني تبلغ مساحته نحو 87000 متر مربع من الاملاك العامة البحرية، بامتداد حوالي 350 متراً بحراً. ما يعد مخالفة قانونية لناحية السعي لاستثمار الاملاك البحرية العمومية، التي يجب ألا تتجاوز مساحتها المساحة العقارية المملوكة. ويحوي المشروع السكني 24 مبنى، ارتفاع كل منها يفوق 50 متراً (14 طابقاً). بالاضافة الى برجين (24 طابقاً)، ارتفاع كل منهما 80 متراً (856 شقة)، فضلاً عن فندق ومركز تجاري ومحطة محروقات و81 "شاليه" و3 ملاعب تنس وحدائق و6 مسابح ونادٍ صحي، مطاعم، حمامات، ومرفأ يخوت (52000 م2).


ووفق تقارير اللجان في البلدية لناحية تحديد الأثر الإقتصادي، يظهر أنه قد اعتمد في تصميم المشروع على معدل استثمار 3.2، وهو مخالف لشروط التصميم التوجيهي العام لطرابلس، حيث تخضع العقارات للتصنيف المدني P10 بمعدل استثمار 1.2. وفي حال تم تعديل عامل الاستثمار بناء على استثناءات تعطى للمستثمرين، فقد تنشب نزاعات واشكاليات مع بقية المالكين ليس فقط في منطقة الضم والفرز الجنوبي، بل في كل أنحاء المدينة، ما قد يساهم في تشويه التصميم التوجيهي المعتمد فيها. فضلاً عن أن قطع الأراضي المخصصة للمشروع والتي يُطلب لأجلها التمدد في البحر، ليس لها أي منفذ بحري، وبالتالي ليس لها الأحقية بالاستثناءات بالردم في الأملاك العامة البحرية. كما لم يُلحظ أي عائد مادي للأملاك العامة البحرية التي سيتم إشغالها. ومن المفترض بالمشروع أن يساهم في تشغيل حوالي 450 عاملاً في أوقات الذروة، ما يعد عمالة مؤقتة، بحسب الكتاب المقدم من مؤسسة "إيدال" الطالبة للترخيص، بخلاف ما أشيع عن إتاحة آلاف فرص العمل لأبناء المدينة. أضف إلى ان المشروع لم يلحظ وجود محطة كهرباء قوية لتزويد المنشآت بالكهرباء اثناء انقطاع التيار.


وبالنسبة للأثر البيئي، لحظ رئيس لجنة البيئة في البلدية الدكتور جلال حلواني مخالفات عديدة أبرزها، أن البنى التحتية في منطقة الضم والفرز لم تلحظ مشروعاً بمثل هذه الضخامة، حيث من المفترض اعداد دراسة لمعرفة مدى استيعاب شبكات الصرف الصحي. ويقدر عدد سكان المشروع الدائمين بـ4720 شخصاً، ما يضاعف تدريجياً معدل الاستهلاك اليومي للمياه، ما يرسم علامات استفهام عديدة حول كيفية تأمين المياه خصوصاً أنّ الحوض الجوفي لتلك المنطقة ملوث. وقد لحظ المشروع وجود 3355 موقف سيارة على طابق ارضي وطابقين سفليين، وهو ما لا امكانية لتنفيذه لان مستوى المياه الجوفية في المنطقة هو على 8 امتار، ما يجعل امكانية استحداث طابق سفلي ثانٍ من الامور الهندسية المعقدة، لا سيما وان كل مشاريع البناء الشبيهة أوقعت كارثة بيئية في المنطقة لأنها اعتمدت تخفيض مستوى المياه الجوفية مما تسبب بتملح أحواض المياه الجوفية نتيجة غزو البحر لها.
ومعظم التقارير التي أعدتها اللجان لم تتم مناقشتها في المجلس البلدي في عهد غزال وفق الرئيس الحالي عامر الرفاعي. ويضيف الرفاعي: "ما يحكى عن مشروع Tripoli sea land عبارة عن أفكار مسبقة وتهويلات إعلامية. نحن أعدنا وضع المشروع على جدول أعمال المجلس البلدي بهدف مناقشة التقارير الصادرة عن اللجان قبل أن نصدر أي حكم بحق المشروع. لكنني كرئيس للبلدية أؤيد أي مشروع سياحي أو إنمائي يقام في طرابلس لأننا في النهاية نرغب في إعادة الوجه الحضاري للمدينة وجذب المستثمرين إليها"، مشدداً على أن "المجلس البلدي هو الذي يقرر المشاريع الأنسب للمدينة وليس المجتمع المدني". وفي حين أبقيت جلسات المجلس البلدي التي بدأت قبل أسبوعين مفتوحة، لمناقشة البنود تباعاً، تؤكد مصادر مطلعة في البلدية لـ"المدن" أنّ "الأجواء مؤاتية لتمرير مشاريع إنمائية وسياحية في المدينة، ما يرجّح إمكانية الموافقة على مشروع Tripoli sea land بعد رفع إعتراضات البلدية إلى أصحاب المشروع، بغية وضع التعديلات اللازمة عليه". وتضيف المصادر أن "المشروع عينه كان قد أحدث شرخاً بين أعضاء المجلس البلدي في عهد الرئيس غزال، دفعت برئيس اللجنة الهندسية عبدالله شهال إلى تقديم استقالته. إلا أن الوضع داخل البلدية تغير بشكل جذري".
من جهتها تشدد الشمعة على أن "اي مشروع يتم التعامل معه على قاعدة السماح بالتعدي على الأملاك العامة واستباحة حقوق الناس، بحجة جذب المستثمرين إلى المدينة لن نقبل به". ومعها يقف جزء كبير من ابناء طرابلس والميناء المتوجسين من "إحتمال سلب الأملاك العامة من الناس كما يحصل في منطقة الروشة".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها