السبت 2015/02/28

آخر تحديث: 13:03 (بيروت)

غسان مطر: ثائر القضية.. شرير الشاشة!

السبت 2015/02/28
غسان مطر: ثائر القضية.. شرير الشاشة!
عمل في السينما المصرية كممثل لنحو أربعة عقود، دائماً في دور الشرير
increase حجم الخط decrease
بعد تعرضه لأزمة قلبية استلزمت إدخاله الى العناية المركزة، منتصف الشهر الجاري، رحل أمس الممثل الفلسطيني غسان مطر عن 77 عاماً. انتهت أيام مطر في مصر، البلد الذي عاش فيه قسطاً من حياته، وفيه مثّل أفلاماً عديدة. في السنوات الأخيرة، نادراً ما كنا نرى عيني مطر، كانت دائماً خلف نظارتين قاتمتين، كأنهما تتفاديان النظر في عيوننا. كان يصفف شعره مثل ألفيس بريسلي وظلّ يحافظ على تلك التسريحة منذ ستينات القرن الفائت. في شبابه (اسمه الحقيقي عرفات داوود حسن المطري)، كان يحلم بأن يصبح ضابطاً، الا ان ظروفه الحياتية قررت غير ذلك، فالتحق بالإذاعة ثم بمحطات التلفزة. عمل في "تلفزيون لبنان" لفترة من الزمن، قبل أن يتجه الى الشاشة الكبيرة، وظلّ متأرجحاً بين الوسيطين.

عمل في السينما المصرية كممثل، نحو عقود أربعة، دائماً في دور الشرير، إذ كانت تقاسيم وجهه الحادة وخشونة صوته وقسوته، توحيان بأنه ليس رجل خير ولم تساعداه في تجسيد الأدوار الطيبة أو حتى المحايدة. في العام 1985، أثناء مشاركته في تصوير أحد الأفلام، تلقى خبر مقتل أسرته المكونة من أمه وزوجته وابنه (الذي سماه غيفارا تيمناً بالثائر الأرجنتيني) خلال حرب المخيمات. تنقل بين السينما والمسرح والتلفزيون، لكنه ظلّ دائماً "الفلسطيني الذي يعمل في مصر"، وجرجر خلفه، طويلاً، معاناة ان يكون المرء فلسطينياً يُنظر اليه كوافد.

ومن أبرز ما قدمه في خشبة المسرح دوره اللامع في "واقدساه" العام 1988 الى جانب محمود ياسين. لم تعطه السينما المصرية الكثير. لم يسند إليه المخرجون سوى ادوار نمطية كرجل عصابات، كمحاكاة لرجل العصابات في الأفلام التجارية الغربية. لم يستطع ان يفرض حضوراً قوياً او أن يبرز موهبة معينة في مثل هذه الظروف، خصوصاً أن مظهره الخارجي لم يكن مصرياً وبالتالي لم يعرف السينمائيون المصريون كيفية التعامل معه. 

في بداياته، انخرط في حركة السينما التجارية التي انصهرت مع تطور المقاومة الفلسطينية. شارك في "الفلسطيني الثائر" لرضا ميسر العام 1969، و "كلنا فدائيون" لغاري غارابيديان الذي ألف له السيناريو. فيلمان عن المقاومة أنجزا في العام نفسه. هذه الأفلام التي كانت تستدر المشاعر وتستنجد التعاطف مع القضية، اتسمت بالحس النضالي القوي وأسهمت في تشجيع بعض الشباب على الالتحاق بصفوف الفدائيين الفلسطينيين. بيد أنها وقعت في النسيان ولم تشكل علامة مهمة على صعيد التعبير السينمائي. كان مطر ملتزماً بالقضية الفلسطينية حتى النهاية، فهو عاش نكبة بلاده من قرب، واختبر هموم شعبها إذ كان من سكان مخيم البداوي (شمال لبنان) في بداية اللجوء الفلسطيني إلى لبنان. ويربط الكاتب والمخرج الفلسطيني اللبناني نصري حجاج بين الجريمة وقرب غسان مطر من رمز المقاومة الفلسطينية، قائلاً إنها كانت "عقاباً له لقربه من ياسر عرفات الذي لطالما كان مطر يفخر في مجالسه الخاصة بمدى عمق العلاقة معه، ويحلو له أن يذكر أنه استضاف عرفات أياماً في ذلك البيت نفسه الذي شهد الجريمة البشعة بحق عائلته، في أثناء حصار بيروت العام 1982".

في سجل مطر نحو 60 عنواناً بين تلفزيون وسينما. ولعل بعض السينيفيليين يتذكرونه في فيلم "المزوّر" للمخرج الألماني فولكر شلوندورف الذي صوره العام 1980 في نيران الحرب الأهلية اللبنانية. مثّل مطر في هذا الفيلم دور فدائي فلسطيني، عشيق الممثلة هانا شيغولا. بيد أن هذه الفرصة لدخول السينما الغربية، لم يستغلها مطر. خلال السنوات الأخيرة، كان قد تخلى عن دور الشرير لمصلحة كوميديات، بينها "الآنسة ماما" مع ياسمين عبد العزيز وحسن الرداد، و"حزلقوم" مع أحمد مكي، وأنهى مسيرته بمسلسل رمضاني من 30 حلقة بطولة محمد هنيدي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها