الثلاثاء 2014/09/16

آخر تحديث: 13:15 (بيروت)

"شمس مفعمة": أيقونة رينيه كليمان

الثلاثاء 2014/09/16
increase حجم الخط decrease
يقدّم المركز الثقافي الفرنسي في لبنان بالإشتراك مع "نادي بيروت للباربكيو"، عرضاً خاصاً لفيلم "شمس مفعمة" (1960) للمخرج الفرنسي رينيه كليمان، في مسبح النادي الرياضي في بيروت، غداً الأربعاء 17 ايلول الجاري، التاسعة مساءً.


ويعتبر فيلم "شمس مفعمة" أحد أهم أفلام رينيه كليمان، وهو أبرز صنّاع الأفلام في الخمسينات والسيتينات. بينما اندرج اسمه في بعض أفلام الرعب، وتعرَض للسخرية من بعض زملائه فرنسوا تروفو وجان لوك غودار، لاعتبار أفلامه سخيفة وقديمة الطيراز، الى أن قدم رائعته "شمس مفعمة"، الفيلم الذي لاقى نجاحاً مبهراً.
http://youtu.be/IZ3Yr58P1UM


قصّة الفيلم مأخوذة عن رواية "السيّد ريبلي الموهوب" للكاتبة الاميركية باتريشيا هاسميث (1921 ـ 1995)، وتروي حكاية "توم ريبلي"، الشاب الفقير البسيط، الذي ادّى دوره الممثل الفرنسي آلان دولون ويعتبر كليمنت معلّمه المطلق خلال مسيرته التمثيلية الطويلة، وأدّى دور "ريبلي" بكل احتراف.



و"ريبلي" المتعدد المواهب في الفيلم، لم يكن راضياً عن مسار حياته، فهو مهمّش ومعدم. وذات مرة يلتقي مديرالشركة التي يعمل لديها، فيطلب منه الأخير بالذهاب الى إيطاليا مقابل مبلغ من المال، وإقناع ابنه "ديكي غرينليف" (موريس رون) بالرجوع الى نيويورك، للإهتمام بأعمال العائلة. قبِل "ريبلي" بعرض الرجل الثري وذهب في رحلته الى أوروبا التى لطالما حلِم بها.

قد يغشّنا مظهر "ريبلي" الخارجي، فيبدو ساذجاً، هادئاً وخجولاً. بعكس شخصية "ديكي غرينليف"، الفتى اللّعوب الثري الذي يمضي معظم اوقاته مبحراً في قاربه الخاصّ، برفقة صديقته "مارج" (ماري لافوري). يدخل "ريبلي" الى حياة "ديكي" بذكاء لافت، ويعمل جاهداً الى معرفة كل تفاصيل حياته. لينقضّ لاحقاً للإستيلاء على حياته وهويته. يدعو "ديكي" صديقه "ريبلي" للقيام برحلة بحرية. وهناك يواجه "ريبلي" صديقه إنه ينوي الإستيلاء على هويّته وقتله أيضاً. فيتطوّر النقاش بينهما ويتعاركان، ليقوم "ريبلي" بضربته القاضية، قاتلاً "ديكي" ويرمي جُّثته في البحر.

كل هذه الأحداث، هي مجرّد انطلاقة لأحداث أخرى، فقد انتحل "ريبلي" شخصية "ديكي"، وزوّر توقيعه وجواز سفره وتقمّص شخصيته وقلّد مظهره بكل تفاصيله، بأسلوب بوليسي شفّاف وتشويقي، ليقنع "ريبلي" الجميع بأن "ديكي" سافر بعيداً ولا ينوي الرجوع أبداً. 

لم يكن "شمس مفعمة" الفيلم الأول المقتبس عن روايات الكاتبة الأميركية باتريسيا هاسميث، فقد اقتبس المخرج الفريد هيتشكوك رواية "غريبان في القطار"(1951)، وفي العام 1999 قام المخرج الإنكليزي انطوني منغيلا بإخراج النسخة الثانية لفيلم "شمس مفعمة"، مطلقاً عليه الاسم الحقيقي للرواية "سيّد ريبلي الموهوب"، بطولة ماتّ ديمون، جود لو، كايت بلانشيت وجوانيث بالترو. ولمّ يقدم منغيلا فيلم هذا الفيلم لمجرّد التقديم، فمخرج الرائعة السينمائية "المريض الإنكليزي" وضع بصمته الخاصّة، ليقوم بتكوين نفسي جديد للشخصيات، ظاهراً الفيلم بحبكة محّكمة، مثيرة للجدل وصادمة أحياناً، خصوصاً عند تركيزه على الكبت الجنسي الشّاذ بين "ريبلي" و"ديكي".

تمثيلياً، لم يستطع مات ديمون في نسخة الفيلم الثانية من اختراق جاذبية آلان دولون في دور "توم ريبلي". لدولون جاذبية وحضور خارق لا يقارن. وشخصية ريبلي في التجربتين الأولى والثانية للفيلم، تتسمان بالتناقض وبتكوين نفسي مختلف، لتصل حدود الشخصية أحياناً الى النرجسية.

من الناحية الفنية، ركّز السينماتوغراف هنري دكاي، الذي سبق وتعامل مع فرنسوا تروفو على فيلم "400 ضربة" (1959)، على جمالية الشاطئ الإيطالي وشمسه الحارقة المتلألئة على سطح الماء. لتشكّل هذه الطبيعة الملوّنة والساحر ضداً أو نقيضاً لسوداوية "ريبلي" ونفاقه وأعماله الإجرامية.

امّا موسيقياً، فقد استعان رينيه كليمان بالمؤلّف الموسيقي نينو روتا، ليطبع الفيلم بصورة معاكسة عن محتواه، فكانت الموسيقى حيوية بطريقة مخفية، وحاضرة في أكثر المشاهد تشويقاً.
"شمس مفعمة" فيلم إثارة وتشويق ثلاثي الأقطاب، عن الحسد والشهوة والشكّ، وفيلم كلاسيكي ينتمي إلى جيل "الموجة الفرنسية الجديدة". 
increase حجم الخط decrease