الجمعة 2014/10/31

آخر تحديث: 13:06 (بيروت)

معرض الكتاب الفرانكوفوني في بيروت... موسم إطلالة على العالم

الجمعة 2014/10/31
معرض الكتاب الفرانكوفوني في بيروت... موسم إطلالة على العالم
محطات الصالون بالأرقام تشمل أكثر من 200 حفلة توقيع لكتب جديدة وحوالي مئة طاولة مستديرة ومحاضرات
increase حجم الخط decrease

  يفتتح مساء اليوم "معرض الكتاب الفرانكوفوني 2014" في مجمّع "بيال"، ويحمل هذا العام العنوان الكبير: "كلمات وقصص" بعد "كلمات الحرية" و"كلمات المتوسط"، و"كلمات الآخرين" في المواسم السابقة. والعنوان الجديد يرمز إلى الكثير من المعاني، بدءاً بالرواية والروائيين والتاريخ العالمي وصولاً إلى وحكايات الأطفال وحيوات الأفراد.

ومعرض بيروت الفرانكوفوني، وهو الثالث في العالم، بعد الفرنسي والكندي، يقام منذ سنوات وتدعمه مجموعة كبيرة من المؤسسات الثقافية والشركات التجارية والصناعية والمعلوماتية والسفارات (على عكس معرض بيروت العربي الدولي الذي تقتصر رعايته "السياسية" على رئيس مجلس الوزراء اللبناني). ومنذ انطلاقة المعرض الفرانكوفوني تحول تظاهرة ثقافية جديرة بالاهتمام من حيث التنظيم والندوات والأمسيات ومشاركة الكتّاب البارزين وإصدارات الكتب الجديدة، وإن انتُقد لناحية أن بعض جمهوره، الذي يحاول بمعنى من المعاني، "التمايز اللغوى" الوهمي عن جمهور المعرض العربي.

والحق أن المعرض الفرانكوفوني ليس مجرد سوق للكتاب يفتح ابوابه بانتظار المستهلكين أو "المحازبين"، بل هو موسم ثقافي يزخر بالنقاشات، ويضاف إلى تظاهرات ثقافية أخرى تشهدها بيروت، وتواجه - رمزياً - الأزمات والإرهاب والفوضى والسلاح والبيارق الحزبية والدم، وهي أشبه بخط أبيض وسط سواد القلق و"الخبر العاجل" وسموم الصريحات. وبرغم مرور أكثر من عشرين عاماً على انطلاقة المعرض، ما زال موضع أسئلة لدى البعض. فقبل افتتاح موسمه الجديد، كتبت رشا الأمير، ناشرة دار "الجديد"، في فايسبوك: "المعرض الفرنسي في بيروت: ليته ينضمّ إلى شقيقه العربي وإلى الشقيق الأنغلوفوني المغيّب والأرمني الخجول والكردي الأكثر خجلاً"...

هذه الفكرة تقولها رشا الأمير مراراً، وربما يكون ما تشير إليه، بطريقة مبطنة أو غير مباشرة، هو شقاق استقلالية المعارض تحت مسمى اللغة، وفي هذا جزء من الحقيقة، لكن الحقيقة الكاملة تبدو أعقد من ذلك بكثير وتتعلق بالسياسات الثقافية للدول. فبلد مثل لبنان فيه وزارة ثقافة، خلبية وشكلية وغير فاعلة، أعجز من أن يؤسس لمعرض يضم الجميع تحت سقفه ويشكل تحدياً للمعارض الدولية، وحتى بعض المعارض العربية. نسأل الناشرة في دار "شرق الكتاب"، هند درويش، إن كانت توافق على تمنيات رشا الأمير، فترحب بالفكرة وتتمنى ان يحصل ذلك، لكن "القضية تحتاج الكثير من التنسيق والجهد، وسبق أن طرحت الفكرة نفسها في أيام وزير الثقافة (السابق) غسان سلامة، لكنها لم تنفذ. والقضية تتعلق بالتغطية المالية، فالمعرض الفرانكوفوني تتبناه سفارات ومؤسسات وجمعيات، وتوحيد المعرض يلزمه دولة ترعاه". واللافت في هذا السياق أن الانكليزية ليس لها معرض في لبنان، لكنها تتغلغل في كل شيء في حياتنا من دون إذن، خصوصاً من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

يمكن توصيف المعرض الفرانكوفوني أيضاً بأنه موسم لإعادة التذكير ولإعادة إحياء الكتاب في زمن طوفان المعلوماتية. الناشرون، كما تقول هند درويش، يعيشون "الاسترخاء طوال السنة، ويدلفون نشاطهم خلال المعرض، بدءاً من الاصدارات مروراً بالندوات والتواقيع، ومع موسم المعرض يتجدد الكثير من الأفكار والمشاريع". وتذكر درويش بأن للمعرض جمهوره وناسه وهذا ما تبينه الوقائع، حيث أعلن في الكتيب الموزع عن نسبة كبيرة لمشاركة الطلاب في العام 2013 وصلت الى 16 ألف طالب، فتُحضّر لهم في الدورة الجديدة سلسلة لقاءات مع الكتّاب الشباب.

الرغيف
نحوٌ من عشرين ناشراً في نسخة 2014 من المعرض يتوازعون مساحة مركز "بيال". هناك
جناح للكتب الفرنسية المترجمة الى العربية، ودار "دواوين" تقدّم مجموعة غنيّة من كتب السينما والرقص والمسرح والموسيقى والفنون والأدب، ودور "النهار" و"الساقي" و"الفارابي" و"قنبز". فيما يغيب فاروق مردم بك، صاحب دار "أكت سود"، لتحضر كتبه في جناح "شرق الكتاب" الذي يقدم الكثير من النشاطات في المعرض، أبرزها، بحسب ما ذكرت هند درويش لـ"المدن"، سيكون "تكريم الأديب توفيق يوسف عواد من خلال ترجمة روايته "الرغيف" الى الفرنسية، وهي التي تدور أحداثها خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918) على ثلاثة محاور رئيسية: المجاعة في لبنان، الشهداء الذين علّقهم جمال باشا على المشانق، والثورة التي قام بها العرب على الأتراك. وتأتي الترجمة بمناسبة بمرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى، وتتزامن مع ندوة حول الكتاب يشارك فيها جبور الدويهي، زينة توتنجي، فارس ساسين، يوسف معوض وفيفي ابو ديب". 

أما أبرز الكتّاب الفارنكوفونيين والفرنسيين واللبنانيين المشاركين، فهم: سورج شالندون، مارك لامبرون، شارل دانتزيغ، الروائي الجزائري رشيد بوجدرة، اوليفييه آدام، ليدي سالفايري، هانا آسولين، ديدييه دوكوان وهنري لورنس الضليع في التاريخ اللبناني والمشرقي ويقدم كتابه "إرنست رينان، العلم والدين والجمهورية" (منشورات أوديل جاكوب). يتمحور الكتاب حول المستشرق والمؤرخ وعالم اللغة الفرنسي أرنست رينان، من بين المستشرقين الأوروبيين الذين درسوا الإسلام من خارجه، وأسسوا لنظريات استشراقية تختزن رؤى "استعلائية" تجاه الحضارة الإسلامية.

ومن بين الأسماء البارزة المشاركة في المعرض الفرانكوفوني، الشاعر اللبناني صلاح ستيتيه الذي يكرّم بندوة، وجورجيا مخلوف الفائزة مؤخراً بجائزة "سنغور" حول روايتها "الغائبون" وستشارك في الكثير من النشاطات، إضافة إلى السياسي والمثقف سمير فرنجية الذي ستكون له إطلالته في محاضرة حول العنف...

ثمة كتّاب فرانكوفونيين من أصول لبنانية، يسعون الى ترجمة أعمالهم الى العربية، كأنهم يحبون شغف الأصول أو هويتهم الأولى. وثمة كتّاب لبنانيين يطمحون إلى أن تكون أعمالهم بالفرنسية، إذ يرون الترجمة بوابة الى العالمية. وبمناسبة المعرض الفرنسي، يقول الروائي جبور الدويهي لـ"المدن"، أن "أهمية ترجمة الكتب العربية الى اللغة الفرنسية تكمن في أن هذه اللغة تشكل مفتاحاً للغات الأوروبية الاخرى"، مضيفاً أنه التقى أحد الناشرين الألمان بشأن ترجمة روايته "حي الأميركان"، فقال له أنه سيقرأها بالنسخة الفرنسية قبل نشرها.. بمعنى آخر، هناك صعوبة في تواصل الناشرين الأوروبيين مباشرة مع اللغة العربية. وأهمية الترجمة الفرنسية ايضا تتجلى "في مراجعات الكتب التي تنشر في الصحف الفرنسية، وتكون جدية وتشكل محطة مهمة بالنسبة للقارئ والناشر والرأي العام"، بحسب الدويهي، "ومع أهمية ترجمة الكتب العربية الى الفرنسية، فحضورها بلغتها يبقى أقوى، لأن مَن يقرأونها بالفرنسية هم فئة محدودة في لبنان".

نشاطات 
 محطات الصالون بالأرقام تشمل أكثر من 200 حفلة توقيع لكتب جديدة، وحوالى مئة طاولة مستديرة ولقاءات ومحاضرات. من حيث الكاتالوغ، يبدو أننا أمام ورشة عمل في مختلف المجالات الثقافية، بدءاً بالمجلات الثقافية، مروراً بالعنف والحرب والتاريخ والسيرة الذاتية والهوية والمنفى والدين والمرأة والترجمة والرياضة والاقتصاد والسياسة والحب والخيانة والأزمة السورية والطهو والكتاب والموسيقى الرقمية و"النضال".... أما الجوائز في المعرض الفرانكوفوني، فبات لها وقعها الخاص، ولا تقل شأناً عن ثقافة التواقيع، وهذا ميزة أخرى يفتقر إليها معرض بيروت العربي الدولي للكتاب. فهناك جائزة "فينيكس" التي ترافق المعرض، و"لائحة غونكور/خيار الشرق" التي ستختار أحد العناوين من بين تلك الواصلة إلى القائمة الثانية من خيارات أكاديمية "غونكور"، ويعلن النص المستبقى للجائزة في الثاني من تشرين الثاني، في حضور عضو أكاديمية "غونكور" ديدييه دوكوان، وإلى جانبه الروائي سورج شالاندون بعدما فاز بنسخة العام المنصرم من الجائزة عينها، عن روايته "الجدار الرابع" الصادرة  بنسختها المعرّبة لدى دار "الفارابي".

كما سيشهد الصالون معارضن أبرزها الخاص بالمصورة الفوتوغرافية هانا آسولين، التي تدعو الزوار إلى مشاهدة "عشرات الصور الخاصة بأيدي الكتّاب" ومنهم موديانو، لوكليزيو، امين معلوف، وغيرهم... إلى جانب معارض أخرى: "فريسك الالبا"، و"معرض مازن كرباج"، ومعرض خاص بصحيفة "لوريان لوجور" اللبنانية الفرانكوفونية بعنوان: "القبر الضائع للاسكندر الكبير"...

 يستمر معرض الكتاب الفرانكوفوني من 31 تشرين الأول الى 9 تشرين الثاني 2014.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها