الثلاثاء 2015/06/30

آخر تحديث: 12:38 (بيروت)

"تميز" رفعة الجادرجي الذي جرّد العمارة التقليدية.. منحوتة

الثلاثاء 2015/06/30
increase حجم الخط decrease
نال المعماري العراقي، رفعة الجادرجي، جائزة "تميّز" للانجاز المعماري مدى الحياة، لعام 2015، بعد اختياره من قبل لجنة تحكيم جائزة العمارة العراقية "تميز"(*). وأعلن عميد كلية الهندسة في جامعة كوفنتري البريطانية، مايكل فتزباترك، فوز الجادرجي بالجائزة بوصفه معمارياً ومنظراً وأكاديمياً ومفكراً. وعبّر الجادرجي عن سعادته بالجائزة، لأنها تحتفي بحرفة لم تعد تحظى بالكثير من الاهتمام، متمنياً أن تنال العمارة رعاية أكبر في المستقبل القريب.

ولد الجادرجي في بغداد 1926، وحصل على دبلوم في الهندسة المعمارية من مدرسة "هامرسميث للحرف والفنون" البريطانية. عمل الجادرجي منذ تخرجه في مجاله الخاص في مكتبه "الاستشاري العراقي" وعيّن رئيساً لقسم المباني في مديرية الأوقاف العامة العراقية ثم مديراً عاماً في وزارة التخطيط العراقية في أواخر الخمسينات. وكذلك عمل كرئيس لهيئة التخطيط في وزارة الإسكان.

حصل على جائزة أغا خان للعمارة العام 1986. ومن أعماله: مبنى الاتحاد العام للصناعات، ومبنى نقابة العمال والبدالة الرئيسية في البرلمان العراقي. وله أعمال فنية أخرى، فهو المصمم للقاعدة التي علق عليها الفنان جواد سليم نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد، كما قام بتصميم نصب الجندي المجهول الأول في الستينات من القرن العشرين في ساحة الفردوس.

رفعة الجادرجي صمم أيضا العلم العراقي الأزرق المثير للجدل والذي لم يتم اعتماده. تأثرت أعمال رفعة المعمارية بحركة الحداثة في العمارة، لكنه حاول أيضاً أن يضيف إليها نكهة عراقية إسلامية.

يرى الجادرجي ان منهجية العمارة تتمحور حول معايير ثلاثة:
1- المعرفة الوصفية لخصائص الاشياء والظواهر.
2- المعرفة المعنوية للعلاقات الاجتماعية بما يشمل العادات والتقاليد وهوية المجتمع والدين 
3- المعرفة بمقاييس الاشياء والظواهر الطبيعية والاجتماعية
ويرى ان دور المعمار يتحقق بتامين ثلاثة حاجات وهي:
1- الوظيفة النفعية 
2- والوظيفة الرمزية التي تؤمن هوية الفرد والجماعة 
3- الوظيفة الجمالية التي تحقق متعة ادراكية وبصرية من خلال العمارة حيث يتضمن التكوين المعماري فيها قيما تنويعية مركبة تؤمن للناس المتعة والاسترخاء النفسي.

معظم واجهات المباني التي صممها مغلفة بالطابوق الطيني العراقي وعليها اشكال تجريدية تشبه الشناشيل وغيرها من العناصر التقليدية. وبحسب وصف أحد المهندسين، فقد زاوج الجادرجي "بين التراث المحلي والتحديث العالمي في المباني، فهو الذي أعاد هيكلة التراث في بلاده من المساجد الى الدور القديمة، ما اضحى مدرسة واسعة تأثر به معماريون مخضرمون وشبان عندما وضع أمامهم البدائل المعمارية للأسلوب التقني الجديد".

ارتكز الأسلوب الهندسي لدى الجادرجي على البحث عن كل ما هو جديد ومثير، من خلال إضافة إسقاطات هندسية حديثة مستمدة من المدارس الغربية ومزجها مع أسلوب العمارة التقليدية. ويذكر الدكتور علي ثويني في مقالته "تراثية محمد مكية، وحداثة رفعة الجادرجي" بأن الجادرجي كان فنانا معمارياً حداثياً، بل وضعه في "خانة" فناني ما بعد الحداثة أيضاً، وأشار إلى تأثره برواد الحداثة في عمارة القرن العشرين، وإفادته من رؤاهم، وتجاربهم، وخبراتهم المتراكمة، وأشار بالتحديد إلى الألماني فالتر كروبيوس، والأميركي فرانك لويد رايت.

ووصل رفعة الجادرجي بالعمارة التقليدية "التحدارية"، كما يطلق عليها، إلى المستوى الشكلي التجريدي، فأصبح ينظر إليها كمنحوتة فنية لها خصائص تقليدية مجردة حسب مفهومه، لكنه لم يتعامل مع الفراغ المعماري بتلك النظرة التحدارية أو بتلك الخلفية التقليدية، فعندما نشاهد مساقطه الأفقية نجد أنها في كثير من الأحيان تكون مساقط أفقيه مستوحات من الحداثة.

للجادرجي العديد من الكتب حول العمارة ومعظم كتاباته في التنظير المعماري وقد حاول النظر إلى التركيبة الاجتماعية - العمرانية في العالم العربي. من كتبه "شارع طه وهامرسميث" و"الأخيضر والقصر البلوري" و"جدار بين ضفتين". وهو حالياً مقيم في لندن.


(*) أطلقت جائزة "تميز" في العام 2014 وتهدف للاحتفاء بأفضل نتاجات العمارة العراقية، وتكريم روادها والاحتفاء بهم ممن أثروا بتصاميمهم هذا الفن المهم.

 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها