الأربعاء 2018/04/11

آخر تحديث: 08:27 (بيروت)

مارينا بالو- شارميه: عند حافة النظر

الأربعاء 2018/04/11
increase حجم الخط decrease
يجمع معرض الإيطالية مارينا بالو- شارميهMarina BalloCharmet(حتى حزيران، في "Le Bleu du Ciel"- ليون) أكثر من 20 صورة، تعرّف بمجمل أعمالها التي صورتها منذ ثلاثين عاماً، عن الطبيعة، من يابسة وأنهر وبحار، ومدن وحدائق؛ مجموعات تميزت بغزارتها وأهميتها ونظرتها التجريبية. عناوينها غريبة: "صخب الأعماق"، و"عند حافة النظر"، واصلت فيهما تجربتها عن حركية وقابلية تغيير البصر. عملان أفضيا إلى موضوع آخر لا يقل أهمية هو "المستوى الأول للمشهد". موضوع "الحديقة": تناولت الحدائق العامة في أوروبا وأميركا، نيويورك تحديداً. حدائق تشكل فضاءات نوعية أو مركَّبة غير متجانسة.  الحديقة فضاء مديني آخر، رصدته مارينا بإستخداماتها الفوتوغرافية المتنوعة.

تناولت أيضاً الجزر اليونانية وجزر مدينة البندقية، كملحق لمجموعتها "المشاهد الطبيعية" المؤلفة من نظرات عامة وتفاصيل لأماكن وشخصيات. ميلها إلى الغنائية اكتسب وضوحاً منذ الصور الأولى، عبر تأثيرات الضوء والنبضات اللونية والصورية.

تستخدم مارينا بالو- شارميه (ميلانو- 1952) الفوتوغرافيا كوسيلة تجريبية ومعرفية.  يُصنف عملها خارج الوصفي والتخيلي الذي يميز القسم الأكبر من الإنتاج الفوتوغرافي المعاصر. تعرّف الهدف الأول من بحثها التجريبي "كتغير لمكان تأطير المجال المرئي" كما تقول. هي شديدة الإهتمام بـ "لباقة المرئي" الذي يسبق إلتقاط الموضوع المعني.

الشواطئ هي موضوعها الأساسي، إنها أمكنة إلتقاء اليابسة بالبحر وبالسماء. تحددت طريقتها في النظر كمسار تجريبي لمستويات ظاهرة مضطربة ومتموجة، مثل إدراك يتلمّس أحجاماً أو كتلاً متدثرة جذّابة. في كل مناسبة، تُدخل إلى الوصف الفوتوغرافي طريقتها الخاصة في المقاربة، التي تتميز عن السبل المعرفية القديمة مثل آليات إتقان الجمالية. 

تنحاز إلى أفكار المصور راؤول هاوسمان (النمسا، 1886- 1971) عن النظرة المقرّبة والشاملة. ترفض المثالية الذي تضع الإنسان في مركز الكون وتجعل منه الغرض النهائي لكل خلق. كتب هاوسمان (في كتابه "لسنا مصورين"- 1921): "في عالم لن نعود فيه بحاجة لأن نسيطر بسبب الخوف، ولن نجرؤ فيه على فرض ذاتنا الجسدية كحَكم بصري على واقع روحاني لعالم غير مكوّن من حدود جسدية. لن يكون بمقدورنا أن نكون مصورين طغاة، بل عاطفيين. النظرة، عندما تكون خلاقة مبدعة، تشكّل تشنجات وتمددات للعلاقات الجوهرية للجسد، أكان بشراً، حيواناً، نباتاً، جماداً، آلة، جزءاً أم كياناً، كبيراً أم صغيراً. ليست النظرة أبداً المركز الذي ننظر إليه بلامبالاة وبطريقة آلية".

معها، لم تعد النظرة فعلاً حيادياً، بل مشاركة مادية بقدر ما هي نفسانية. لم تعد لاقطة بل ملتقطَة، منجذبة، عالقة في شرك، مصادَرة. اهتمت بالو- شارميه دائماً بالحركات اللاشعورية للبصر، والإنجذاب بعيداً خارج مركز البصر:  بالنسبة إليها، يحدث كل شيء أولاً، عند طرف العين أو البصر. في عملها "الحقل الأول" أدخلت النظرة البعيدة عن المركز، المحيطية، الخارجية، إلى إطار البورتريه "إنه هذيان العين الفوتوغرافية عند سطح الأجساد" تقول.

تشبه صورها سجلات توثيق قديمة، لكن متصلة بشبكة تجانسية ومتكررة. لا تجد في أحجام الصور الكبيرة ضرورة لحسن الوصف والإستعراض،"يمكن للوصف أن يتم عبر الأحجام الصغيرة". الصورة الجامدة أو المتحركة ميادينها للتجارب الشخصية المتعددة. والبعد الشخصي لديها لا يتكئ على السيرة الذاتية.

في عملها "عند حافة النظر" يطابق القرب من الموضوع نظرة منخفضة إلى مستوى الأرض.  تُخفي كل ما يشكّل مدينة أو مكونات مشهد مديني، لتُبقي فقط على قاعدة مدينية مقطّعة. في الحدائق كما في الشوارع، يهلوس العابرون، يتحركون.

درست الفلسفة والطب النفسي الذي مارسته حتى منتصف الثمانينيات، قبل أن تنصرف للتصوير. موضوعها المفضل "ما نشاهده دائماً" ما تصفه بـ "ضجيج أعماق العقل". نظرتها متحركة، ضبابية الجوانب، تشذّ عن المركزي، أشبه باستعادة رؤى طفولية متقلبة، وإدراك مرتبط بعلاجنا الباطني". 

صورها إبحار في الطبيعة، في المدن، وبين الأجساد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها