الأحد 2018/03/25

آخر تحديث: 10:08 (بيروت)

منع "بانوبتك" لرنا عيد...السلطة لا تحتمل المساءلة

الأحد 2018/03/25
منع "بانوبتك" لرنا عيد...السلطة لا تحتمل المساءلة
منع الفيلم بسبب رفض المخرجة طلب لجنة الرقابة حذف مقاطع منه
increase حجم الخط decrease
في فيلمها "بانوبتك" الذي كان يفترض عرضه ضمن فعاليات "ملتقى بيروت السينمائي" يوم السبت 24 آذار 2017 ومنعته لجنة الرقابة في الأمن العام مع فيلم آخر عنوانه "واجب" للفلسطينية آن ماري جاسر، بحجة تصويره في الأراضي المحتلة، مع أنه فيلم فلسطين الرسمي للجنة الأوسكار. تسائل رنا عيد من خلال رسالة ذاتية إلى والدها الضابط السابق في الجيش اللبناني، بعض أوجه نظام السلم اللبناني المكرّس عقب إقرار قانون العفو العام بعد انتهاء الحرب الأهلية، منطلقة من أقبية الأمن العام في العدلية – بيروت، التي تأخذها إلى عالم بيروت السفلي وخطابات "الحرب لم تنته" الناشطة ثقافياً في لبنان.

منع الفيلم (تصوير طلال خوري وتوليف رانيا إسطفان) أتى بسبب رفض المخرجة طلب الرقابة حذف مقاطع منه قبل يومين فقط من العرض، منها جملة تقول إن المسجونين في نظارة الأمن العام، يمكن أن "لا يحاكموا وينتسوا تحت الأرض"، وهي جملة أكثر من بديهية اليوم، ومشاهد أخرى تظهر عناصر من الأمن العام وسجناء في النظارة (اكتفت اللجنة بطلب تمويه وجوههم)، مع العلم أن الجيش اللبناني كان قد وافق في السابق على إظهار عناصره المتمركزين في برج المر وأمكنة أخرى. ليست بديهيةً موافقة المخرجة على طلب إزالة مقاطع الأمن العام، بما أن الفيلم في الأصل هو مساءلة ومواجهة للسلطة الأمنية التي كرست هذا المكان مركزاً للحجز.

طبعاً ليست المرة الأولى التي تمنع فيها أفلام ضمن الفعاليات التي تنظمها Beirut DC، فقد حصل الأمر نفسه في نسخ سابقة، وسيحدث حكماً في المستقبل، في حال لم تتوقف مهزلة مرور أفلام المهرجانات والفعاليات الثقافية ذات الجمهور المحدود تحت مقص الرقابة.


تعمل رنا عيد في مجال الصوت(أسست استديو DB) الذي كان دافعها الرئيس للخوض في مسألة نظارة الأمن العام في الأساس، بسبب وجودها تحت جسر الياس الهراوي، حيث الحياة لا تحتمل بسبب أصوات السيارات. تفكك رنا عيد فكرة النظارة إلى ثلاثة عناصر، إثنان منها يشكلان مصير الفيلم لاحقاً: العنصر الأول هو السجان، أي الأمن العام، الذي يمثل السلطة المكرّسة في لبنان، والعنصر الثاني هو القبو بما يمثله من مكان سفلي يراد إخفاؤه. أما الثالث، فهم الذين سجنوا في النظارة بسبب استفحال السلطة الحاكمة.

يأتي الحديث عن السلطة في الفيلم من منظورين، أحدهما عام يتناول السلطة الحالية المكرسة بشكل تدريجي وعلى مراحل منذ انتهاء الحرب الأهلية وخروج الجيش السوري، وآخر ذاتي، تتحدث فيه المخرجة عن علاقتها بوالدها، حيث تقرأ رسالة له، تختلط فيها الحميمية والمساءلة. وكما تتوجه الكاميرا إلى القبو الذي يراد إخفاؤه تحت الجسر، تتوجه المخرجة إلى ماضيها ولاوعيها الشخصيين، مفككة خفايا علاقتها بالسلطة ووالدها، بالإضافة إلى عالمها الخاص الذي يتشكل من عائلتها وأصدقائها والمكان الذي تعيش فيه.

ثم تتوجه إلى المخفي في المجال العام، مكررة خلال الفيلم عبارة "إكرام الميت دفنه". تتوجه إلى قبو فندق البوريفاج الذي كان مركزاً أمنياً خلال فترة الوصاية السورية، وقبو برج المر الذي قيل إن صراخ القتلى فيه ظل يسمع بعد انتهاء الحرب لفترة طويلة. تركز عيد في فيلمها على فكرة أعلى/أسفل (صورت مشاهد واقعية تحت الأرض والمجارير والأقبية المهجورة)، التي تحيل إلى التاريخ اللبناني المقسوم بدوره إلى أسفل وأعلى أيضاً. الأسفل هو زمن ما تحت الصفر أو ما قبل التاريخ الذي يسبق انتهاء الحرب الأهلية، والثاني يشكل فترة السلم الأهلي والتاريخ الرسمي المضاء إعلاميا ويمكن الحديث عنه، وبينهما لحظة تصفير الزمن مع اتفاق الطائف وإقرار قانون العفو.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها