الخميس 2017/09/21

آخر تحديث: 12:09 (بيروت)

أبي مصوِّر صحافي.. فالأرجح أن أصبح مصوِّراً أيضاً؟!

الخميس 2017/09/21
أبي مصوِّر صحافي.. فالأرجح أن أصبح مصوِّراً أيضاً؟!
انطوان شوفيل، إلى اليمين، بكاميرا والده باتريك – الموصل 2016
increase حجم الخط decrease
"قد يكون الإختلاط في الوسط المهني للآباء وراء الشغف بالتصوير الذي ينتقل إلى الأبناء وحتى إلى البنات".  هذا ما كتبته الفرنسية مادلين لوناي في تحقيقها عن وراثة مهنة التصوير الصحhفي، بعد لقاءاتها عائلات معروفة في أوساط الصورة: شوفيل، يعقوب ذاده، ديغاتي، بولا...

شاهد قراء الصحافة الغربية، في الخريف الفائت، صورة أثناء معارك الموصل، وصفها المهتمون بـ"العائلية الغريبة"، صوّرها باتريك شوفيل (67 عاماً، تجاوزت تغطياته أكثر من 30 حرباً، أولها الحرب العربية- الإسرائيلية في 1967) يظهر فيها ابنه أنطوان يحاول الإحتماء لحظة إنفجار سيارة انتحاري. كان ذلك أثناء تغطيتهما لذاك الحدث سوية. "بعتُ الصحافة بضع صور لكنها لم تنشر سوى واحدة"، قال أنطوان شوفيل.

لم يكن الابن يرغب في احتراف المهنة: "إنها مهنة والدي الذي لطالما عتبت عليه لغيابه المتواصل". لكنه عندما كبر طلب من والده بإلحاح إصطحابه معه إلى العراق. "كانت التجربة الأولى والأهم في حياتي إذ إكتسبت خبرات عديدة" قال أنطوان ابن الثلاثين عاماً الذي عاد إلى الموصل وحده هذه المرة لتغطية معاركها الأخيرة.

أنطوان الذي اختار مساراً مختلفاً عن والديه وجدّيه - وكانوا كلهم مصورين- لاحظ أن المهنة قد تسربت إلى حياته. في حادثة الدهس في نيس العام الماضي كان أول الواصلين، فاحتلت صوره الصحافة العالمية. يعترف بفضل والده الذي أعدّه لتعلّم المهنة "في الـ15 من عمري صورت تحقيقاً عن المهاجرين وعن الفقر في البرازيل وتايلاند، لا لأثبت له أنني اخترت المهنة، بل لأعرض له بؤس هؤلاء". 


رفاييل يعقوب زاده (فرنسي، 26 عاماً) لم يتسن له الوقت للتساؤل عن مهنة والده ألفرد (58 عاماً). في الـ12 من عمره نُشر له ريبورتاج عن الشواطئ (2013). قال مؤسس وكالة "سيبا" لوالده: "إنه أبرع منك".

بدأ ألفرد الوالد أول تحقيقاته في 1979 مع الثورة الإيرانية، أما رفاييل فكانت بدايته مع كرنفال البندقية (2001)."أعطيته كاميرا وأفلام عالية الحساسية لقضاء وقته. فاجأني بلقطاته وتقسيماته. بعدها صورنا معاً مظاهرات في باريس" قال والده. "علمني والدي طريقة حمل كاميرا كما نحمل بندقية"، قال رافاييل الذي بث والده فيه عشق المهنة وروح المغامرة، فاصطحبه معه إلى أماكن لا تشكل خطراً على سلامة المصور اليافع. رافقه إلى اليونان ومخيم رفح الفلسطيني ثم أريحا لتغطية وصول ياسر عرفات إليها. لم يكن أمام رفاييل أي خيار آخر، تسجّل في مادة التاريخ، لكن توارد فكرة التصوير بشكل متقطّع، حسمت قراره. في العشرين من عمره (2011) غطى أولى ثورات الربيع العربي في تونس. أما شقيقه الأصغر سيباستيان فيمارس التصوير بكاميرا قديمة قدمتها له والدة ألكسندرا بولا، المصورة الصحافية التي توفيت بسبب المرض في 2007 أثناء تغطية في رام الله.

فهل يتقدم المناخ العائلي على رابطة الدم؟
في نظر آني بولا، مؤسسة وكالة "كوزموس"، تصح هذه المعادلة مع مصوري الحروب "بينهم تضامن فريد لا يوجد مع  آخرين، إنهم يواجهون حالات ومواقف صعبة تفرض عليهم هذا التكافل. عندما ذهبت ابنتي ألكسندرا (1962- 2007) لتغطية الحرب في يوغوسلافيا كانت المرأة الوحيدة التي تمارس هذه المهنة. لم أقلق على مصيرها لعلمي أنها ستلتقي بزملاء كثر. كانت منذ صغرها تحلم بهذا العمل، لكنها لم تبح به خوفاً من والدها"... قالت الأم.


بيار بولا(1924)، والد ألكسندرا، فضّل التحقيقات الإنسانية وصورة الموضة على تصوير الحروب. برأيه، هو الذي عاش الحرب العالمية الثانية طفلاً، مهنة المصور الصحفي لا تلائم المرأة، ما جعل ابنته تنتظر سنوات لإقناعه. لكن الوالد افتخر بابنته عندما أفردت لها المجلات الأسبوعية أكثر من 5 صفحات لصورها ("باري- ماتش"1989)، وشاركت  في تأسيس وكالة "VII" (سبعة)في 2001.

ريزا ومانوشر ديغاتي شقيقان إيرانيان تركتا وطنهما بعد الثورة. "حملتني الكاميرا إلى أنحاء العالم"، يقول مانوشر الذي تعمل ابنته، مارال، في مجال التصوير. تعترف: "أتاحت لي الكاميرا تأكيد الواقع وإيصاله للآخرين وتوثيقه.  في طفولتي لم أكن أميل إلى التصوير، كان الأدب والرسم من أولوياتي".

لم تتبع مارال طريق والدها وعمها، اختارت العمل في النشر الفوتوغرافي وتنظيم المعارض والمهرجانات المتخصصة (مهرجان ساراييفو للتصوير الصحفي)، إلى مهمتها كمسؤولة الخطط التربوية لـ"وورلد برس فوتو".

التقاء تلك الأسماء في الصحافة أثار الدهشة والتساؤل، في زمن بكى فيه العديد من الأطفال فقدان آبائهم المصورين في ميادين الحروب. تؤكد مادلين لوناي أن غوسكين سيبا أوغلو، مؤسس "سيبا" والأب الروحي لهذه المهنة، هو الذي بث هذا الشغف في قلب تلك العائلات التي توارثت المهنة، "فالأمر ليس صدفة" تختم لوناي. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها