الثلاثاء 2017/09/19

آخر تحديث: 12:41 (بيروت)

زكريا تامر... جيش الإنقاذ

الثلاثاء 2017/09/19
زكريا تامر... جيش الإنقاذ
increase حجم الخط decrease
(*) امتدحت إحدى الجرائد الوقور معرضاً للكتاب العربي، وقالت عنه إن زواره من محبي القراءة وعشاق الثقافة قد أجمعوا على أنهم وجدوا فيه ما يريدون، وهو مديح ليس بالمزور، ولا تحاصره أية شكوك، فمعرض الكتاب المنوه به قد اشتمل حقاً على كل الكتب التي يحلم القراء العرب بالعثور عليها، وسبق لهم أن بحثوا عنها طويلاً في البر والبحر والجو من دون أن يوفقوا.

لقد وجد زوار المعرض كتاباً مشوقاً يحتوي تمارين رياضية تخلصهم من الغرام باقتناء السيارات، وتنجيهم من التضحيات في سبيل الحصول عليها، وهي تضحيات تضرّ بلدهم لتنفع بلاداً أخرى غير جديرة إلا بالأذى.

ووجد زوار المعرض كتاباً يعلمهم كيف تزداد سماكة جلودهم، فلا تتأثر بصقيع الشتاء ولظى الصيف ومزاح العصي، ويستريحون من ارتداء الثياب.

ووجد زوار المعرض كتاباً زاخراً بالحجج القادرة على الإقناع بأن زيارة المقابر في الصيف والجلوس فيها والتسامر مطولاً مع الأموات أرقى اصطياف متاح لذوي الدخل المحدود، ودعم مخلص للسياحة المحلية.

ووجد زوار المعرض كتاباً يرشدهم إلى المكان السري الذي دفنت فيه الحرية العربية حتى يتاح لهم زيارة ضريحها وتلاوة سورة الفاتحة على روح تلك التي اغتيلت أبشع اغتيال، ولم يذكر الكتاب اسم أي قاتل، ولكن هذا أمر لا يؤبه له، فالقتلة معروفون للصغير والكبير، وهم أكثر الناس دفاعاً عنها، وهم الذين لا يزالون يروجون أن الحرية حية ترزق.

وهذا المعرض الذي أجمع زواره من عشاق الكتب على أنهم وجدوا فيه ما يريدون ليس بالمعرض الوحيد بل ستليه معارض أخرى للكتب، ومن لم يتح له الظفر بالكتاب الذي ينقذه مما يعاني من أزمات وويلات ليس له سوى الانتظار المفعم بالأمل ولاسيما وأن الكثيرين من الكتّاب العرب قد باتوا مختصين بإرضاء القاتل والقتيل في آن واحد.


(*) مدونة كتبها القاص السوري زكريا تامر في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها