الجمعة 2017/08/04

آخر تحديث: 13:48 (بيروت)

"إنتظرها" بصوت روجر ووترز.. "سيادة" الكلمة والصوت

الجمعة 2017/08/04
"إنتظرها" بصوت روجر ووترز.. "سيادة" الكلمة والصوت
أراد إبراز وقع الخسارة والألم والتوق إلى وقت مضى.
increase حجم الخط decrease
بعد ربع قرن من الغياب عن عالم الاسطونات، أطلق المؤلف والمغني البريطاني روجر ووترز أغنية جديدة بعنوان "انتظرها" مستوحاة من قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش. وهي من ضمن البوم يصدر قريباً يضم 12 أغنية وكناية عن "تأملات في الحياة المعاصرة والأزمنة المضطربة".

واختيار الأغنية من كلمات محمود درويش له دلالات في الثقافة والسياسة والموقف، فصاحب القصيدة يعتبر رمزاً بالنسبة للقضية الفلسطينية، والقصيدة من أشهر القصائد الغزلية العربية،  كانت صدرت ضمن ديوان "سرير الغريبة"، وعنوانها الاساسي "درس في الكاماسوترا"، وعرفت لدى القراء بعنوان "إنتظرها"، ربما لأنها أكثر دلالة على الحب في الثقافة العربية. واستمد الشاعر فلسفته من دروس كاماسُوترا في فن الانتظار، وكاماسوترا هو نص هندي قديم يتناول السلوك الجنسي لدى الإنسان، وكلمة "كاما" تعني الرغبة، وسوترا تدل على سلسلة من الحكم. وبحسب بعض النقاد فإننا أمام قصيدة تتكلّم عن فن الجنس، عن الرغبة في الإحساس. نرى درويش يكرر لفظ انتظرها، والكل يستخدم القصيدة كأنها قصيدة عن الانتظار الوقتي والزمني للحبيبة، درويش هنا يقصد بهذا اللفظ الانتظار الحسي.... وكتبت عن القصيدة مجموعة من المقالات، وقيل "تكاد كلماتها تنكسر من رقتها وعذوبتها". إنها قطعة من كتاب حب يذكّر بكتاب "طوق الحمامة" لابن حزم الأندلسي.

وقيل ان درويش كتب القصيدة عن امرأة أحبها، وتنقل بعض الصفحات الاكترونية والفايسبوكية أن الشاعر كان في حفلة في بيت صديق له، ورأى امرأة أعجبته، لكنه لم يتحدث معها، وبعد فترة قرر أن يستضيف صديقه وكل من كان في ذلك اليوم المشهود، وأكد على صديقه أن كل من كان في ذلك اليوم ينبغي ان يكون حاضراً في بيت درويش، ويوم الحفلة جاء الكل ما عدا هذه المرأة، فققر درويش أن ينظم حفلة أخرى لعلها تأتي، لكنها أيضا لم تأت، واستمر هذا الوضع لمدة سنة، أعتقد أن في خلال هذه الفترة كتب درويش قصيدة "في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة". ومرت سنة وكان درويش يزور صديقه بالصدفة، فوجدها ضيفة هذا الصديق أيضا، وكان هذا اللقاء الثاني وبداية قصة حب تطورت لزواج... كان هذا هو الزواج الثاني في منتصف الثمانينات من المترجمة المصرية "حياة الهيني". ولا نعرف مدى صحة هذه الخبرية السائدة.


أما مغني القصيدة فهو أحد مؤسسي فرقة الروك الأيقونية "بينك فلويد". متُهم مراراً بـ"معاداة السامية"، وتعرّض لانتقادات حادة بسبب هذا الكليشيه الاسرائيلي، رغم ذلك أصرّ على دعوته للمقاطعة الثقافية لإسرائيل. ونشر في مناسبات فيديوهات يدعم فيها الفلسطينيين كان أبرزها ذاك الذي نشره من قرية بلعين، غربي رام الله، وفيه أغنية الفرقة الشهيرة "Hey you". واتهام ووترز باللاسامية لمجرد انخراطه في نصرة الفلسطينيين، وهو حث الموسيقيين في رسالة على "التصدي لجرائم إسرائيل من الفصل العنصري والتطهير العرقي بسبب تنصل الحكومات الغربية ومجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة عن القيام بذلك". وقال ووترز في رسالته إنه "تشجع على إطلاق هذه الدعوة بعد أن سمع عازف الكمان البريطاني، نايجل كينيدي، يتهم إسرائيل بممارسة الفصل العنصري، خلال حفل أقامه بقاعة رويال ألبرت وسط لندن". دون أن ننسى أنّ ووترز معارض شرس للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقد وصفه بالنازي في إحدى حفلاته. ووترز قدم أغنية "انتظرها" بطريقة ثقافية اذ جاز التعبير، فهو عدا عن استلهام قصيدة درويش كان في باله الموت المأساوي لآلان الكردي البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي اكتشف جثته على شواطئ تركيا في عام 2015.

واذ كانت القصيدة مفعمة بالحب، ففي اغنية ووترز شيء من الحزن شيء من الأنوثة والفقدان والألم، معالم وتعابير فيها الكثير من الدلالات. وكتبت احدى وسائل الاعلام الأميركية "كان (ووترز) بحاجة الى إظهار الأنوثة ولكن أيضا أراد إبراز وقع الخسارة والألم والتوق إلى وقت مضى. حتى إن إيفانز اختار أن يجسد ذلك الألم من خلال وضع ندبة بارزة على نجمته أزورا. "كانت هذه العلامة مهمة في الشريط المصور لأنها ترمز إلى عذاب جسدي تحمله اللاجئون"، قال.

وليست المرة الأولى التي تقدم قصيدة محمود درويش كأغنية أو تُلقى كقصيدة مرفقة مع عزف العود، فسبق أن قدم درويش الأغنية بصوته مرفقة بعزف الثلاثي جبران الذي ارتبط بالشاعر الراحل، حيث اشتغلوا إلى جانبه وعزفوا على أشعاره، طوال 13 عاما... وانتظر الفنان الفلسطيني عمار حسن طويلاً، قبل إصدار أغنية "انتظرها"(درويش) من ألحان سعيد مراد، خصوصاً أن درويش سبق أن منح حسن بعد النجاحات التي حققها في برنامج "سوبر ستار"، حقّ غناء ما يشاء من أشعاره، لإعجابه بصوته. ويقول حسن اعتاد الناس على هذه القصيدة بصوت درويش، وأنا أعشقها جداً بصوته، لكن حين قررنا إخراجها كأغنية كان لا بد من أن تخرج هذه القصيدة بشيء من التجريب الذي قد يصل إلى حد الفانتازيا... كثيرون لم يتقبلوا هذا، واتهموني بأنني شوّهت القصيدة، لكنني أراهن أنها مع الوقت ستكون من الأعمال التي تشكّل انعطافة في مسيرة الأعمال الغنائية العربية، لا الفلسطينية فحسب". وقدمتها فرقة "الألف" وهي الصوت الجماعي لخمسة موسيقيين يشغلون حيزًا في طليعة الموسيقى المستقلة في العالم العربي.


وغنتها أمل مرقس من الحان مهران مرعب وتوزيعه، وقالت ان القصيدة  "من قصائده الحميمة الجميلة جدا تصلح لتكون دعوة لرقصة جميلة بين شريكين". و"الشراكة هنا لا تنحصر في الشق العاطفي فقط، إنما تجد أنه على الرجل انتظار شريكته في مختلف الأطر التي من الممكن أن تتحقق الشراكة السليمة فيها بين الرجل والمرأة. كما تتحقق بين اللحن والكلمة والآلات الموسيقية داخل القصيدة/الأغنية".

ويتفاوت آداء القصيدة بين صوت وآخر، بين من اعطاها حقها نسبياً وبين من سخفها وجعلها رتيبة، فهذه القصيدة الفصيحة والثقيلة لا تناسب كل الأصوات، وليس باستسهال اختيار القصيدة المعروفة تصنع العبقرية. مع التذكير ان روجر ووترز يبدو أكثر اقناعا في تقديم الاغنية سواء لناحية اللحن والكاريزما والكليب، وان قدمها بلغة اجنبية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها