الثلاثاء 2017/08/15

آخر تحديث: 12:22 (بيروت)

ماذا إن رعت إسرائيل مهرجانك الثقافي؟.. تجربة "إسلام شيبسي"

الثلاثاء 2017/08/15
ماذا إن رعت إسرائيل مهرجانك الثقافي؟.. تجربة "إسلام شيبسي"
محمود رفعت: "شكل موقفنا سياسي، لكننا قاطعنا المهرجان أيضاً بدافع إنساني"
increase حجم الخط decrease
ماذا تفعل إذا دعيت إلى مهرجان ثقافي "أدبي أو موسيقي أو فني" للمشاركة بعملك، ثم فوجئت أن المهرجان ترعاه إسرائيل؟ ما التصرف؟ وما العمل؟ وكيف سيكون رد فعلك إذا صادفتَ كاتباً إسرائيلياً يجلس إلى جوارك في ندوة تجهل أسماء المشاركين معك فيها؟

هذه الأسئلة التي تتردد بقوة في الوسط الثقافي العربي عامة، والمصري على وجه الخصوص، فرضت نفسها على أعضاء فرقة "إسلام شيبسي" التي تعزف موسيقى إلكترونية شعبية مصرية "إليكترو شعبي"، وتشارك بموسيقاها منذ ثلاث سنوات في العديد من المهرجانات الموسيقية في أوروبا، فرضت هذه الأسئلة نفسها على أعضاء الفريق محمود رفعت وخالد ماندو وإسلام شيبسي، بعدما كانوا بصدد المشاركة في مهرجان "بوب كالتور"، الذي ينظمه الاتحاد الأوروبي في العاصمة الألمانية برلين، في 22 آب الجاري.

أعلن الفريق عبر "فايسبوك" انسحابه من المهرجان في بيان حرصوا على كتابته بالإنكليزية بجانب العربية، قالوا فيه: "نعلن نحن فرقة آسلام شيبسي انسحابنا من مهرجان "بوب كولتور" المقرر إقامته في برلين الشهر الحالي وذلك بسبب مشاركة السفارة الإسرائيلية كأحد الرعاة للمهرجان، ونوضح أننا لم نكن على علم بهذا الأمر منذ البداية.. ونوضح أننا نسعى من خلال أعمالنا الموسيقية لمقاومة العنف والاضطهاد والتمييز من أي نوع تجاه الآخر على أي مكان في الأرض وهذا تعبيراً عن موقفنا وآرائنا الشخصية".

عن كواليس المشاركة واكتشاف رعاية السفارة الإسرائيلية في برلين للمهرجان، يقول محمود رفعت لـ"المدن"، أنهم منذ ثلاث سنوات اعتادوا السفر إلى أوروبا للمشاركة في مهرجانات موسيقية، وحفلات في مسارح كبيرة، أو صغيرة. وطيلة هذه الفترة، اتفقوا مع متعهدين لحفلاتهم، كما تفعل بقية الفرق الموسيقية، وهؤلاء يتولون تنظيم هذه الحفلات، والاتفاق مع أصحابها على أجر المشاركة، كما يتولى المتعهدون أيضاً حجز التذاكر للجمهور، والمساعدة في حجز تذاكر الطيران، وخلافها من الأمور اللوجسيتية.

يؤكد محمود رفعت أن إقبال الجماهير على عروض فرقتهم تزايد مؤخراً، نظراً لما يقدمونه من "مزيكا شعبية" مصرية، لها جمهورها الذي يحبها، ويستمتع بها في أوروبا، وهو ما دفع منظمي مهرجان "بوب كالتور" للاتصال بمتعهد حفلاتهم في ألمانيا، شهر أبريل -نيسان الماضي، لدعوتهم للمشاركة في المهرجان، وكذلك مناقشة الفن الذي يقدموه في ندوة تسبق الحفل المنتظر.

حسبما يقول محمود رفعت، فإن مهرجان "بوب كالتور" من المهرجانات المحترمة، ذائعة الصيت في ألمانيا، أعضاء الفريق استعدوا للذهاب، خصوصاً أن من ضمن المشاركين فرق عربية من الأردن "فرقة مزاج" والفنانة التونسية أمل المثلوثي وكذلك فرقة من سوريا.

يقول محمود: "فوجئنا بالمغنية الفلسطينية ريم بنا، تهاجم مشاركتنا في المهرجان لأنه بدعم إسرائيلي، كما تلقينا رسائل تنتقد المشاركة، ولم نكن حتى هذه اللحظة نعرف أن إسرائيل تدعم المهرجان أو ترعاه بأي وسيلة من الوسائل. تواصلنا مع متعهدي حفلاتنا في ألمانيا لطلب إيضاح من إدارة المهرجان الذين كنا نعرف أنهم "الاتحاد الأوروبي ومدينة برلين" وهم الشركاء الثقافيون، ففوجئنا بأن السفارة الإسرائيلية في برلين شريكة في رعاية المهرجان، نظراً لمشاركة فرقة موسيقية إسرائيلية".

قرار الانسحاب كان سريعاً، ولم يتردد محمود وسائر أعضاء فريقه، وهو يقول: "كتبت للمهرجان واعتذرت لهم، قلنا أننا موسيقيون، ولا نحب أن نشارك في مهرجان فيه كيانات تسببت بعنف واضطهاد متكرر للبشرية، ولا نتمنى أن نكون جزءاً منهم، كان هذا رأينا كموسيقيين ولا نعتبره رأياً سياسياً أو يمثل حكومة ما".

نسأله: لكن موقفك هذا سياسي بالتأكيد، فماذا تقصد بأن مقاطعتك للمهرجان لا تعبّر عن رأي سياسي؟

يجيب محمود: "أنا متأكد أن شكل موقفنا سياسي فعلاً، لكننا قاطعنا المهرجان أيضاً بدافع إنساني، وفي الوقت نفسه لا يمكننا أن ننكر التاريخ والبيئة المحيطة، فعلياً قاطعنا لأننا لا نرغب في أن نساند بموسيقانا كيانات تقهر الضعفاء". ويتابع: "لم يسبق لفرقة إسلام شيبسي أبداً الذهاب إلي إسرائيل، طلبونا كثيراً في مهرجانات في تل أبيب، وكنا دائماً نرفض.. هنقول إيه لأهالينا ولأولادنا.. بغض النظر عن السياسة، موقفي هذا نابع من كوني بني آدم".

هل تلقيتم ردود أفعال عقابية على الفريق عقب قرار المقاطعة؟

ينفي محمود أن يكون المهرجان قد تعامل معهم بشكل عنيف رداً على موقفهم، يقول: "بعض الناس، مصريين وغير مصريين، هاجمونا لأننا قاطعنا، أما إدارة المهرجان فخاطبتنا بكلام سهل، قالوا إن الموسيقى بوسعها أن تحل الأمور، وكذلك الحوار بمقدوره أن يهد الحواجز، لكن هذا كلام سهل". ويضيف: "على المستوى الإنساني صعب أن ننسى ما حدث منذ أيام في الأقصى، أنا أقصد هنا العنصرية والعنف، وما قبل الأقصى من أحداث أيضاً".
لا يطالب محمود بأن يتخذ الموسيقيون العرب موقفه نفسه، ولا يقول إنه لا ستطيع أن يفرضه على أحد: "إدارة المهرجان تفهمت في النهاية موقفنا، ومتعهد حفلاتنا تفهم كذلك، وأوضحنا لهم أننا يجب أن نطلع على قائمة الرعاة، لأننا لن نشارك في أي شيء قريب أو بعيد من إسرائيل، في الماضي كنا نعتذر بصمت، إذا صادفنا فرقة إسرائيلية تعزف معنا في مهرجان من المهرجانات، لكن هذه المرة كان يجب أن نعلن موقفنا على الملأ بعدما تلقينا اتهامات بأننا سنشارك في مهرجان ترعاه إسرائيل".

عازف الدرامز في الفرقة خالد ماندو، يتحدث بحماس شديد، عن القضية وعن ضرورة المقاطعة، ويقول لـ"المدن": "لم نعلم أي شيء عن رعاية إسرائيل للمهرجان حتى فوجئنا بملصق يحمل لوغو السفارة الإسرائيلية، كان ذلك يوم السبت الماضي.. احنا اتربينا من صغرنا على إن إسرائيل عدوة لينا، وعمرنا ما شاركنا ولا هنشارك في حاجة إيديها فيها".

يقول خالد أنهم شاركوا حتى الآن في حوالى 20 حفلة في أوروبا، "ولم نتخيل أن إسرائيل أو سفارتها قد تدعم مهرجاناً نشارك فيه.. دي حاجة متجيش على البال أو على الخاطر".

فهل فكرت في أنك ستخسر عائداً كبيراً من الحفلات التي كنت ستقدمها في المهرجان بعد مقاطعتك له بهذا الشكل؟

يجيب ماندو: "لو شاركنا كنا سنخسر أكثر بكثير، الموضوع موضوع مبدأ".
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها