الأربعاء 2017/07/19

آخر تحديث: 14:02 (بيروت)

آمال مثلوثي.. من شرنقة الثورة إلى فضاء الإنسان

الأربعاء 2017/07/19
آمال مثلوثي.. من شرنقة الثورة إلى فضاء الإنسان
تربت على أغاني الشيخ امام
increase حجم الخط decrease
تستضيف مهرجانات بيت الدين في 21 تموز الجاري، الفنانة التونسية آمال مثلوثي التي ارتبط اسمها بالثورة التونسية بعدما أنشدت للحرية وللكرامة أغنيتها "أنا حرة وكلمتي حرة".


لا ضرر في القول أن الثورات أو التحولات السياسية كثيراً ما تساهم في إطلاق وشهرة بعض الشخصيات الفنية أو الأدبية، وفي لحظة يتحول شاعر أو فنان إلى نجم وواجهة لمسار الأحداث، لكن في الوقت نفسه يغدو أسيراً لأغنية أو قصيدة، أو الجمهور والاعلام يجعلانه في هذا الشعور أو النمطية. والحال أن التونسية أمال مثلوتي تأتي في هذا الإطار، فهي التي غنت "أنا حرة وكلمتي حرة"، وتقول:

"أنا أحرار ما يخافوش..
أنا أسرار ما يموتوش..
أنا صوت اللي ما رضخوش..
أنا حر وكلمتي حرة"

تناقل الفيديو المسجلَ عبر كاميرات الهواتف المحمولة، الكثيرُ من مواقع التواصل، ثم ظهر في العديد من القنوات الدولية، لتصير الأغنية في ظرف وجيز أحد الشعارات الأساسية للثورة التونسية، وبات أي تعريف للفنانة التونسية يرتبط بهذه الأغنية، واللقب الذي صارت تعرف به في الصحافة ولدى معجبيها هو "صوت الثورة"، علماً أنها انطلقت قبل الثورة بسنوات، لكن صوتها كان خافتاً. فقد كانت آمال تردد في بعض التظاهرات الفنية المحدودة داخل تونس وخارجها أغنيات الشيخ إمام ومارسيل خليفة، قبل أن يحصل طوفان الياسمين في تونس ويسقط زين العابدين بن علي...


 ليست آمال مثلوثي بعيدة عن الأجواء "الثورية"، سواء في بدايتها أو خلال ثورة الياسمين أو بعدها، فهي سعت الى تخليد ذكرى اغتيال شكري بلعيد في أغنية "ما قتلو حد"، وبلعيد سياسي تونسي من مؤيدي التيار الماركسي اليساري، اغتيل في شباط/فبراير 2013 وكان من أشدّ المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس... في العام ذاته، ستشارك في أول تظاهرة فنية للأداء الموسيقي الفردي النسوي في أوبرا طهران. وكان هذا أول حدث من نوعه عرفته إيران منذ ثورة الخميني العام 1979. وفي 2013، قالت آمال مثلوثي في تصريحات لبرنامج كلام نواعم: "إن والدها كان يدافع عن القضية الفلسطينية، وأنها ولدت بميول ثورية منذ نعومة أظافرها جعلتها تسعى وراء الحرية، كما أن المرأة التونسية مناضلة بطبعها، وأنها غير راضية عن نتائج الثورة التونسية على الرغم من وجود حرية تعبير في وسائل الإعلام". لكن الغناء الملتزم (الثوري والثورجي) في لحظة يصبح أشبه بالحاجز أو الشرنقة التي تمنع الفنان أو الفنانة من الانفتاح الكوني على قضايا أكثر شمولية وانسانية، وهذا ما شعرت به الفنانة التونسية، التي بدأت تسعى الى تطوير نفسها خارج إطار الكلشيهات المرحلية، وناشدت محبيها في أكثر من مناسبة ضرورة تقدير أغانيها الجديدة التي لا تحمل بالضرورة، وبشكل مباشر، روح النضال.


ولدت آمال مثلوثي في يناير 1982 في تونس، بدأت مشوارها الفني وعمرها لا يتجاوز 8 أعوام، عندما صعدت على مسرح صغير في ضاحية ابن سينا في تونس، محل إقامتها. اعتادت منذ الطفولة، الاستماع إلى الموسيقى. فكان والداها من هواة الموسيقى الكلاسيكية، وموسيقى الشيخ إمام. ساهم هذا الجو في ولعها بالموسيقى عموماً، وبالغناء بصفة خاصة. تقول آمال: "تلك الفترة، كانت بداية اهتمامي بالموسيقى، إذ كان لوالدي دور كبير في هذا، ورغم أنهما لم يكونا متخصصين في المجال، فإن اختياراتهما الموسيقية في المنزل، أثرت فيّ ودفعتني لاختيار وجهتي". وفي سنوات الجامعة كانت على موعد مع العديد من من المحطات المهمة. وعن هذه الفترة تتحدث: "الحقيقة أنني لم أكن متحمسة للدراسة لأنني حسمت أمري واخترت الموسيقى. فبدأت تعلم الغيتار والغناء، وكوّنت مجموعة مع بعض الأصدقاء كحمدي غضون وكريم بن منصور". وتجلت مرحلة الجامعة في تكوين مجموعة "إيديوم" التي تميزت بإعادة الأغاني الأجنبية، وهذا ما ساعدها على الظهور في برنامج موسيقي على قناة 21 آنذاك. في عمر الخامسة والعشرين انتقلت الى فرنسا لتكمل مسيرتها كمغنية، في بدايتها كانت منجذبة لموسيقى الروك وتتابع موسيقيين مثل بينك فلويد، ديلان، ودوانبايز، مع انها تربت على انغام الموسيقى الكلاسيكية والجاز والشيخ امام، في البدايات لم تغن باللغة العربية حتى العام 2005 حين قررت ان تلحن اشعار محمود درويش، وانتقلت بعدها لكتابة كلمات أغانيها باللغة العربية...


بدأت تتضح معالم مسيرة آمال المثلوثي، التي واصلت العمل، وتوجته بألبوم "خايف" (2005) وألبوم "حلمة" (2008). واعتبرت خلال استضافتها ببرنامج ثقافة على قناة فرانس 24، أن ألبومها الجديد "انسان" هو ثورتها الموسيقية حيث جمعت فيه تجاربها الفردية والشخصية العميقة وذلك خلال عامين من العمل المتواصل. وتعاونت فيه مع موسيقيين من أمثال "Valgeir Siggur Ros" وأمين ميتاني... وتتجول بين أنماط موسيقية متنوعة مع لمسة تونسية مميزة.  من العنوان، تبدو اهتمامات هذه الفنانة الشابة أكثر توسعاً وكونية. عن والألبوم تقول آمال: "من باريس إلى نيويورك، أعتقد أنني حصلت على تجربة لا بأس بها.. الهجرة زادت اقتناعي بمهمة الفنان ودوره في التعبير عن مشاغل الناس الإنسانية، ومن هنا جاء عنوان الألبوم الذي بدأت في إعداده منذ أواخر العام 2015. تنحو المثلوثي في أسلوبها الغنائي إلى التريب هوب Trip Hop وأغاني القضايا الإنسانية، موظفةً بذلك تراث البوب والروك، مُركزةً بالأساس على الغيتار. تتميز بصوتها الذي يراهن على تموجات وتلوينات أدائية توحي في ذروتها بما يشبه النداء والاحتجاج. أما على مستوى الحضور على الخشبة، فقد اعتادت أن تظهر حافية القدمين، هو بمثابة "اللوك" الذي أرادت أن تتميز به عن غيرها من الفنانات...

وصف صوت آمال بأنه "معقد" يجمع بين موسيقى الروك والهيب، والموسيقى الشرقي.  
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها