الخميس 2017/06/29

آخر تحديث: 11:00 (بيروت)

"أسبوع النقاد" في بيروت.. أشياء تأتي

الخميس 2017/06/29
increase حجم الخط decrease
مرة أخرى سيكون الجمهور اللبناني على موعد مع استكشاف تجارب سينمائية جديدة، قادمة من الدورة الأخيرة لمهرجان "كان" السينمائي، حيث تنطلق الجمعة فعاليات "أسبوع النقاد" الذي تقيمه جمعية متروبوليس بالتعاون مع المعهد الفرنسي في لبنان. 10 أفلام طويلة و11 فيلماً قصيراً ولقاءات مع ثلاثة مخرجين من إيطاليا وفرنسا، تضمها نسخة هذا العام من التظاهرة البيروتية التي بدأت قبل 11 عاماً.


"أسبوع النقاد" هو أقدم الأقسام الموازية للمسابقة الرسمية في "كان"، ويهدف لاكتشاف المواهب الصاعدة عن طريق حصر اختيار أفلامه في 7 أعمال أولى وثانية فقط لمخرجيها من بين أكثر من 1000 فيلم تأتي إلى لجان المهرجان سنوياً. وعلى مدار تاريخ "الأسبوع" الممتد لأكثر من 5 عقود، كان كاشفاً عن مواهب سينمائية كبيرة من أمثال وونغ كار واي، وكين لوتشوليو كاراكاس، وغاسبر نويه، وأرنو ديبلوشان، وفرانسوا أوزون، كما ساهمت التظاهرة في تعريف الجمهور الأوروبي بعدد من الأسماء العربية المميزة كهاني أبو أسعد وتوفيق أبو وائل.

اقترن التجريب واللعب بأفلام "أسبوع النقاد"، فصار من الصعب إيجاد منافذ لعرضها على الجمهور العريض، لذا تنطلق الأفلام سنوياً عقب انتهاء "كان" في جولة عالمية، لإطلاع الجمهور حول العالم على تلك الأعمال الصعبة. هانية مروة، مديرة ومؤسسة "متروبوليس"، شاركت في عضوية لجنة تحكيم "أسبوع النقاد" لهذا العام، ولم تفتها الإشارة إلى أن تأسيس صالة "متروبوليس"، جاء لأسباب مشابهة لتلك التي أوجدت "أسبوع النقاد" في المهرجان العريق، فمتروبوليس منذ بدايتها تكتشف وتعرّف بمخرجين جدد وساهمت في إتاحة الفرصة لمخرجين لبنانيبن وعرب لتقديم أفلامهم بعيداً من ضغوط السوق وحسابات الأرباح، خصوصاً على المخرجين الناشئين. ومنذ السنة الأولى لها، شهدت متروبوليس النسخة الأولى للأسبوع البيروتي، تزامناً مع حرب تموز 2006، ليكون بمقدور الجمهور اللبناني مشاهدة الأفلام القادمة من "كان" بعد شهر تقريباً من عرضها العالمي الأول.

الفيلم الوثائقي الفائز بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد لهذا العام "ماكالا" لإيمانويل غرا (96 د – فرنسا – الأحد 9 تموز)، واحد من أبرز الأفلام المشاركة في دورة هذا العام، بتسليطه الضوء على حياة فلاح كونغولي شاب يحلم بمستقبل أفضل لعائلته، وتكمن ثروته الوحيدة في قوة ذراعيه وأشجار الغابات من حوله وإرادته القوية. لأيام، يتنقل الشاب في طرقات خطرة ومرهقة من أجل تجارته الصغيرة في بيع الفحم في شوارع المدينة، يرزح تحت ثقل حمولته راكباً دراجته الهوائية، وفي الأثناء يكتشف قيمة الجهد والثمن الواجب دفعه من أجل تحصيل أحلامه. "ماكالا" هو الفيلم الثاني للمخرج الفرنسي الشاب، الذي درس التصوير السينمائي في باريس ولا يتواني عن تناول القضايا الاجتماعية المعاصرة في أعماله. ارتفع اسم غرا بعد فيلمه الأول "أبقار"، الذي رُشح لجائزة سيزار لأفضل فيلم وثائقي في 2013، وفي فيلمه الجديد، يؤكد موهبته كمخرج وثائقي مسكون بالشخصي والإنساني، يهتم قبل أي شيء بإبراز تعبيرية الواقع من أجل الوصول إلى جوهر كل شيء تصوّره الكاميرا. يقول المخرج: "لم أرد أن أُظهر رجلاً فقيراً بل رجلاً يعيش حياته".

من البرازيل يشارك فيلم غابرييل، و"الجبل" للمخرج فيليبي باربوسا (127 د- ا الأحد 2 تموز)، الفائز بجائزتي قناة فرانس 4 ومؤسسة غان لدعم توزيع الأفلام، وفيه نتابع حكاية شخصية عن صديق المخرج، غابرييل بوشمان، الذي قرر قبل التحاقة بالجامعة الأميركية أن يسافر حول العالم لمدة عام كامل. بعد عشرة أشهر على الطريق والانغماس في قلوب بلدان مختلفة رفقة حقيبة ظهره الممتلئة بالأحلام الصغيرة، وصل غابرييل إلى كينيا عازماً على اكتشاف القارة السمراء، إلى أن وصل إلى قمة جبل مولانجي جنوب مالاوي في العام 2009، وهناك سيكون مأواه الأخير.

الفيلم هو ثاني أعمال باربوسا، الذي قدّم قبل عامين فيلماً لافتاً، استكشف فيه مسائل التفاوت الطبقي وقضايا الامتيازات بين نخبة ريو دي جانيرو المتخلفة، من خلال قصة شخصية أيضاً تدور أحداثها وسط المنزل الكبير لأسرته، التي تواجه شبح الإفلاس والتفكك. ورغم مجيء غابرييل من الوسط الاجتماعي نفسه لشخصيات فيلمه السابق، إلا أن العملين مختلفان تماماً في النبرة والمقاربة: هناك نقد اجتماعي داخل الشريط، لكنه في الغالب يأتي تحت مظلة من العاطفة الدافئة، التي يفردها المخرج لصديقه الراحل، بمساعدة رجال ونساء التقاهم غابرييل في رحلته الطويلة.

أما في باكورة المخرجة الفرنسية ليا مسيو "آفا" (105 د - الإثنين 10 تموز)، الفائز بجائزة "جمعية المؤلفين"SACD Award، ثمة دراسة حسية بارعة للحياة الجنسية عند المراهقات، من خلال عيون بطلته العنيدة التي يحمل الفيلم اسمها. مراهقة في الثالثة عشرة من عمرها تقضي الصيف على ساحل المحيط الأطلسي، عندما تعلم أنها ستفقد بصرها في وقت أقرب مما كان متوقعاً، فتقرر مواجهة المشكلة الخطيرة بطريقتها الخاصة. بعد بداية آسرة للفيلم، وتصويره للعلاقة المتكسرة بين آفا وأمها العازبة، تتلوّن الحكاية بصبغة سريالية تفتح الطريق أمام الغرابة الصريحة، كما تتحوّل آفا إلى قضاء وقت ممتع في ارتكاب الجرائم بصحبة حبيبها الذي يكبرها سناً. مخرجة الفيلم درست الأدب وتخرجت من قسم كتابة السيناريو في مدرسة "لا فيميس" للفيلم في 2014، وأصدرت ثلاثة أفلام قصيرة حازت التقدير في عدد من المهرجانات الدولية. "آفا" هو واحد من فيلمين لها شاركا في الدورة الأخيرة من مهرجان "كان"، حيث اشتركت مع المخرج أرنو ديبلوشان في كتابة فيلمه الأخير "أشباح إسماعيل"، والذي افتتح فعاليات دورة هذا العام من المهرجان.


في باقي الأفلام، نتابع حكايات مضحكة ومؤلمة عن أشخاص يحاولون الاستمرار في حياتهم رغم النوازل التي تفاجئهم بها الأيام. في "حليب دامي" لأوبير شارويل (90 د – الجمعة 30 حزيران) حكاية بسيطة عن مزارع في الثلاثينيات من عمره يعمل في تجارة الألبان، حياته تدور حول مزرعته وشقيقته الطبيبة البيطرية ووالديه اللذين يتوليان رعاية الماشية، لكن تلك الحياة الهادئة تنقلب فجأة حين يكتشف المزارع إصابة أحد حيواناته بوباء فتاك.

وفي "الكلاب" لمارسيلا سعيد (94 د – السبت 1 تموز)، تقدم المخرجة التشيلية في ثاني أفلامها، حكاية شغف امرأة ارستقراطية في أوائل الأربعينات من عمرها بمدرب الخيل الخاص بها، الذي يكبرها بعشرين عاماً، رغم رفض عائلتها لتلك العلاقة. حكاية حب على تماس مع ميراث الحكم الشمولي لتشيلي، فالعشيق ضابط سابق في الجيش ولديه سجل في انتهاك حقوق الإنسان أثناء حكم بينوشيه، وعائلة العاشقة يحمل تاريخها أسراراً مؤرقة.


وفي "أوه لوسي" لليابانية أتسوكو هيراياناغي (95 د – الإثنين 3 تموز)، سيكون على البطلة  اليابانية أن تتاقلم مع وضعها الجديد بعدما حوّلها رجل إنكليزي وسيم إلى شخصية جديدة اسمها لوسي، ليكون عليها الانتقال من طوكيو إلى كاليفورنيا واختبار عالم جديد عليها. وفي "قصة شبح صقلي" للإيطاليين فابيو غراسادونيا وأنتونيو بياتزا (122 د – الثلاثاء 4 تموز بحضور المخرجين) يقدم الثنائي فيلماً غرائبياً حول اختفاء غامض لأحد الأطفال في الغابة، وفي "بريغسبي الدب" (97 د – الأربعاء 5 تموز) يقف الأميركي دافي ماكاري للمرة الاولى خلف الكاميرا ليحكي حكاية ذلك الشخص الذي تغيرت حياته بانتهاء عرض مسلسله التلفزيوني المفضل، ليكون عليه التعامل مع واقع جديد لا يعرف عنه شيئاً. في "العائلة" للفنزويلي جوستان كوردوفا (82 د –الخميس 6 تموز)، تتسبب البيئة العنيفة لشوارع كاراكاس في دفع أحد الأطفال إلى إلحاق إصابة بالغة بزميل له أثناء اللعب، فيقرر والده الفرار من سكنهم ليكتشف تقصيره تجاه ابنه الوحيد، لكن ذلك الوضع الصعب الذي سيكون عليهم مواجهته معاً سيعمل على تقريبهما أكثر من أي وقت مضى.


إلى جانب ذلك، يعرض خلال التظاهرة مجموعة من الأفلام القصيرة، من أبرزها الفيلم الفائز بجائزة "كانال بلس" "أفضل الألعاب النارية على الإطلاق" (30 د – 8 تموز) للبولندية ألكساندرا تيربنسكا، والذي يقدّم حكاية ديستوبية تدور أحداثها في إحدى الدول الأوروبية غير المسماة تشهد صراعاً عسكرياً محتدماً، ما يفرض على مجموعة من الأصدقاء ضرورة تعديل خططهم بشأن المستقبل. فيلم قصير آخر مميز هو "المعذبون" (18 د – 9 تموز ) للإسبانية لاورا فيرّيس، التي تقدم بورتريهًا لوالدها يواجه فيه نهاية حزينة لتجارة عائلته، ما يجبره على اتخاذ مسار شاق من أجل الحياة الكريمة.

أخيراً، يشار إلى أنه يغيب عن النسخة المحلية لأسبوع النقاد لهذا العام، فيلم "تابو طهران" للمخرج الإيراني علي سوزانده، الذي يتناول مسائل الجنس والبغاء والفساد والمخدرات في مجتمع طهران المحافظ من خلال حكاية 3 نساء متحررات وموسيقي شاب.


*"أسبوع النقاد" من 30 حزيران حتى 10 تموز 2017 في سينما "متروبوليس أمبير صوفيل" - بيروت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها