الإثنين 2017/06/12

آخر تحديث: 11:55 (بيروت)

أشغال فيديو 2017: وِجهة الإبانة

الإثنين 2017/06/12
أشغال فيديو 2017: وِجهة الإبانة
ما زال فن الفيديو في البلاد محكوماً بوجهة بعينها..
increase حجم الخط decrease
ما زال فن الفيديو في البلاد محكوماً بوجهة بعينها. هذا ما يخلص إليه زائر "أشغال فيديو-2017"، الذي تقدمه "أشكال ألوان" في "مركز بيروت للفن". فغالبية الأعمال المعروضة ضمن ذلك النشاط، تكاد تتطابق بموضوعاتها مع الموضوعات التي درج طرحها في أعمال السنوات السابقة.


والتطابق، هنا، لا يعني أن ثمة عملاً يقتدي بآخر شكلانياً فقط، بل من ناحية المقاربة أيضاً، بحيث أنه يذهب إلى همّه على سبيل معالجته، لكنه، سرعان ما يحرفه ليتحول إلى غيره، أي إلى سبيل الإبانة. أعمال "أشغال فيديو-2017"، تبيِّن مشاغلها، إلا أنها لا تعالجها، وبهذا، لا تنطوي على ملامح إبداعية خاصة بها، بل إنها تستعيرها، تقتبسها، وهذا فعل جيد أولياً، قبل أن تتوقف عند هذا الحد.

من الممكن الإشارة إلى تلك الملامح في بعض الأعمال. فـ"إختفاء غويا" لطوني جعيتاني هو فيديو مجمِّع لمواده لكي تخدم فكرةٍ يحتفظ بها الفنان لنفسه من دون أن يبلورها أكثر. يمضي من لوحة "الثالث من أيار" إلى أحد أفلام غودار، وبينهما، يحيلنا إلى حرب الجبل على متن سرد تخييلي، تقطعه، في بعض الأحيان، حوارات لا فائدة منها، بحيث تطيل الجسم المشهدي، إلا أنها لا تنفعه. في هذا الفيديو، الملمح الأساسي هو دمج حابل المراجع بنابلها، أي الإعتماد على تركيبها بلا أي إغتنام ناجع منها، وعندما يحل الخواء في إثر زحمتها، تتكئ الصورة على جمالية الطبيعة، وعلى إلتقاطها من الأعلى.

أما فيديو "مسوخ عادية" لجوني حشيمي فيستند إلى "رصد حالات التوتر والعزلة والإضطراب الذهني" في بيروت، لكنه، وعندما يرصدها في ثلاث شخصيات، لا يدرك كيفيات مقاربتها، بل يكتفي بإظهارها، والإفراط في إظهارها، ما يودي به إلى الوقوع في فخ شبيه بفخ تعنيفها، فضلاً عن تحويلها، أحياناً، إلى مادة للتهكم. فحشيمي مضى بكاميرته إلى هذه الشخصيات، لكنه، فعل ذلك، على سبيل إماطة اللثام عنها، الفعل الذي جعله مساوياً لتصويرها، أو بالأحرى إلتقاطها من كل الجهات، مبدياً، وبلا جهد منه، أوضاعها التعيسة. وبعد هذا، راح يدور في مكانه، ما جعل المشهد ينغلق عليها. ملمح هذا الفيديو الرئيسي هو الإفصاح، الذي يظنه فنانه مشابهاً لرفع الغطاء، لكنه، وبدلاً من ذلك، حوله إلى فعل تلصص، وتلصص بأدنى درجاته أيضاً.

بيد أن فيديو "حاجتين تلاتة نسيت أقولهملك" لأحمد غنيمي يتمحور حول رحلة طفل في الرجاء المدني، وذلك، بصحبة والده. الفيديو يسير، وفي بعض الأحيان، يؤلف مشاهده بطريقة جذابة، غير أنه لا يستمد قوته سوى من فعل التنقل. إذ إنه فيديو "مكاني"، وبالتالي، لا يرتكز سوى على الفضاءات، التي يصورها، ذلك، حتى لو توقفت قصة الطفل بينها. المكان أقوى من السرد، والسرد أضعف من التنقل، وفي المحصلة، يتسم الفيديو بملمح العرض، الذي لا يفضي إلى جوٍ متين، بل إلى إطار مرئي شبه منجز.

وفي المبحث المكاني ذاته، تندرج فيديوات أخرى كـ"صياغة حدود" لمحمد حافضة، أو "ظننت أنني أعرف إلى أين كنت ذاهباً" لمصطفى جندي، أو "من سوريا إلى فلسطين: الأوتستراد" لستيفاني داوور وسيرين فتوح، و"إذن الهبوط" لإيفا ساودرجيت دويهي، أو "Chronicle" لأحمد طرابلسي. فتدور كل هذه الفيديوات، من ناحية، حول مناطق، وأرجاء، ومعالم، ومن ناحية أخرى، تقترب منها على سبيل الإبانة، التي عندما تتطور، تصير توثيقية. فالمسار الفني لهذه الأعمال بدأ، لكنه ما زال يحتاج إلى مزيد من الشق والخرق. ذلك، من دون أن يقرن وسيطه بالمقصد السينمائي، الذي سرعان ما يصبح درامياً، أو "مسلسلاتياً" إذا صحت العبارة، ومن دون أن يتوقف عند إظهار الموضوع بلا معالجته، عند الكلام عنه بلا أي قول فيه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها